رقية السادات: مفيش حد من الضباط الأحرار كافح الإنجليز أو اتسجن قبل الثورة مثل والدي (حوار)
السادات قال لى يوم استشهاده: سجلى العرض هيبقى فيه مفاجآت
والدى اختفى قبل حرب أكتوبر ..وهذا هو سر الرقم 6 فى حياته
والدى لم يكن مديونا.. وتبرع بجائزة نوبل لـ«ميت أبو الكوم»
من غير المعقول أن يقتل السادات فى بلده فى يوم نصره.
عزيز باشا المصرى أبرز شخص أثر فى والدى قبل 52
صلاح ذو الفقار كان «يسهل» لأبى أمورًا كثيرة داخل السجن
زيارته لإسرائيل كانت لحماية شعبه من استنزاف الحروب.. وخشيت اغتياله هناك
عشرات التفاصيل والذكريات التى لا تزال تحيا فى وجدانها ووجدان ملايين المصريين الذين عاشوا سنوات النصر وما تلاها، لكن كبرى بناته لها نصيب الأسد، عن رقية أنور السادات نتحدث، والتى فتحت خزائنها لـ"فيتو" وكشفت أسرار الساعات الأخيرة فى حياة الرئيس الراحل.
وتحدثت عما تيسر من سيرة رجل الحرب والسلام من حيث النشأة والتربية وعلاقته بأسرته وأولاده وكواليس الحرب وما بعدها كما تحدثت عن الرقم «٦» فى حياة والدها، وكشفت حقيقة وفاته مديونا، وأبرز وصاياه لها، ومشاعرها عندما رأت قتلة «السادات» يحتفلون بذكرى النصر فى زمن الإخوان، وعلاقتها مع جيهان السادات وإلى نص الحوار:
*بداية.. كم عشتِ مع والدك أنور السادات؟
عشت معه أربعين عاما؛ نظرا لكونى البنت الكبرى له، و41 عاما حاليا على وفاته، فارقنى بجسده لكنه لا يزال معى بروحه وسيرته الخالدة، وأحيى ذكراه باستمرار.
أنا البنت الكبرى لأنور السادات، وكنت مسئولة عن إخوتى الصغار، وفى حال وقوع خطأ منهم كان يعاقبنى أنا على هذا الخطأ. لم يكن يضربنى أبدا على الخطأ لم يمد يده على أى منا لكن حديثه كان أشد من الضرب.
*كم أخ وأخت لكِ من الزعيم الراحل؟
6 بنات وجمال أخى الذى كان يتوسط الكبيرات الثلاثة والصغيرات الثلاثة.
*من هم الشخصيات الذين أثروا فى شخصية أنور السادات؟
-عزيز باشا المصرى من أبرز الشخصيات التى أثرت فى والدى لا سيما قبل ثورة 52.
*ما سر الرقم ٦ فى حياة الرئيس السادات؟
الرقم ٦ يمثل الكثير لأنور السادات؛ نظرا للأحداث التى حدثت فيما يخص هذا الرقم، ومنها السادس من أكتوبر والدى أيضا التحق بالكلية الحربية عام ١٩٣٦، وتم اغتياله فى السادس من أكتوبر، بالتالى الرقم ٦ يمثل الكثير فى حياة أنور السادات.
هل علمتم بحرب السادس من أكتوبر قبلها؟
لم نكن نعلم نهائيا عنها شيئا، بابا كان يختفى ولا نعلم عنه شيئا، لم نكن نعلم أين يذهب، لكن المهم عمو فوزى رحمه الله السكرتير الخاص بوالدى عندما أسس والدى جريدة الجمهورية عام 1954 كانت سيارة الحرس وراء سيارته وهذه السيارة كانت تنتظر الرئيس فى الأسفل، وكان عمو فوزى رحمه الله معه، وكان أيضا معه ضابط آخر اسمه عبده الدمرداش، كانا ملازمين لوالدى.
