"التجاريين" نقابة على الورق فقط.. عدد الأعضاء يتجاوز المليون.. والمعاشات متوقفة منذ 9 سنوات
تمرُّ نقابة التجاريين بأزمة طاحنة بسبب قلة الموارد التى نتج عنها تعطيل منظومة إدارة النقابة بكل أقسامها؛ فنقابة التجاريين ذات المليون عضو تعد ثاني أكبر النقابات المهنية فى مصر بعد نقابة المعلمين، ورغم ذلك تعانى من الأزمات.
بداية الأزمة
البداية تعود إلى عام 1989 عندما أُجريت آخر انتخابات داخلها؛ فمنذ 30 عامًا لم تنتخب نقيبًا لها، كما يتبقى 10 أعضاء أصليين فقط من مجلس إدارتها المنتخب، والباقى تم تصعيدهم ليشغلوا منصب النقيب واحدا تلو الآخر بعد وفاة القائم بأعمال النقابة.
وتقدم من أيام قليلة النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجَّه إلى رئيس مجلس الوزراء، بشأن توقف صرف معاشات أعضاء نقابة التجاريين منذ 9 سنوات، وعدم إجراء انتخابات مجلس إدارة النقابة لمدة 3 عقود.
وقال النائب خلال طلب الإحاطة المقدم لمجلس النواب: إنه تلقى العديد من الشكاوى من أعضاء نقابة التجاريين المتضررين من أوضاع النقابة؛ حيث لم يتم إجراء انتخابات مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية منذ أكثر من 30 عامًا، ما نتج عنه تعطيل منظومة إدارة النقابة بكل أقسامها، وانعدام الهدف المنشأ من أجلِه النقابة، والمتمثل فى رعاية والحفاظ على مصالح وأهداف مستحقات أعضائها.
المستفيدون من النقابة
وتابع "زين الدين": أصبح المستفيدون من النقابة هم العاملون بها فقط دون المشتركين من الجهات الأخرى؛ حيث تمتنع عن صرف معاشات أعضائها عند إحالتهم للمعاش بعد بلوغ سن التقاعد من جهات أعمالهم بالرغم من سدادهم كامل الاشتراكات، مشيرًا إلى أن ذلك يأتى بالإضافة إلى ضعف قيمة مبلغ المعاش الذى لم يتجاوز 50 جنيهًا شهريًّا، ولم يتم صرفه لأكثر من 9 سنوات.
وطالب النائب الحكومة بضرورة التدخل لزيادة مبلغ المعاش وصرفه بصفة شهرية منتظمة، وصرف المتأخرات، مشددًا على ضرورة إعادة النظر فى قانون النقابة الحالى لإجراء انتخابات الجمعية العمومية فى مواعيدها.
وفى نفس السياق أكد الدكتور حافظ الغندور نقيب التجاريين بالقاهرة، وأحد العشرة أعضاء الأصليين الباقين من مجلس إدارة النقابة العامة للتجاريين، أنه يوجد بمصر أكثر من 35 نقابة، القليل منها يستطيع تدبير موارده من خلال تعديل قوانينها، بينما المعظم لديه أزمات فى الموارد، ما يؤثر على المعاشات وغيرها من الخدمات المالية التى تقدمها النقابة، لافتًا إلى أن النقابة غير قادرة على صرف المعاشات بالرغم من أن معاش التجاريين لا يتعدى الـ50 جنيهًا بسبب ضعف الموارد، معلقًا: لا يمكن لأى أحد أن يحاسبنى على عدم صرف المعاشات لأنه مرتبط بتعديل قانون النقابة الذى لم يتم تعديله منذ عام .1974
وأوضح "الغندور"، أن عدد أعضاء نقابة التجاريين يتعدى المليون لذا نحتاج إلى 150 مليون جنيه سنويًّا لإنفاق المعاشات، منوهًا بأن القائمين على النقابة حاليًا لا يريدون إجراء الانتخابات؛ فالمجلس المنتخب منذ ما يقرب من 30 عامًا يضم وفقًا للقانون 45 عضوًا، لم يتبق منهم سوى عشرة أعضاء أصليين فقط، وذلك بعد وفاة أغلب رؤساء النقابات الفرعية فى المحافظات، والباقى تم تصعيده.
كما كان من بين الأسباب التى حرمت النقابة من إجراء انتخاباتها القانون 100 الخاص بالنقابات، والذى كان ينص على أنه لا بد من انعقاد الجمعية العمومية بـ50% من عدد الأعضاء من أجل إجراء الانتخابات، وهذا يصعب تحقيقه فى نقابة التجاريين؛ إذ يصل عدد الأعضاء إلى أكثر من مليون عضو، وتم إلغاء هذا القانون عقب ثورة 25 يناير، ودعت النقابة لإجراء الانتخابات على كافة المستويات عام 2013 ولكن لم يحدث شيء.
