أغرب من الخيال.. حكاية سيدة الكرنك العائدة لأسرتها في بني سويف بعد غياب 45 عامًا
على طريقة الأفلام والمسلسلات الدرامية عاشت محافظة بني سويف، أحداث قصة واقعية لسيدة خمسينية، عٌرفت إعلاميًا بـ سيدة الكرنك، عادت لأسرتها بعد غياب دام لـ45 عامًا، بفضل فيديو نُشر على إحدى صفحات السوشيال ميديا.
حكاية سيدة الكرنك
البداية بنشر فيديو عن حكاية الحاجة رضا عبد الرحيم، 50 عامًا، مقيمة بمنطقة نجع الطويل بالكرنك بمحافظة الأقصر، تروي قصة تغيبها عن أسرتها في السبعينيات منذ 45 عامًا، بعد أن غافلت والدتها "بائعة الخضراوات" واستقلت قطارًا اتجه بها إلى مدينة ملوي بالمنيا.
الحاجة رضا، قالت في الفيديو الذي نشرته إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": إنها كانت في الخامسة من عمرها، ووالدها كان يعمل صيادًا، وكان لها شقيقتان "فاطمة وسومة" وفي هذا اليوم كانت تلهو مع إحدى صديقاتها، وركبت القطار الذي تحرك بها فجأة، ونزلت منه في ملوي بالمنيا، ولكن لصغر سنها لم تكن تعرف محطة استقلالها للقطار.
محطة ملوي بالمنيا
وأضافت: عامل مسجد محطة ملوي، سلمني لناظر المحطة، اللي سلمني بدوره لمركز الشرطة، ومكثت 5 أيام، ولم يستدل علي أحد، فقرر مأمور المركز ـ حينذاك ـ أن يربيني مع ابنته، بدلًا من إحالتي للأحداث، وظللت بمنزل المأمور حتى بلوغي سن 16 عامًا تقريبًا، وتركت منزله وهربت بسبب معاملة زوجته السيئة لي بعد وفاته.
وقالت: بعد تركي لمنزل المأمور تنقلت بين عدة محافظات منها "القاهرة وبورسعيد والإسكندرية وبني سويف والمنيا" إلى أن أستقريت بالأقصر، وكنت حينها في سن 17 عامًا تقريبًا، واحتضنتني إحدى السيدات مع بناتها، وعملت بأكثر من مهنة "في مطعم وقهوة وبائعة بخور" وأثناء عملي بالمحطة تعرفت على زوجي المعاق "كفيف" وتزوجني بعد أن استخرج لي بطاقة، ورزقنا الله بـ 5 أبناء "بنت و5 أولاد توفي أحدهم صعقًا بالكهرباء" وتوفي والدهم منذ سنوات.
أسرة سيدة الكرنك
عقب نشر الفيديو، الذي شاهده "أشرف الصعيدي" أحد جيران أسرتها بمدينة الفشن جنوب محافظة بني سويف، تواصل مع خالها الذي قام بدوره لنقل ما حدث لشقيقته الحاجة تحية عويس، البالغة من العمر 73 عامًا، يؤكد لها أن نجلته الغائبة منذ 45 عامًا ما زالت على قيد الحياة.
وبعد أن شاهدت الأم مقطع الفيديو، تواصل الجميع مع "علام رمضان" مدير الصفحة التي تحمل اسمه، والذي قام بدوره بفتح محادثة بالصوت والصورة، عبر أحد التطبيقات، لتتواصل الأم والأسرة مع ابنتهما لأول مرة، منذ 45 عامًا، ودار بينهم حوار مطول انتهى بتأكدهم من أنها ابنتهم المختفية منذ سبعينيات القرن الماضي، وفي اليوم التالي استقلت الأم و36 من أفراد الأسرة قطارًا اتجه بهم إلى حيث تقيم "رضا" بمنطقة نجع الطويل بالكرنك بمحافظة الأقصر.
تفاصيل غياب سيدة الكرنك
وقالت الحاجة تحية: إن ابنتها المفقودة كانت تذهب معها أثناء عملها ببيع الخضراوات بالقرب من محطة قطار بني سويف، بعد عودتها من رحلة الصيد مع والدها نظرًا لتعلقها به، ولاحظت غيابها بعد انتهاء عملي وقت أذان المغرب، قائلة: كانت بتلعب قدامي عند محطة القطار ووقت أذان المغرب ملقتهاش وفضلت أدور عليها ملقتهاش.
وتابعت: ظللت أنا ووالدها نبحث عنها في كل مكان، بحثنا فى المستشفيات والشوارع، وعندما أخبرتنا إحدى السيدات أنها غرقت، جلبنا الصيادين وبحثوا عن جثتها بالسنار فى ترعة الإبراهيمية بالفشن ببني سويف، ولكن كل محاولاتنا التي استمرت لأكثر من 3 سنوات باءت بالفشل.
