وزير المالية خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين: التحديات بالغة الخطورة نتيجة كورونا والحرب الأوروبية.. وعلى المجتمع الدولي التعاون بشكل أكبر للتغلب على المخاطر الاقتصادية
يشارك الدكتور محمد معيط وزير المالية يرافقه أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، فى الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن منذ يوم الثلاثاء الماضي، وحتى 15 أكتوبر الحالي، تحت عنوان: «الوحدة وقت الأزمة»؛ لتبادل الرؤى والأفكار وتقديم حلول فعَّالة للآثار الناجمة عن الأزمات الاقتصادية العالمية المتعاقبة، وإبراز أهمية الدور الجماعى لمختلف البلدان بالتعاون مع مؤسسات التنمية الدولية في التغلب على تداعيات التحديات العالمية، والمضى قدمًا نحو التعافى الاقتصادى بمختلف المجالات.
قدرة الاقتصاد على التعافي الأخضر
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الاقتصاد المصرى بات أكثر قدرة على «التعافي الأخضر» رغم قسوة التحديات العالمية حيث اكتسب قدرًا من الصلابة يمكنه من التعامل الإيجابي المرن مع الأزمات الدولية، على نحو يدفعنا للاستمرار في إجراء الإصلاحات الهيكلية بإرادة سياسية قوية، لتوطين الصناعة والاعتماد على الإنتاج المحلى، مستهدفين المزيد من الاستثمارات التنموية خاصة فى المشروعات الخضراء، بما فيها الهيدروجين الأخضر، من خلال العمل الجاد على تمكين القطاع الخاص المحلي والأجنبي من قيادة قاطرة النمو الاقتصادى المستدام والغنى بالوظائف، من أجل توفير مليون فرصة عمل سنويًا.
وثيقة سياسة ملكية الدولة
وتابع أنه يتم فى سبيل تحقيق ذلك إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تفتح آفاقًا جديدة نتطلع من خلالها لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة ١٠ مليارات دولار سنويًا خلال الأعوام الأربعة المقبلة، على نحو يُسهم فى تحقيق التنمية المستدامة، وتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، موضحًا ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لأعلى معدل خلال ١٠ سنوات، لنحو ٨،٩ مليار دولار بنسبة نمو ٧١،٤٪ خلال العام المالى الماضى، مقارنة بالعام المالي ٢٠٢٠/ ٢٠٢١.
التحديات بالغة الخطورة
وأضاف الوزير، على هامش مشاركته في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، أن التحديات بالغة الخطورة المترتبة على تشابك الآثار السلبية لجائحة «كورونا» والتبعات غير المسبوقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية تفرض على المجتمع الدولي التعاون بشكل أكبر؛ للتغلب على المخاطر الاقتصادية الراهنة والمحتملة على نحو يُساعد في مساندة الاقتصادات الناشئة بحيث يكون هناك دور أكبر لشركاء التنمية الدوليين في توفير التمويلات الميسرة؛ خاصة على ضوء توقعات صندوق النقد والبنك الدوليين بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وأوضح الوزير، أن الحكومة المصرية تتعامل بشكل أكثر مرونة مع التداعيات شديدة التعقيد للأزمة الاقتصادية العالمية من خلال الاعتماد على منهجية متوازنة بين تحقيق الانضباط المالى وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا من خلال رفع كفاءة الإنفاق العام، وإعادة ترتيب الأولويات، من أجل احتواء الصدمات بشكل يُساعد على تجنب المخاطر الاقتصادية الحادة ويضمن صون المسار الاقتصادي الآمن للدولة.
تخصيص حزمة استثنائية
ولفت إلى تخصيص حزمة استثنائية بنحو ١٣٥ مليار جنيه، وبدء صرف حزمة مساعدات استثنائية لـ ٩،١ مليون أسرة من الأسر الأولى بالرعاية لمدة ٦ أشهر، إضافة إلى برنامج «تكافل وكرامة» الذي يغطي نحو ٢٠٪ من المواطنين، إلى جانب تحسين هيكل الأجور والمعاشات؛ بما يُسهم فى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين بقدر الإمكان، والحد من الآثار التضخمية غير المسبوقة للحرب فى أوروبا.