*هل علمتم بحرب السادس من أكتوبر قبلها؟
لم نكن نعلم نهائيا عنها شيئا، بابا كان يختفى ولا نعلم عنه شيئا، لم نكن نعلم أين يذهب، لكن المهم عمو فوزى رحمه الله السكرتير الخاص بوالدى عندما أسس والدى جريدة الجمهورية عام 1945 كانت سيارة الحرس وراء سيارته وهذه السيارة كانت تنتظر الرئيس فى الأسفل، وكان عمو فوزى رحمه الله معه، وكان أيضا معه ضابط آخر اسمه عبده الدمرداش، كانا ملازمين لوالدى.
*كيف كانت مواعيد زيارة والدك لكم فى المنزل؟
أنا شخصيا كنت أراه باستمرار، كان متابعا لتربيتنا من داخل البيت؛ نظرًا لكونه يحصل على التقارير من والدتى، كان يحضر كل شهر لنا وفى أوقات أخرى قبل الشهر، وكانت زيارته مفاجئة حتى يعلم ماذا نفعل وكان يقول لوالدتى: “يا إقبال اكسرى للبنت ضلع يطلع لها ٢٤.
*هل غاب عنكم فترة قبل حرب أكتوبر؟
بالفعل غاب عنا قبل الحرب بـ ٣ أشهر، كان عمو فوزى السكرتير الخاص به هو من يطمئننا عليه، كانت هناك مراوغات، كأن يقال لنا: إنه فى سفر وهو لم يكن مسافرا، وكنا نسأل عمو فوزى: هل أنت مسافر معه؟ فيقول: نعم، لكنى فى مكان وهو فى مكان آخر، وعندما كنت أسأله: كيف وأنت الحرس الخاص به؟ فيجيبني: “ هذا هو النظام حاليا.. لم نكن نعلم عنه أى شىء”، كان يختفى فى استراحة المعمورة، ولم يكن يعلم أحد أنه متواجد هناك، ويرتدى الملابس المدنية، ولم يكن أحد يشعر به، أو يذهب إلى قرية ميت أبو الكوم بالمنوفية، كانت روحه متعلقة بها للغاية، وأيضا كانت هناك استراحة الفرسان فى الإسماعيلية، كان يختفى هناك أيضا وحتى فى أواخر أيامه كان يذهب إليها باستمرار.
*ماذا عن بداية السادات والظروف التى عاشها قبل انضمامه للضباط الأحرار؟
- مع احترامى لأعضاء مجلس الثورة جميعهم، لم يكن أحد فيهم له كفاح وطنى قبل الثورة غير أنور السادات؛ لأنه كان يكافح ضد الإنجليز قبل ثورة 32يوليو، وحكم عليه بالسجن أكثر من مرة، وكان ضمنها سجن أرميدان، وكنت قد كبرت وأذهب لزيارته فى سجن أرميدان المجاور لكوبرى السيدة عائشة حتى الآن عندما أكون هناك أنظر إلى أرميدان، وعلى الرغم من ذلك هو أكرم الملك فاروق للغاية، وعندما كنا فى كوبرى القبة حيث نقيم، منزلنا كان على شريط القطار، وكان يفصلنا عن قصر الملك شريط القطار، وكنت أقف يوم الجمعة وأكون سعيدة للغاية وأنا أرى موكب الملك أمامى وهو ذاهب لصلاة الجمعة وهذا الأمر مؤثر معى للغاية وخلق عندى حالة من التعاطف معه؛ نظرا لكونه كان طيبا.
*ماذا عن الفترة التى قضاها السادات فى السجن وقصته مع صلاح ذوالفقار؟
رأيت صلاح ذو الفقار؛ عندما كان ضابطا فى سجن أرميدان، وعندما حصل جدى على إذن لزيارة بابا فى سجن أرميدان، استقبلنا الضابط النبطشى صلاح ذو الفقار حيث كان متخرجا جديدا من البوليس، فأخذنى وحملنى وأنا طفلة وأتى لى بعلبة شيكولاتة وقال لى: بابا دلوقتى جاى وكويس جدا، فخرجت أنظر فى الخارج بالساحة رأيت أناسا يُجلدون فصرختُ، وذهبت إلى صلاح ذو الفقار، وقلت له: الحق.. بيضربوا بابا بالكرباج، فقال لى: بابا ليس هنا، لكنه فى حجرته وسيأتى الآن وعندما جاء أبى قال لى: لماذا تبكين فقلت له: افتكرت أنهم بيضربوك، فقال لى: لا يا بنتى هيضربونى ليه؟ فقلت له :لماذا أنت مسجون؟ فقال لي: عشان عاوز أطلع الإنجليز من البلد، وهذه هى قصته مع صلاح ذو الفقار، كانت العلاقات قوية للغاية، كان صلاح ذو الفقار يسهل للرئيس السادات أمورا كثيرة داخل السجن، وكلنا نعلم أن الإنسان الحر يحترم الإنسان الحر مثله.
