مزايا وتغطيات وثيقة التأمين ضد الأخطاء الطبية
يحتاج أصحاب المهن الحرة كالأطباء في مزاولة مهنتهم إلى طمأنينة كبيرة وثقة في أنفسهم، وإلى عدم تشتيتهم بالتفكير في عواقب أعمالهم الفنية عن إتقان هذه الأعمال حتى يقبلوا عليها في غير تردد.
ومن هنا يتضح أهمية التأمين من المسئولية المدنية عن الأخطاء المهنية للطبيب والجراح.
الأخطاء المهنية للطبيب
يمكن تعريف التأمين من المسئولية المدنية عن الأخطاء المهنية للطبيب بأنه عقد يتعهد بمقتضاه المؤمن (شركة التأمين)، أن يقوم بتغطية المسئولية المدنية للمؤمن له (الطبيب) تجاه الغير (المضرور)، وبالتالي سداد التعويض عن الأضرار التي تعود على المؤمن له من الدعاوى المرفوعة عليه من قبل الغير بالمسئولية خلال مدة هذا العقد، مقابل قيام المؤمن له بسداد مقابل التغطية (قسط التأمين).
تهدف وثيقة تأمين المسئولية المدنية عن الأخطاء المهنية إلى تعويض المؤمن له (الطبيب) عن المبالغ التي يلتزم بدفعها قانونًا إلى الغير (المضرور) بسبب مسئوليته المدنية عن الأضرار الجسمانية التي قد تحدث للغير(المضرور) بسبب مزاولته لأعماله وبالحدود القصوى المذكورة بالوثيقة والتي قد تخص الشخص الواحد أو مجموعة أشخاص خلال مدة التأمين.
أثارت المسئولية المدنية للطبيب بكافة فروع العمل الطبي سواء الطبيب العام، أو المتخصص أو الجراح أو العاملين فيها كالصيادلة والأشعة، والتخدير، الكثير من الجـدل في ساحات القضاء لأن حساسية هذه الأعمال تكمن في اتصالها بجسم الإنسان وحياته فهنالك مسألة أساسية تواجه القضاء بخصوص المسئولية الطبية، وهي:
- حماية المرضى مما يصدر عن الأطباء من أخطاء كذلك ضمان العناية الطبية المطلوبة والمستحقة، وذلك من خلال التأكيد على مسؤولية الأطباء.
- توفيرالحرية اللازمة للأطباء في معالجة المرضى وضمان الثقة والأمان الكافي لهـم، لأن الطبيب عندما يشعر أنه مهدد بالمسؤولية ولا يستطيع ممارسـة مهنتـه ولا يقـوم بالإبداع والابتكار، فإنه يتهرب من القيام ببعض الأعمال الطبية الضرورية خوفـًا مـن الوقوع في الخطأ وبالتالي يجب أن يتم العمل في جو يسوده الثقـة والطمأنينـة وتـوفير الحماية اللازمة له.
والمسئولية المهنية للطبيب هي صورة من صور المسئولية المدنية إلا أنهـا اكتسـبت أهمية خاصة نظرًا لحجم الأخطاء وكذلك الدعاوي التي تتعلق بالمسئولية الطبية أمـام القضـاء والسبب في زيادة هذه الدعاوي بالمقارنة مع السنوات السابقة هو زوال العلاقة الشخصية بـين الطبيب والمريض وكثرة الإهمال في المستشفيات العامـة، وبـروز العلاقـة التجاريـة فـي المستشفيات الخاصة والأطباء الخاصين.
قواعد الاستفادة بالوثيقة
ولا تعتبر شركة التامين مسئولة عن التعويض إلا بعد ثبوت مسئولية المؤمن له بموجب حكم قضائي نهائي. وتتحدد مسئولية المؤمن (شركة التأمين) عن جميع المبالغ التي يصبح المؤمن له مسئولا عنها قانونا.
وبحد أقصى لحدود الالتزام المحددة فى وثيقة التأمين. وهناك بعض الوثائق تستعمل لفظ المسئولية القانونية وليس المسئولية بحكم القانون ولا توجد فروق من الناحية العملية، وعادة ما تنص الوثيقة على تعويض المؤمن له عن بعض التكاليف والمصروفات القانونية Legal Costs and Expenses، بالإضافة إلى الحدود المنصوص عليها للتعويض.. وعادة ما يلاحظ عدم وجود حدود لهذه التكاليف والمصروفات.
ويمكن حصر تلك التكاليف والمصروفات في الآتي:
- جميع تكاليف ومصروفات التقاضي والتي يحكم بها على المؤمن له.
- جميع التكاليف والمصروفات التي يوافق عليها المؤمن كتابة.
- أتعاب المحامين للدفاع عن المؤمن له.
ومن الناحية العملية تسدد التكاليف وجميع المصروفات المتعلقة بالمناقشات وفحص ودراسة التعويض بشرط موافقة شركة التأمين.
ويعد تأمين المسؤولية المدنية عن أخطاء المهنة للطبيب والجراح هو تأمين لمسؤولية المؤمن له (الطبيب) من رجوع الغير عليه بسبب فعل أحدث ضررا للغير، فإن المستفيد الأول من هذا الضمان هل المؤمن له (الطبيب) بعد ثبوت خطأ الطبيب.
وثيقة التأمين على الأطباء
ومن متطلبات مزاولة مهنة الطب في كثير من دول العالم الآن ضرورة حيازة وثيقة تأمين إجباري تصدرها شركة تأمين وتحت إشراف النقابة العامة للأطباء والتي تقوم بسداد التعويضات عن أخطاء الأطباء وهى عديدة، إلا أن الحال على غير ذلك في مصر، حيث إن مشروعات وأفكار فرض قانون المساءلة الطبية الذي يلزم الطبيب بالتأمين على المسئولية المهنية يتعثر انطلاقا من مفهوم الحصانة العرفية التقليدية والتي مؤداها أن الطبيب الذي يقدم خدمة مقدسة لا يجب أن يتعرض للتهديد أو الاتهام بالتقصير حتى لو ارتكب خطا مهنيا على اعتبار أن المخاطر ترافق طبيعة المهنة.
وفى عصر كان للطبيب في المجتمعات النامية يوصف بأنه المثقف والمنقذ والملتزم بالحصانة المهنية كان من المتصور حيازته هذه الحصانة إلا أنه ومع زوال طبيعة هذه المجتمعات فإن فكرة تحصين الطبيب ضد أي مساءلة حتى لو كانت ناتجة عن إهمال فاضح أو جهل صارخ تلاشت انطلاقا من مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون بالحقوق والواجبات ولا ضير من أن تقوم السياسة العامة للدولة بفرض نوع من أنواع إلزامية التأمين على الأطباء وآية مهنة قد ينتج عن ممارستها ضرر للغير لا تبرره طبيعة المهنة.