سياسات استباقية
وأضاف الوزير، أننا انتهجنا فى مصر، سياسات استباقية للتكيف مع الصدمات الخارجية، والحفاظ على استقرار الأداء المالي، ودعم برامج الحماية الاجتماعية، وأننا ماضون فى مسيرتنا الاقتصادية والتنموية، ونجحنا خلال العام المالى الماضى المنتهى في يونيو ٢٠٢٢، في تحقيق معدل نمو ٦،٦٪، وفائض أولى ١،٣٪، وخفض العجز الكلى إلى ٦،١٪ من الناتج المحلي، والوصول بمعدل دين أجهزة الموازنة إلى ٨٧،٢٪ من الناتج المحلي، ونستهدف خفضه إلى ٧٥٪ بحلول عام ٢٠٢٦.
وأوضح الوزير، أن هناك عددًا من القطاعات الحيوية حققت أداءً جيدًا رغم ما يشهده الاقتصاد العالمى، من تحديات غير مسبوقة، حيث حققت قناة السويس أعلى عائد بنحو ٧ مليارات دولار، كما سجل قطاع النفط فوائض بنحو ٥ مليارات دولار، بينما تبلغ صادراتنا من الغاز الطبيعى شهريًا ٦٠٠ مليون دولار، ونستهدف زيادتها إلى مليار دولار في يناير المقبل، فضلًا على ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة ٣٠٪ سنويًا.
الاقتصادات الناشئة الأكثر تضررًا
وأكد معيط، أن الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية تعد الأكثر تضررًا من الحرب في أوروبا، وتداعياتها شديدة التعقيد، حيث تسببت الأزمات المتوالية بدءًا من جائحة كورونا وحتى الأزمة الأوكرانية، في موجة تضخمية عالمية حادة، أدت إلى زيادة أسعار السلع الأساسية والوقود؛ نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، ورفع تكاليف التمويل، على نحو ينعكس فى تقليص جهود التنمية الشاملة والمستدامة دوليًا في مختلف البلدان، وهو ما يتطلب تبادل الأفكار والرؤى والخبرات للوصول إلى الحلول المرنة لتنويع مصادر التمويل، وجذب المزيد من الاستثمارات؛ لدفع عجلة الإنتاج وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية بالدول الأفريقية.
جاء ذلك خلال لقاء وزير المالية مع نظرائه الأفارقة بحضور صندوق النقد الدولي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا على هامش مشاركته فى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن.
صندوق النقد الدولي
وأكد معيط أهمية تكثيف جهود التعاون الدولي من أجل مساعدة الدول النامية والأفريقية والاقتصادات الناشئة؛ لخفض أعباء الديون، وتكلفة خدمتها عليها وتوفير فرص تمويلية مناسبة، وتشجيع مبادرات مبادلة الديون المستحقة على تلك الدول بآليات تنفيذية سريعة وأخرى متعددة الأطراف لتوجيهها لمشروعات الاستدامة، على النحو الذى يُمكِّنها من احتواء الصدمات العالمية وتبعاتها في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تُجابهها.
الأمن الغذائي الأفريقي
وأشار الوزير، إلى ضرورة تحقيق الأمن الغذائي الأفريقي الذى أصبح أولوية قارية ملحة تتطلب الاستغلال الأمثل للموارد القارية المتاحة، والتوسع في الإنتاج الزراعي والصناعي، بما يُسهم في توفير احتياجاتنا، وتشكيل سلاسل توريد أفريقية تجعل قارتنا «سلة غذاء» تصدر منتجاتها إلى جميع دول العالم، واستحداث آلية مرنة لتبادل السلع الأساسية بين دول القارة السمراء، خاصة القمح والأسمدة على نحو يُساعد في تعظيم قدرات الاقتصادات الأفريقية، وتوسيع حجم التجارة البينية، وتحسين القدرات التنافسية لاقتصادات دول القارة؛ لضمان تماسكها وصلابتها في مواجهة مختلف الأزمات.
الاقتصاد المصرى
وأوضح وزير المالية أن الاقتصاد المصرى بات أكثر تماسكًا ومرونة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ نتيجة للتنفيذ المتقن لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الدولة على مدار الأعوام الماضية، على النحو الذى مكننا من تحقيق وفورات مالية لاتخاذ حزم استباقية للتكيف مع تداعيات الأزمات العالمية حيث بادرت الحكومة المصرية بتبنى عدد من المبادرات والبرامج لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية حيث تم تخصيص حزمة استثنائية بنحو ١٣٥ مليار جنيه، وصرف مساعدات استثنائية لـ ٩،١ مليون أسرة من الفئات الأولى بالرعاية لمدة ٦ أشهر، إلى جانب تحسين هيكل الأجور والمعاشات.