*كيف رسخت جدة السادات فيه حب الوطنية؟
جدته أم محمد كانت سيدة وطنية، كانت تحكى له عن الوطنية وعن الإنجليز المحتلين للبلد، وكل هذه الأمور ترسخت فى عقل والدى منذ أن كان صغيرا، جدته لفتت نظره منذ صغره إلى أن “الإنجليز محتلين بلدنا ولازم نخرجهم”.
*ما أهم قرار كان السادات يعتزم اتخاذه قبل استشهاده؟
ربنا وفقه فى الحرب وانتصر، وأعاد أرضه واستعاد شرفه، ولكن بعد ذلك أبرم مبادرة السلام بيننا وبين إسرائيل، فى الماضى كان كل ١٠ أو 12 سنة تندلع حرب بيننا، حاربنا إسرائيل ١٩٤٨ و ١٩٥٦ و ١٩٦٧ وانتصرت علينا، السادات انتصر فى ١٩٧٣ وتوج الانتصار باتفاقية السلام، من ٤٥ سنة ليس هناك حروب بيننا وبين إسرائيل بناء على اتفاقية السلام، كنا نستنزف بدنيا وماليا بسبب الحروب.
*كيف استقبلتم خبر استشهاد الرئيس السادات؟
يوم لن أرى شبيهه ثانية، ولن أستطيع أن أستوعبه مرة أخرى، كنت قد حدثته هاتفيا قبل العرض؛ حيث كان لدى مشكلة عائلية، فقلت له: “ نريد تصفية هذا الأمر يا بابا، بعد العرض.. سأتى إليك لكى ننهى هذا الأمر»، فردَّ علىَّ قائلًا: “يا رقية يا بنتى بعد العرض سأذهب إلى وادى الراحة، وهو من اكتشف هذا الوادى وكان له كشك خشبى يجلس فيه، فقلت له: ” مش هينفع يابابا، أتى مع حضرتك، فرد على: خلاص يا رقية يا ابنتى، نبقى بعد ما أجى، بس عاوز أقولك حاجة يا رقية يا بنتى.. كان يسمينى براقية.. قلت له: نعم ياحبيبى، قال لى :سجلى العرض، قلت له: ليه يا بابا، قال لى: هيبقى فيه مفاجآت يا ابنتى، قلت له: مفاجآت إيه يا بابا سلاح ولا ذخيرة ولا إيه؟ قال لى: لما تسجليه هتعرفى.
*وهل علمت بمقتله على الهواء ؟
كنت أسجل وأتفرج حتى صُدمت بالمشهد الأسوأ، لقد شاهدت قتله على الشاشة، لم أكن أعلم أنه مات، ظننت أنه أصيب، كانت فجيعة بالنسبة لنا، لم أكن أستطيع الاحتمال على الإطلاق، بعدما رأيت التسجيل بالتليفزيون تحدثت إلى سكرتيره الأستاذ عدنان رحمه الله وقلت له: يا أستاذ عدنان طائرة بابا لم تذهب إلى المنزل، فقال لي: إزاى قلت له من يفصل بينى وبين والدى نهر النيل هو على النيل من الشمال وأنا من اليمين لم أسمع الطائرة عند البيت، بابا فين؟ قال لي: أبدا دى حاجة بسيطة، وسمعت صوته يبكى، قلت له: لماذا تبكى قال لى: ولا حاجة، الطائرة ذهبت لمستشفى المعادى، قلت له: لماذا؟ قال لى: جرح بسيط فى رجله وجاى دلوقتى على طول! قلت له: أنت متأكد؟ ثم ذهبت إلى المنزل وبعدها بفترة وجدت عمى عفت السادات يبكى ومنهار.