غياب الانتخابات
وعن أسباب عدم إجراء الانتخابات منذ عام 2013 أوضح أنه تم الطعن عليها بالإيقاف والبطلان من قِبل أحد أعضاء الجمعية العمومية، بالإضافة إلى مواعيد الدعوة للانعقاد، ومنذ ذلك الحين لا تحاول النقابة العامة للتجاريين معاودة المحاولة والدعوة لإجراء الانتخابات، مستندة إلى أمرين، الأول يتمثل فى التخوف من الطعن عليها مرة أخرى، خاصة أنه لم يتم معالجة أسباب الطعن بتعديل القانون، والأمر الثانى يتعلق بمراجعة بيانات أعضاء النقابة وتنقية الجداول.
وأشار نقيب تجاريين القاهرة إلى إمكانية إجراء الانتخابات دون الطعن عليها، من خلال تعديل القانون40 لسنة 1972 ولكن هناك مادتين فى القانون إذا تم تعديلهما تستطيع النقابة إقامة الانتخابات فورًا، وهما المادتان 23 و32 اللتان بهما عوار قانونى، وهما خاصتان بشعبة المحاسبة والمراجعة، ففى حالة إجراء تعديل على هاتين المادتين تستطيع النقابة إجراء الانتخابات أو عن طريق الدعوة للانتخابات بقرار لكل شعبة وكل نقابة فرعية لتفادى الطعن عليها.
وعن أزمة المعاشات، تابع الدكتور حافظ الغندور نقيب التجاريين بالقاهرة: علينا فى البداية الاعتراف بشيء مهم، وهو أن الدور الأساسى للنقابات المهنية يتمثل فى الارتقاء بالمهنة، فإذا لم يتحقق هذا الهدف فهذا يعنى أن النقابة لا تقوم بدورها، وهذا بخلاف النقابات العمالية التى تدافع عن حقوق العمال المالية والاجتماعية، وهذا لا يعنى عدم تقديم النقابات المهنية خدمات لأعضائها، ولكن عليها فى البداية الارتقاء بالمهنة، ثم تقديم الخدمات كالمعاش والعلاج والمصايف، فهذه مهام إضافية إلى جانب المهمة الأساسية، ولكنها مهمة.
ونتيجة لضعف معاش النقابة وعدم حصول العضو عليه عزف الأعضاء عن نقابتهم، وهذا ما لا يحدث فى نقابات أخرى كالصحفيين والأطباء والمحامين والمهندسين؛ فعلى الرغم من قلة قيمة المعاش بنقابة التجاريين إلا أن النقابة غير قادرة على صرف المعاشات بسبب ضعف الموارد، فعضو النقابة الأقل من 15 عامًا عضوية يسدد 15 جنيهًا، والذى تزيد مدة عضويته على 15 عامًا يسدد 75 جنيهًا فى العام، ولا يمكننا زيادة المعاش لأنه مرتبط بتعديل قانون النقابة.
روشتة الحل
وعن ما الذى تحتاجه النقابة النقابة سنويًّا كى تستطيع صرف المعاش لأعضائها، أكد الدكتور حافظ الغندور أن النقابة تحتاج لما يقرب من 150 مليون جنيه فى العام الواحد كى تستطيع صرف قيمة المعاش لأعضائها، والذى تبلغ قيمته 50 جنيهًا شهريًّا، كما أن آخر دفعة تم صرف المعاش لها كانت فى عام 2016 ومن ثَم فهناك تأخيرات على النقابة تصل لـ7 سنوات، ولكى تستطيع النقابة الالتزام بواجباتها يجب تعديل القانون كى تستطيع تنمية مواردها، وهو موجود لدى مجلس النواب.
أما عن اختلاف الأوضاع داخل نقابة التجاريين بالقاهرة عن النقابة العامةف أجاب الدكتور حافظ الغندور أن نقابة القاهرة تختلف لأنها نجحت فى إجراء الانتخابات، ومن ثَم دفعت بدماء جديدة، وأفكار جديدة؛ فمثلًا النقابة تنظم دورات تدريبية مجانية لخريجي كليات التجارة للتأهيل لسوق العمل، كما وقَّعت بروتوكولات تعاون مع شركات توظيف، وتحاول النقابة أن يكون هناك اختبار مزاولة المهنة أسوة بما يحدث فى الخارج لأن هذا يضمن أن الخريجين على مستوى واحد، كما أن نقابة القاهرة تسعى لأن يكون هناك مستويات مهنية داخل جدول كل شعبة كى يتم الانتقال إلى المستوى الأعلى من خلال تدريب وتعليم مستمر واختبارات مهنية.
نقلًا عن العدد الورقي…،