رئيس التحرير
عصام كامل

صناع‭ ‬الملحمة.. "‬فيتو" ‬‭ ‬تحاور‭ ‬أبطال‭ ‬أكتوبر‭ ‬فى‭ ‬السويس.. علي محمد "صائد الطائرات".. و"إبراهيم" تخصص كمائن للعدو

 ‬أبطال‭ ‬أكتوبر
‬أبطال‭ ‬أكتوبر

أكتوبر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مختلف‭ ‬تماما،‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬49‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬الاحتفالات،‭ ‬اختارت‭ ‬‮ «‬فيتو‮» ‬‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬أبطالها‭ ‬فى‭ ‬محافظاتهم‭ ‬ومنازلهم،‭ ‬خصوصا‭ ‬الذين‭ ‬يسكنون‭ ‬فى‭ ‬محافظات‭ ‬القناة‭ (‬الإسماعيلية‭ ‬–‭ ‬السويس‭ ‬–‭ ‬بورسعيد‭)‬،‭ ‬ولهم‭ ‬قصص‭ ‬مباشرة‭ ‬فى‭ ‬مقاومة‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬ترتبط‭ ‬بمكان‭ ‬الميلاد،‭ ‬هذه‭ ‬المحافظات‭ ‬التى‭ ‬واجه‭ ‬أهلها‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‭ ‬فى‭ ‬المعارك،‭ ‬وكل‭ ‬محافظة‭ ‬منها‭ ‬لها‭ ‬قصة‭ ‬فى‭ ‬الصمود‭ ‬والتحدى‭.‬


محمد‭ ‬حجازى‭.. ‬عزيمة لحظات العبور
محافظة‭ ‬السويس‭ ‬الباسلة،‭ ‬التى‭ ‬حطم‭ ‬شعبها‭ ‬أوهام‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬احتلالها،‭ ‬ولقنوا‭ ‬الأعداء‭ ‬درسا‭ ‬لن‭ ‬ينسوه‭ ‬أبدا‭ ‬عندما‭ ‬خرج‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬منزله‭ ‬يحمل‭ ‬ما‭ ‬يجده‭ ‬من‭ ‬سلاح‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬دبابات‭ ‬ومجنزرات‭ ‬العدو‭ ‬وضربوا‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬فى‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭.‬


بعد‭ ‬سنوات‭ ‬الحرب‭ ‬الطويلة،‭ ‬تغيرت‭ ‬ملامح‭ ‬مدينة‭ ‬السويس‭ ‬حيث‭ ‬تسببت‭ ‬غارات‭ ‬العدو‭ ‬فى‭ ‬هجرة‭ ‬أهلها‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬المحافظة،‭ ‬وتهدمت‭ ‬المساكن‭ ‬التاريخية‭ ‬تحت‭ ‬قصف‭ ‬العدو‭ ‬المتغطرس‭ ‬طوال‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬لاحتلاله‭ ‬سيناء،‭ ‬وقد‭ ‬أحدث‭ ‬العدو‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬عندما‭ ‬تركزت‭ ‬نيران‭ ‬مدفعيته‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬تجاه‭ ‬السويس،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬الدشمة‭ ‬الغول‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تقصف‭ ‬مصانع‭ ‬الزيتية‭ ‬والأربعين‭ ‬وعتاقة‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬عيون‭ ‬موسى‭ ‬وكانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬6‭ ‬مدافع‭ ‬على‭ ‬ربوة‭ ‬عالية‭ ‬تم‭ ‬إخفائهم‭ ‬تماما،‭ ‬وعمل‭ ‬أبواب‭ ‬فولاذ‭ ‬عليهم‭ ‬يخرج‭ ‬المدفع‭ ‬ويضرب‭ ‬الهدف‭ ‬ثم‭ ‬يعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لمكانه‭ ‬ويختبئ‭.‬


أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬السويس‭ ‬مدينة‭ ‬أخرى‭ ‬كقطعة‭ ‬من‭ ‬أوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬امتلأت‭ ‬بالمساكن‭ ‬والمشروعات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الكبرى‭ ‬لأنها‭ ‬تتميز‭ ‬بموقعها‭ ‬الفريد‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬حيث‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬عدة‭ ‬موانئ‭ ‬وشركات‭ ‬للبترول‭ ‬ومصانع‭ ‬كبيرة‭ ‬لشركات‭ ‬عالمية‭.‬


التقت‭ ‬‮«‬فيتو‮»‬‭ ‬البطل‭ ‬المقاتل‭ ‬محمد‭ ‬السيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬حجازى،‭ ‬أحد‭ ‬أبطال‭ ‬سلاح‭ ‬المهندسين‭ ‬العسكريين،‭ ‬وأحد‭ ‬أبناء‭ ‬السويس‭ ‬الباسلة‭ ‬الذى‭ ‬يروى‭ ‬تاريخ‭ ‬دخوله‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬قائلا‭: ‬“تم‭ ‬تجنيدى‭ ‬فى‭ ‬19‭ ‬يونيو‭ ‬73‭ ‬أى‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬ب3‭ ‬شهور‭ ‬ورغم‭ ‬أننى‭ ‬كنت‭ ‬كبير‭ ‬عائلة‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لى‭ ‬دخول‭ ‬التجنيد،‭ ‬ولكن‭ ‬والدتى‭ ‬دفعتنى‭ ‬للتقديم‭ ‬للتعبئة‭ ‬العامة‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬أستطيع‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬وطنى‭ ‬ضمن‭ ‬طابور‭ ‬الأبطال،‭ ‬وبالفعل‭ ‬تم‭ ‬قبولى‭ ‬وتجندت‭ ‬بسلاح‭ ‬المهندسين،‭ ‬وبعد‭ ‬اجتياز‭ ‬فترة‭ ‬التدريب‭ ‬فى‭ ‬بنى‭ ‬يوسف‭ ‬بالهرم‭ ‬التحقت‭ ‬على‭ ‬الكتبية‭ ‬64‭ ‬كبارى،‭ ‬ولم‭ ‬يطل‭ ‬تواجدى‭ ‬بها،‭ ‬ولكننى‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬كيفية‭ ‬عمل‭ ‬الكبارى‭ ‬وخلال‭ ‬أيام‭ ‬وتحديدا‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تم‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬القناة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حلوان‭ ‬الذى‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬طريق‭ ‬جرة،‭ ‬ووصلنا‭ ‬إلى‭ ‬ضفة‭ ‬القناة‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬يحمل‭ ‬شدته‭ ‬كاملة،‭ ‬ولا‭ ‬نعلم‭ ‬ساعة‭ ‬الصفر،‭ ‬لكننا‭ ‬وجدنا‭ ‬المقاولين‭ ‬يمهدون‭ ‬أماكن‭ ‬سريعة‭ ‬لانزلاق‭ ‬الكبارى‭.‬


