بيت يكن، من محل جزارة إلى بيت أثري (فيديو وصور)
منطقة الدرب الأحمر بالسيدة عائشة واحدة من ساحات القتال المتعددة على أراضي الكنانة بين الحضارة والحاضر هذا بفضل كونها مشبعة بالمواقع التاريخية والأثرية المختلفة من حقب زمنية متفرقة وفي أغلب الأحيان يطغى الحاضر بأبراجه الشاهقة ذات الطوب الأحمر لتمحي التاريخ الذي إعتاد أن يزين تلك المناطق ولكن في بعض اللحظات النادرة يلقى أحد هذه الأماكن انتصارًا غير متوقع ليبقى راسخًا في مكانه محافظًا على عراقته متحديًا لما حوله من تقدم معماري، وهذا هو الحال مع “بيت يكن” الذي بقي صامدًا منذ القرن السابع عشر يحارب عوامل الطبيعية إلى أن أهلك الزمن جثمانه لتصدر الدولة بحقه أمر إزالة وهنا يقرر الدكتور علاء الحبشي مد يد العون له ليحوله من بيت على وشك الهلاك إلى موقع أثري يروي حكاوي الماضي التي شهدها عليها.
تاريخه وأملاك الأغوات
أسس “بيت يكن” أغا إيراني بالجيش العثماني يدعي حسن أغا كوكليان في عام ١٦٤٠م هذا إلى أن آتي محمد على ووضع يده على كل أملاك الأغوات في هذا الوقت والتي من ضمنها “بيت يكن” ثم أهداه إلى أولاد أخته ليكتسب البيت اسمه من هنا حيث تعني كلمة ”يجن” بالتركية ابن الأخ المفضل، ثم تناقلت الأجيال البيت ليصل في النهاية إلى يد احد الجزارين والذي استعمله كمكان لبيع اللحوم وتربية المواشي وعندما أصدرت الحكومة بحق البيت أمر إزالة عرضه للبيع ليهزم كغيره من البيوت الأثرية ولكن سارع الدكتور علاء الحبشي أستاذ العمارة والحفاظ على التراث بجامعة المنوفية لإنقاذه وترميمه.
وحرص الدكتور علاء أثناء ترميم المنزل على إظهار المرحلتين التي عاصرهما البيت سواء المماليك أو العثمانيون فبرغم محاولة العثمانيون لطمث آثار مُلاك البيت الحقيقيين إلا أنك تجد في المكتبة الموجودة بالطابق الثاني سقفين مختلفين عن بعضهما تمامًا في التصميم والألوان ينتمي كل منهما لعصر مختلف عن الآخر تمامًا ليرويا حكاية كل من أقام بهذا البيت في كلتا الحقبتين.
ويضم الطابق الثاني للبيت كذلك مكتبة جمعها الدكتور علاء بنفسه من كتب نادرة وأبحاث علمية مهمة بغاية التسهيل على طلاب الجامعات والباحثين مهمة إيجاد الكتب العلمية التي قد يحتاجونها هذا كما أنها مفتوحة للعامة كل يوم إثنين للإطلاع.
الدكتور الحبشي
أنشأ الدكتور الحبشي داخل البيت بوابة من أحد البيوت المجاورة وهو بيت الشيخ عبد الرحيم قراعة مفتي الديار المصري، كان يأمل الدكتور علاء بإنقاذه كبيت يكن ولكن لم يحالفه الحظ فعندما تم هدم منزل قراعة هرع الدكتور علاء بصحبة فريق عمله لإنقاذ ٥٣ قالبا من أحجار بوابة هذا البيت من أمام 'البلدوزر' ليعيد بناءها وإضافتها في بيت يكن لتحيي ذكرى صاحبها.
لمسات الحاضر
وبرغم كون البيت في حد ذاته تتويجًا للماضي إلا أن لمسات الحاضر موجودة كذلك، متمثلة في الطريقة التي يتحصل بها البيت على الطاقة فقد حرص الدكتور علاء الحبشي علي تصميم وتنفيذ محطة طاقة شمسية فوق واحد من الأسطح الموجودة بالبيت مع الوضع في الاعتبار ألا يتم تشويه أيًا من معالم البيت وروحه التاريخية حيث تولد المحطة طاقة كافية لتشغيل البيت بالكامل وجعله مبني 'صفري' الطاقة.
وقال المهندس محمد طارق مدير بيت يكن لـ 'فيتو' عن كيفية استخدام البيت في الوقت الحالي فبجانب كونه مفتوحا للزوار كموقع أثري إلا أن المسؤولين عن البيت يقيمون عددا من الورش التثقيفية والمجتمعية ليستفيد منها سكان الأحياء المجاورة والتي تركز على تنمية الأطفال وتعليمهم الرسم والحرف وتنمية مواهبهم ومهارتهم.
التكوين الهندسي
ولم تنس المهندسة علا زوجة الدكتور علاء السيدات أثناء تنظيمها لتلك الورش فهي تقوم بتنظيم عدد من الورش للأطفال والسيدات من مختلف الأعمار في الرسم الهندسي هادفة من ذلك إتقان طلابها للتكوين الهندسي خلف تلك الزخارف جميلة الشكل والرسومات الجدارية المرموقة ومعرفة قيمتها الحضارية كذلك مؤمنة أن هذه المعرفة ستساعد في ترسيخ قيم وجمال تراثنا وحضارتنا القديمة.
وأكد المهندس محمد طارق بأن الهدف الأساسي من البيت هو تعليم الأطفال قيمة التراث والحضارة التي يعيشون وسطها كل يوم قائلًا: "الأطفال فعلًا بدأت تحب البيت وتفهم يعني ايه مكان تاريخي ويعني ايه تراث ويفهموا إزاي نقدر نحافظ عليه ".