رئيس التحرير
عصام كامل

دلالات تراجع الجنيه المصرى

فيتو

من المؤكد أن سعر الصرف يعد أحد المؤشرات الاقتصادية الهامة فى التعبير عن مدى قوة أو التوازن فى النشاط الاقتصادى فى أى دولة وأن مدى ثباته أمام العملات الأجنبية الأخرى، هو أيضًا دلالة على استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية إذ أن معظم المعاملات الاقتصادية والأنشطة تتأثر على نحو كبير بالأوضاع السياسية فى الدول.


وكلما كان الوضع السياسى مستقرًا، كلما كان أيضًا هناك استقرار للوضع الاقتصادى فالاستقرار السياسى يعد أحد عوامل الجذب المحورية للاستثمارات الخارجية أو ما يعرف بالتدفقات النقدية الأجنبية التى تغذى الأنشطة الاقتصادية والمشروعات ومن ثم تؤدى إلى خلق المزيد من فرص العمل وأيضًا المزيد من السلع والمنتجات والخدمات، التى يحتاجها المواطن، أى التى من خلالها يمكن إشباع الطلب الداخلى (الاحتياجات اليومية للمواطن) فى ظل أسعار متوازنة تتفق مع القوى الشرائية للمواطن، وذلك نتيجة زيادة المعروض من السلع والخدمات، لإشباع السلع الاستهلاكية وذلك لاستخدامها فى شراء ما يعرف بالسلع الرأسمالية (الآلات والمعدات ) اللازمة لإقامة المشروعات الصناعية أى بناء القاعدة الصناعية، الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية.
ولكن الأهم أن يتم التصدير للخارج أى الطلب الخارجى وذلك ما يؤدى إلى زيادة القدرة االتصديرية وتوفير أكبر قدر من العملات الصعبة، التى من شأنها أن تزيد من المشروعات الاستثمارية ( الاستثمار المحلى ) " وانتعاش الاقتصاد )" وهنا قد يقول قائل ما الذى أدى إلى تراجع الجنيه المصرى أمام الدولار، وما الذى يعنيه ذلك ؟
تراجع الجنيه المصرى أمام الدولار نتيجة توقف عملية الإنتاج من جهة، وأيضًا نتيجة تراجع أو هروب الاستثمارات الخارجية والمحلية، والتى أثرت بدورها على تراجع الرصيد النقدى من الاحتياطى بالعملات الصعبة ومن ثم قد أدى ذلك إلى نقص المعروض من السلع ولاسيما المواد الغذائية وعلى رأسها رغيف الخبز والذى بات الاحتياطى من الرصيد الاستراتيجى، له قاب قوسين أو أدنى وأنه مع استمرار ذلك التراجع فى سعر الجنيه أمام الدولار وعدم توفر العملات الصعبة، فإنه لن يكون هناك رصيد لشراء القمح أو السلع الاستهلاكية لإشباع ذلك الطلب ..
ومن ثم فإن هناك حالة من التخوف من الإفلاس، كما تردد وأن شبح ثورة الجياع قد صار على الأبواب ليطرقها بقوة .. من هنا فإن ضرورة فتح المزيد من الاستثمارات وتوفير المزيد من العملات الصعبة فى هذه المرحلة وليس ذلك لشراء السلع الرأسمالية ( أدوات الإنتاج، وإقامة المشروعات ولكن لسد العجز فى السلع والمواد الغذائية، أى جانب الاستهلاك، ولعل ذلك هو السبب وراء الحصول على قرض صندوق النقد الدولى وهو ليس لإقامة مشروعات أو دفع عملية الاقتصاد بقدر ما هو لإشباع هذه الأفواه الجائعة، والتى يمكن أن تلتهم بعضها البعض لا قدر الله.
لذا فإن تراجع سعر الجنيه أمام الدولار يعنى تراجع القوة الشرائية للمواطن، وانخفاض ما يحصل عليه من سلع وخدمات، ومن ثم زيادة درجة معاناته كما أن الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، لم يعد مؤكدًا فى ظل التطورات السياسية، التى تقع داخل مصر الآن وكذلك طلبات صندوق النقد الدولى وهى تعد نقاط خلافية ما بين الحكومة والصندوق مما قد يكون من شأنها التأثير فى زيادة معاناة المواطن العادى كما أنه مع انخفاض الاحتياطى النقدى الذى يقال، إنه وصل إلى 15 مليار دولار منهم 9 مليار سبائك ذهب، فإن الحكومة تجد نفسها فى مأزق أكثر من حرج كما أن القوى السياسية قد انهمكت فى ممارسة قواعد اللعبة السياسية ولكن على حساب الاقتصاد وهى لا تدرى أنها فى النهاية سوف تلعب على خراب وليس دولة مؤسسات إذا ما استمرت الأوضاع على ما هى عليه، لذلك فالنفق بالفعل الذى دخلت فيه مصرأكثر من مظلم ومعتم الذى لم يكن ذلك بسبب الثورة ولكن التطورات التى جاءت بعد الثورة .
gamilgorgy @ gmail.com




الجريدة الرسمية