وعن‭ ‬ذكرياته‭ ‬فى‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬للعبور‭ ‬يقول:‭ ‬فى‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬ظهرا‭ ‬وجدنا‭ ‬الطائرات‭ ‬المصرية‭ ‬تخترق‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية‭ ‬وتضرب‭ ‬الأهداف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فى‭ ‬سيناء،‭ ‬والكل‭ ‬يهتف‭ ‬الله‭ ‬أكبر‭ ‬الله‭ ‬أكبر‭ ‬هذا‭ ‬الدعاء‭ ‬ألهب‭ ‬عزيمة‭ ‬الأبطال‭ ‬وبدأوا‭ ‬يندفعون‭ ‬نحو‭ ‬الضفة‭ ‬الشرقية‭ ‬ويقتحمون‭ ‬الساتر‭ ‬الترابى‭ ‬بكل‭ ‬عزيمة‭ ‬وجسارة،‭ ‬وبدأوا‭ ‬فى‭ ‬فتح‭ ‬الثغرات‭ ‬فى‭ ‬الساتر‭ ‬الترابى،‭ ‬ونحن‭ ‬بدأنا‭ ‬فى‭ ‬إنشاء‭ ‬الكبارى‭ ‬بسرعة،‭ ‬وتم‭ ‬إنشاء‭ ‬أول‭ ‬كوبرى‭ ‬لمرور‭ ‬الدبابات‭ ‬والمعدات‭ ‬الثقيلة‭ ‬الساعة‭ ‬8‭ ‬مساء‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬أسعد‭ ‬لحظات‭ ‬حياتى،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬أصغر‭ ‬جنود‭ ‬المهندسين‭ ‬وقتها‭ ‬ولكن‭ ‬بداخلى‭ ‬عزيمة‭ ‬ألف‭ ‬شاب‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬عبور‭ ‬قناة‭ ‬السويس،‭ ‬وتحرير‭ ‬أراضينا‭ ‬المغتصبة‭.‬
ويضيف‭: ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تعلمته‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬وسلاح‭ ‬المهندسين،‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬مشاركة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الجندى‭ ‬يعمل‭ ‬مع‭ ‬الضابط‭ ‬بأيديهم‭ ‬لإقامة‭ ‬الكبارى،‭ ‬وقد‭ ‬شاهدت‭ ‬بعينى‭ ‬اللواء‭ ‬أحمد‭ ‬حمدى‭ ‬مدير‭ ‬سلاح‭ ‬المهندسين‭ ‬يشمر‭ ‬أفروله‭ ‬ويعمل‭ ‬بيديه‭ ‬معنا‭ ‬فى‭ ‬إقامة‭ ‬الكبارى،‭ ‬ويمر‭ ‬علينا‭ ‬يوميا‭ ‬ويسألنا‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أى‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬عطل،‭ ‬وقد‭ ‬تمكنت‭ ‬معابر‭ ‬سلاح‭ ‬المهندسين‭ ‬من‭ ‬الصمود‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بها‭ ‬بفضل‭ ‬رجال‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى‭ ‬البواسل‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬مظلة‭ ‬جوية‭ ‬لاصطياد‭ ‬طائرات‭ ‬العدو‭ ‬التى‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬القناة‭.‬


على‭ ‬محمد‭..  ‬صائد‭ ‬طائرات‭ ‬العدو
وفى‭ ‬السويس‭ ‬أيضا،‭  ‬التقت‭ ‬‮ «‬فيتو‮» ‬‭ ‬الجندى‭ ‬المجند‭ ‬على‭ ‬محمد‭ ‬على‭ ‬الذى‭ ‬التحق‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬1969،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إلحاقه‭ ‬بالقوات‭ ‬الخاصة‭ ‬لمدة‭ ‬13‭ ‬يوما،‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬إلحاقه‭ ‬بسلاح‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬أمر‭ ‬رئاسى‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬إلحاق‭ ‬كل‭ ‬المجندين‭ ‬الجدد‭ ‬بسلاح‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى.

