وزير الزراعة: 20 دولة فقط تتسبب في 80% من انبعاث غازات الاحتباس الحراري
أكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن استضافة مصــر لمؤتمــر الأطراف للأمم المتحدة للتغيرات المناخية (COP27)، من شأنه خلق فرصــة غيــر مســبوقة للــدول الأعضــاء للتوســع فــي جهودهــا الراميــة إلــى تنفيــذ الاجراءات المتعلقـة بالمنــاخ والحلـول التـي تتنـاول قضايا نـدرة الميـاه والطاقـة والنظـم الغذائيـة مع دعم قدرة صغار المزارعين والمربين على تحمل الخسائر والأضرار والصمود في مواجهة هذه التغيرات وخاصة المرأة والشباب.
جاء ذلك خلال كلمته في الدورة الـ 50 للجنة الأمن الغذائي العالمي، بمقر منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، بالعاصمة الإيطالية روما، بحضور السفير جابريل فيريرو – رئيس لجنة الأمن الغذائي، وعدد من الوزراء وسفراء الدول الأعضاء.
واعرب الوزير عن تطلع مصر للبناء على ما تحقق في جلاسكو، وترجمة التعهدات إلى أفعال ملموسة، وسوف نعمل سويًا بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والتي سوف تستضيف المؤتمر الثامن والعشرين (COP28 ) بأن تكون المخرجات على قدر المسئولية وأن تراعى مصالح الدول المتأثرة بتداعيات تغير المناخ.
وأشار إلى أن القيادة السياسية فى الدولة المصرية ستسعى إلى خروج قمة المناخ بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ لرفع طموح عمل المناخ بكافة مكوناته، سواء على صعيد خفض الانبعاثات أو التكيّف، وذلك للبناء على النتائج الإيجابية لمؤتمرات المناخ السابقة ومؤكد في هذا الإطار إلى أهمية دعم القارة الأفريقية لمواجهة هذه الأزمة، بما في ذلك توفير تمويل المناخ المُيسر.
وتوجه وزير الزراعة بالشكر الى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) على التعاون المثمر مع مصر على إنجاح مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام، والمقرر والتي سيتم إطلاقها بصورة رسمية في مؤتمر المناخ (COP27) بمدينة شرم الشيخ، وبالشراكة مع أصحــاب المصلحـة العالمييـن والإقليمييـن والوطنييـن والمؤسسـات الشـريكة، الذين أسهموا بشكل فعال في مراحل إعداد هذه المبادرة.
ونقل وزير الزراعة تحيات جمهورية مصر العربية قيادةً وحكومةً وشعبًا وتمنياتهم لنجاح هذه الدورة والخروج بتوصيات ومحاور فاعلة فى سبيل دعم منظومة الأمن الغذائى لشعوب العالم أجمع.
وأشار وزير الزراعة إلى أن توقيت انعقاد الدورة الخمسين لمؤتمر لجنة الأمن الغذائي العالمي تأتي في توقيت دقيق للغاية تتعاظم فيه قضية التنمية المستدامة وملف الأمن الغذائي في ظل الأزمات والتحديات التي تواجه العالم أجمع بلا استثناء بدءًا من أزمة كورونا ومرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية مع تزايد مخاطر التغيرات المناخية، لافتا الى ان تلك التحديات والأزمات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول من خلال تقييد حركة التجارة الدولية والتأثير على سلاسل الإمداد والتوريد مع إرتفاع أسعار الطاقة والسلع والمنتجات ونقصها فى بعض الدول وارتفاع أسعار الشحن والنولون والتأمين مع إنخفاض إنتاجية معظم المحاصيل الزراعية.
واضاف ان ذلك أدى إلى الحد من قدرة بعض الدول ومنها المتقدمة على توفير الغذاء بالقدر الكافى لشعوبها، وجميعها مؤشرات أكدت أن الأموال وحدها لا تكفي لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب.
وأكد القصير ان تغير المناخ يعتبر هو القضية الأهم في الوقت الحالي والتي تشغل بال جميع الدول والمؤسسات الدولية، مشيرا إلى أن الآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم والخسائر، لافتا إلى أن العالم كله قد تابع باهتمام هذا الكم الكبير من الحرائق والفيضانات والسيول والجفاف الذى أصاب مناطق متفرقة من العالم آخرها ما حدث لدولة باكستان الشقيقة والصديقة وغيرها من البلدان في مناطق متفرقة من العالم لم يسبق أن تعرضت لمثل هذه الظواهر من قبل، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية في بعض المناطق وتسببت فى الكثير من الخسائر والأضرار في الأرواح والممتلكات.