*هل مات الرئيس السادات وعليه ديون؟
لم يكن عليه أى ديون، والدى عندما حصل على جائزة نوبل كان لها مردود مالى، وبعدها كتابه البحث عن الذاتو بالتالى البحث عن الذات وجائزة نوبل كان لهما مردود مالى كبير من مجهوده الشخصى وأمواله الشخصية من المفترض تعود علينا كأسرته، لكنه أورثنا مجدا لا يعوض بأموال، مجدا يستمر مدى الحياة لنا ولأحفاد أحفادنا.
*كيف استقبلتم خبر زيارة الرئيس السادات لإسرائيل؟
عندما سألته فى هذا الأمر قال لى: عاوزه تيجى معانا يا راقية يا بنتى تعالى، هو كان متواجدا حينها فى الإسماعيلية، قال لى :يا بنتى أنا رايح أسعى للسلام، مش رايح عشان أحارب، وقال لى إنهم سيتفهمون هذا الأمر جيدا؛ لأن كفانا يا بنتى حروب بقى، وأنا بكفى ويلات الحروب لشعبى وبلدى.
كما أن خطابه فى الكنيست الإسرائيلى أبهر الجميع، وفى آخر الخطاب يقول دعاء سيدنا زكريا، كنت خايفة عليه للغاية من زيارة إسرائيل، لم أكن أستبعد أن يتم اغتياله هناك، لكن كنت أقول: ليس من المعقول أن يذهب لزيارة سلام ويقتل.. لكن غير المعقول أن يقتل فى بلده فى يوم نصره.
*كيف تواصلت مع والدك مع انطلاق الحرب؟
علمت وقتها من التليفزيون، فتحدثت مع عمو فوزى سكرتير والدى، وكان يحبه للغاية وكان يده ورجله بالنسبة له ولنا أيضا، قلت له: هل صحيح ما أسمعه حاليا؟ قال لى: طبعا، قلت له: سمعت خبر وفاة عمى عاطف، قال لي: للأسف هو استشهد بالفعل، قلت له بابا عامل إيه؟ قال لى: سيادة الرئيس فى مركز القيادة، قلت له: عاوزه أسمع صوته، قال لى: أنا هقوله وهكلمك تانى، بعدها بـ ٤ ساعات كلمنى، وقال لى: سيادة الرئيس معاكى أهو، قلت له: بابا مبروك يا حبيبى وألف مبروك وتكمل النصر على أيديك، لكن يابابا عاوزه أسأل سؤال: هل عمى عاطف مات فعلا؟ فقال لى: يا بنتى عمك عاطف مش كبير أنه يستشهد عشان بلده!
كان فى قمة الهدوء، رغم أن عاطف شقيقه المقرب له للغاية، وكان يجلس معه فى بيت الجيزة، وتم دفن عمى عاطف بعد ذلك فى ميت أبو الكوم بالمنوفية بعد الحرب، فى المفاوضات طلب والدى من إسرائيل أن تأتى برفات شقيقه عاطف وجاءت الرفات ودفن فى ميت أبو الكوم، وبابا أصدر أوامره: محدش يلبس أسود على شهيد.
*ماذا عن صعوبة تلك الفترة؟
كانت صعبة للغاية، وكنت قلقة على بابا للغاية؛ نظرًا لأنه كان يعانى من متاعب فى القلب سببت له ذبحتين قبل ذلك.
*وماذا عن علاقتكم بالسيدة جيهان السادات؟
كانت العلاقة طيبة فى مجمل تفاصيلها، وبابا لم يتخل عنا يوما ولم يبخل علينا بشيء، وأمر لأمى بمعاش استثنائى؛ حتى لا تحتاج شيئًا من أحد.
*ما أبرز وصايا والدك لكِ؟
بابا أعطانى الوصايا العشر وأهمها: الاهتمام بصحتى وكذا الاهتمام بأمى وبأولادى وإخوتى وألا أنساه أبدًا، وكيف أنسى أبا عاش نزيها طول عمره وصاحب سيرة استثنائية.
*كيف رأيتِ حكم الإخوان لمصر وجلوس قتلة الرئيس فى المنصة؟
كانت مصيبة أن يتم العفو عمن قتلوه، وتكريمهم وإشراكهم فى الاحتفال بذكرى النصر.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…