 ‬وعن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬يقول‭: ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬التدريب‭ ‬تم‭ ‬إلحاقى‭ ‬بمعهد‭ ‬التمييز‭ ‬الجوى‭ ‬ترحيلى‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬دنديل‭ ‬للحماية‭ ‬هناك،‭ ‬وبعد‭ ‬6‭ ‬شهور‭ ‬اختارونى‭ ‬لدراسة‭ ‬التمييز‭ ‬الجوى‭ ‬وهو‭ ‬تمييز‭ ‬المعدات‭ ‬والطائرات‭ ‬قضيت‭ ‬فيها‭ ‬شهرا‭ ‬كاملا‭ ‬وأثناء‭ ‬استطلاعى‭ ‬بالسرية‭ ‬فى‭ ‬مركز‭ ‬عمليات‭ ‬الكتيبة‭ ‬وجدت‭ ‬طائرة‭ ‬سوبر‭ ‬مستير‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة،‭ ‬وكنت‭ ‬فى‭ ‬مركز‭ ‬قيادة‭ ‬النيران‭ ‬وكان‭ ‬بالمطار‭ ‬وقتها‭ ‬حوالى‭ ‬15‭ ‬طائرة‭ ‬واقفين‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المطار‭ ‬ومسكت‭ ‬الرشاش‭ ‬الأرضى‭ ‬وضربت‭ ‬على‭ ‬الطائرة‭ ‬وأصبتها،‭ ‬وبعدها‭ ‬جاءنى‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬وسألنى‭ ‬هل‭ ‬ضربت‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬مصرية‭ ‬قلت‭ ‬لهم‭ ‬لا‭ ‬ضربت‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬سوبر‭ ‬مستير،‭ ‬فأنا‭ ‬أعلم‭ ‬جيدا‭ ‬الهدف‭ ‬الذى‭ ‬ضربت‭ ‬عليه‭ ‬لأننى‭ ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬فرقة‭ ‬تمييز‭ ‬جوى‭ ‬وعندما‭ ‬تحققوا‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬إصابة‭ ‬الهدف‭ ‬قاموا‭ ‬بتقديم‭ ‬الشكر‭ ‬لى‭ ‬ورفعوا‭ ‬البالون‭ ‬على‭ ‬مطار‭ ‬دنديل‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬67‭ ‬بسبب‭ ‬إصابتى‭ ‬لهدف‭ ‬حى‭.‬


ويضيف‭: ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬جاء‭ ‬أمر‭ ‬باختيار‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة‭ ‬لسد‭ ‬الخسائر،‭ ‬وقمت‭ ‬بالحديث‭ ‬مع‭ ‬القائد،‭ ‬أريد‭ ‬الذهاب‭ ‬معهم‭ ‬إلى‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬وخصوصا‭ ‬السويس‭ ‬مدينتى،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يوافق‭ ‬ولكن‭ ‬وسط‭ ‬إصرارى‭ ‬وعندما‭ ‬وجد‭ ‬الدموع‭ ‬تملأ‭ ‬وجهى‭ ‬وافق‭.‬
وعن‭ ‬بطولاته‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬يقول‭ ‬الجندى‭ ‬على‭ ‬محمد‭ ‬على‭: ‬كانت‭ ‬الطائرات‭ ‬والمدافع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تضرب‭ ‬على‭ ‬المعامل‭ ‬وشركات‭ ‬البترول‭ ‬والمساكن‭ ‬فى‭ ‬السويس،‭ ‬وقد‭ ‬التحقت‭ ‬بموقع‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬السويس‭ ‬وكنا‭ ‬نصطاد‭ ‬طائراتهم،‭ ‬وكان‭ ‬موقع‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الجوى‭ ‬موجودا‭ ‬فى‭ ‬“فلل‭ ‬السويس”‭ ‬وسمعوا‭ ‬رجال‭ ‬الاستطلاع‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طائرتى‭ ‬استطلاع‭ ‬إسرائيلى‭ ‬تتحدثان‭ ‬فى‭ ‬الأجهزة‭ ‬اللاسلكية‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يضربوا‭ ‬موقع‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوى‭ ‬الخاص‭ ‬بنا،‭ ‬وأبلغنى‭ ‬قائد‭ ‬الموقع‭ ‬بهذا‭ ‬الكلام،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬يا‭ ‬فندم،‭ ‬وإن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬يقتربوا‭ ‬منا،‭ ‬فدرست‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬سوف‭ ‬يأـتون‭ ‬فيه،‭ ‬فوجدت‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬فى‭ ‬الظهيرة‭ ‬لأن‭ ‬الصباح‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬شبورة‭ ‬ولن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬رؤية‭ ‬الهدف،‭ ‬وفى‭ ‬وقت‭ ‬الشروق‭ ‬جبل‭ ‬عتاقة‭ ‬يعكس‭ ‬الشمس،‭ ‬فالوقت‭ ‬الوحيد‭ ‬للغارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬سيكون‭ ‬بعد‭ ‬الظهر،‭ ‬وابتكرت‭ ‬فكرة‭ ‬للتخفى‭ ‬بأن‭ ‬ألقى‭ ‬بنزينا‭ ‬بجوار‭ ‬الموقع،‭ ‬فمع‭ ‬صعود‭ ‬البخار‭ ‬يعمل‭ ‬اختفاء‭ ‬الكتيبة،‭ ‬وبالفعل‭ ‬جاءت‭ ‬3‭ ‬طائرات‭ ‬وأخذوا‭ ‬يبحثون‭ ‬عنا‭ ‬ولم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬رؤيتنا‭ ‬وبدءوا‭ ‬فى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬أماكنهم‭ ‬دون‭ ‬مشاهدة‭ ‬الكتيبة،‭ ‬ففتحنا‭ ‬عليهم‭ ‬النيران‭ ‬وأسقطنا‭ ‬منهم‭ ‬طائرة‭ ‬سكاى‭ ‬هوك،‭ ‬وظلت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬معنا‭ ‬حتى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬والنصر‭ ‬المجيد‭.‬

محمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬وكمائن العدو
ومن‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬التقينا‭ ‬بهم‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬السويس‭ ‬أيضًا‭ ‬المقدم‭ ‬محمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬عبد‭ ‬الجواد،‭ ‬الذى‭ ‬يروى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تجنيده‭ ‬فى‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬1972‭ ‬بسلاح‭ ‬المدرعات‭ ‬وتم‭ ‬تدربيه‭ ‬جيدا‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬وقت،‭ ‬وعن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬يقول‭: ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بعدة‭ ‬أيام‭ ‬قالوا‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مشروعا‭ ‬تدريبيا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجيش‭ ‬كله،‭ ‬وقامت‭ ‬الحرب،‭ ‬ولم‭ ‬نشترك‭ ‬فيها،‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬23‭ ‬أكتوبر‭ ‬دفعونا‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬السويس‭ ‬بعد‭ ‬حدوث‭ ‬الثغرة،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تتمركز‭ ‬دباباتنا‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬وادى‭ ‬حجول،‭ ‬وبالفعل‭ ‬ظللنا‭ ‬هناك،‭ ‬وهرب‭ ‬من‭ ‬هرب‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وأبطال‭ ‬السويس‭ ‬تصدوا‭ ‬لهم‭ ‬وأصابوا‭ ‬الكثير‭ ‬فيهم‭.‬


ويضيف‭: ‬صدرت‭ ‬لنا‭ ‬الأوامر‭ ‬أن‭ ‬نتمركز‭ ‬عند‭ ‬معسكر‭ ‬الفنجرى‭ ‬أمامهم،‭ ‬وكنا‭ ‬حوالى‭ ‬7‭ ‬دبابات،‭ ‬ولكنهم‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬الدبابات‭ ‬وقتها،‭ ‬وكانت‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬والقوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تمتلك‭ ‬أحدث‭ ‬الدبابات‭ ‬وقتها،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬نخف،‭ ‬ووقفنا‭ ‬بكمين‭ ‬أمام‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التى‭ ‬فور‭ ‬مشاهدتنا‭ ‬لهم‭ ‬فروا‭ ‬هاريبن‭ ‬لأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يشكون‭ ‬أننا‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الفرقة‭ ‬الرابعة،‭ ‬وناصبين‭ ‬لهم‭ ‬كمين،‭ ‬ففروا‭ ‬هاربين‭ ‬من‭ ‬أمامنا‭ ‬فورا،‭ ‬ولم‭ ‬نطلق‭ ‬ولا‭ ‬طلقة‭ ‬واحدة‭ ‬يومها،‭ ‬وتحررت‭ ‬مدينة‭ ‬السويس‭ ‬مدينتى‭ ‬الباسلة،‭ ‬وكان‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬ملحمة‭ ‬تاريخية‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأجيال،‭ ‬وهو‭ ‬تحرير‭ ‬مدينة‭ ‬السويس‭ ‬بفضل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وقوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الشعبي‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،
 

الجريدة الرسمية