وقال القصير إن زيادة حدة الجفاف وتدهور التربة وزيادة مساحات التصحر وقلة الأمطار والتي تسببت في فقدان العالم لملايين الهكتارات سنويًا، بالإضافة إلى زيادة حدة التأثير على المناطق الهامشية خاصة وأن أغلب سكانها من السيدات وكبار السن مع إحداث تغير كبير فى نظم الزراعة والغذاء، لافتا إلى أنه على الرغم من أن مصر هي واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إذ تبلغ نسبتها 0.6 ٪ فقط، إلا أنها تعتبر واحدة من الدول كغيرها من الدول الأفريقية التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ.
وأضاف أن الدراسات تشير إلى أن 20 دولة (وهي الدول الصناعية الكبرى) هي المسببة لأكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم فإنه يجب على هذه الدول والمؤسسات الدولية التأكيد على خفض الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري جنبًا إلى جنب مع دعم الدول النامية الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية نظرًا لمساهمتها المحدودة جدًا في هذه الانبعاثات واحتياجاتها إلى تمويل يتناسب مع برامج التكيف المطلوب لدعم منظومة الأمن الغذائي بها.
وأشار وزير الزراعة إلى أن السوابق التاريخية توضح أن معظم المشاكل على سطح الأرض هي من صنع البشر وبالتالي يجب أن تُحل من خلال البشر أنفسهم، مستشهدا بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال منتدى الشباب في يناير 2022: "إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الموجود على الأرض القادر على الإصلاح والإعمار بقدر ما هو قادر على التدمير، وأن وجود الخطر لا يمنع وجود سبيل لمجابهته إذ أن تغير المناخ يمثل تهديدًا وجوديًا للكثير من الدول والمجتمعات على نحو لم يعد ممكنًا معه تأجيل تنفيذ التعهدات والالتزامات ذات الصلة بالمناخ، حيث سيكون التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية أكثر صعوبة وتكلفة في المستقبل وضياع لحقوق الأجيال القادمة إذ لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية لمكافحة التغيرات المناخية الآن وقبل فوات الأوان"
واضاف ان الدولة المصرية، وتنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، تم تدشين إطار مؤسسي ينظم الجهود المتعلقة بملف التغيرات المناخية ومنها إنشاء "المجلس الوطني للتغيرات المناخية" برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، مع إصدار أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط، وإعداد الخريطة التفاعلية لمخاطر التغيرات المناخية في المناطق المختلفة، بالاضافة الى اتخاذ اجراءات من شأنها زيادة جاذبية مصر للاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة حيث أصبحت مصر من أفضل 20 دولة على مستوى العالم.كما تحركت مصر وبخطى ثابتة نحو تصنيع الهيدروجين الأخضر واتخاذ خطوات جادة وهامة لتسريع الانتقال إلى نموذج تنموي شامل وأكثر استدامة وقدرة على الصمود، حيث اشار القصير إلى مبادرة حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطوير قرى الريف المصري.
وأوضح الوزير إن مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام (FAST) والتي نعلن عن الإطلاق الناعم لها من خلال مؤتمركم هذا تمثل فرصة كبيرة للدول المشاركة فيها ولشركاء التنمية بهدف التحول إلى بناء نظم زراعية وغذائية صحية أكثر استدامة وأكثر قدرة على الصمود وأكثر كفاءة وشمولًا بما تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة باعتبارها جزءًا استراتيجيًا من الاستجابات الوطنية والعالمية للتحديات الحالية والمستقبلية.
وأشار إلى أن رؤية المبادرة الجديدة تأتي استجابة للأدلة القائمة على العلم، وإن الهدف الطموح لها هو تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها أن تؤدي إلى تحسين العمل المناخي والدعم بما في ذلك التمويل للتحول المستدام للانظمة الزراعية والغذائية بحلول عام 2030، مع دعم الأمن الغذائي والاقتصادي، موضحا أنها ستكون عبارة عن شراكة متعددة لأصحاب المصلحة تعمل كمسرّع للتحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية، وستبني المبادرة على أكثر المبادرات والشبكات والائتلافات العالمية والإقليمية ذات الصلة وتشاركها وتكملها، حيث يوجد تقارب في نهج مبادرة FAST و"عمل كورونيفيا المشترك بشأن الزراعة" والذي يدعم قطاع الزراعة في التكيّف مع تغيّر المناخ والتخفيف من حدته.
واقترح الوزير بأن يكون لحوكمة المبادرة وجود رؤساء مشاركين يمثلون المجموعات الخمس التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ممثلة على الأقل برئاسات مؤتمر الأطراف، أحدهما من البلدان المتقدمة والآخر من البلدان النامية لمدة عامين، لافتا الى انه سيتم الاتفاق على مشروعات رئيسية طموحة للمزج ما بين التكيف والتخفيف، وستكون منظمة الأغذية والزراعة هي المسئولة عن متابعة العمل.