بعد تغيبها 45 عامًا
وواصلت: منذ أيام فوجئت بجارنا "أشرف الصعيدي" يقول لي إن ابنتي المتغيبة منذ 45 عامًا ما زالت على قيد الحياة وموجودة فى محافظة الأقصر، ونشرت الابنة قصتها على إحدى الصفحات بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتواصلت معها بالصوت والصورة ـ عبر الإنترنت ـ وتأكدت أنها ابنتي رضا.
وأكملت: دار نقاش طويل بيني وبين رضا خلال تواصلي معها ـ عبر الإنترنت ـ سردت فيها تفاصيل كثيرة تتذكرها لطفولتها، وأشقائها وأبناء الجيران، وعمل والدها "صياد" وتفاصيل يوم اختفائها، كل هذه التفاصيل وغيرها، ناهيك عن إحساسي وشعورهي كأم عثرت على أبنتها المختفية منذ 45 عامًا.
اصابة حروق الشاي
واستطردت: "ابنتي رضا كانت تعرضت لحروق في جسدها في سن الرابعة بسبب انقلاب صينية بها 6 أكواب من الشاى الساخن على جسدها، وذهبت بها للأطباء وظلت آثار الإصابة والحروق فى جسدها، وكانت أحد أسباب تأكيد أنها ابنتي المختفية منذ 45 عامًا".
وفي اليوم التالي لزيارة الحاجة تحية لابنتها بالأقصر، عادت "رضا" لـ أسرتها ببني سويف، بعد غياب 45 عامًا، وأنتظرها المئات من الأهل والجيران، بنفس مكان اختفائها، بجوار محطة قطار الفشن، واستقبلوها بالزغاريد والأغاني والهتاف "رضا جات يا أم رضا" التى هزت المنطقة المحيطة بمزلقان ومحطة السكة الحديد، وشارع سوق الشيخ شمردل، ومنطقة السكاكرية.
الوصول لمكان التغيب
تجمع المئات من الأهالي أمام محطة القطار بالفشن المكان الذي شهد تغيبها قبل 45 عاما، لمتابعة لحظة وصولها، ومع وصول السيارة التي كانت تستقلها، هرع الشباب رافعين السيارة والسيدات احتفلن بالزغاريد والطبل البلدي، ودخلت الشارع التي كانت تقطن به في زفة بالأغاني والهتافات فرحة بعودتها.
وبعد 45 عامًا من الغياب، دخلت الحاجة رضا، منزل أسرتها بمنطقة السكاكرية بمدينة الفشن ببني سويف، لأول مرة وفور دخولها لمنزل الأسرة ألتقطت الحاجة رضا، صورة والدها، المتوفى، من على أحد جدران المنزل، ودخلت في نوبة بكاء حزنًا على وفاته، وعدم تمكنها من رؤيته، مرددة كلمات: "أنا رجعت يا أبا وكان نفسي أشوفك.. فرحة رجوعي ناقصة لأنك مش موجود".
زيارة قبر والدها
وفي اليوم التالي حرصت الحاجة رضا، على زيارة قبر والدها وجلست أمام مدفنه، ودخلت فى حالة من البكاء الشديد حزنا على رحيله وظلت تبكي أمام القبر وتنادي عليه افتح الباب انا جيت عايزة ادخل عند أبويا، قائلة: كنت أتمني رؤيته لأنني كنت أحبه وأخرج معه دائمًا وربنا كرم والدي بعد ولادتي بمنزل تمليك، لذلك قرر أن يكون اسمي رضا، فهو من علمني الشجاعة منذ صغري.
وفي أحد لقاءاتنا معها أكدت الحاجة رضا، أنها إلى الآن لم تتخذ قرار العودة والاستقرار بمسقط رأسها بمدينة الفشن ببني سويف، لتستكمل ما تبقى من حياتها وسط أهلها الذين حُرمت منهم طوال 45 عامًا، أم ستعود إلى حيث تقيم مع أبنائها بمحافظة الأقصر لتستكمل مسيرتها مع أولادها خاصة وأن من بينهم من هم في مراحل تعليمية.
ووسط تساءل متابعة قصة سيدة الكرنك عن آلية الإجراءات القانونية لعودتها لنسبها الحقيقي، قال علي محمود، محام، إنه من المتبع في مثل هذه الحالات، أن يلجأ الأهل إلى تحليل dna الذي يعدّ أحد أنواع الفحوصات التي يتم إجراؤها للتحقق من إثبات القرابة والنسب، على أن يكون في مكان معتمد ليتمكن الأهل من استكمال باقي إجراءات التصحيح اللازمة.