"مزاج أون لاين".. تجار المخدرات يقتحمون مواقع التواصل الاجتماعي.. "مقاطع فيديو" لترويج السموم.. والحملات الأمنية تضبط المجرمين
عقول شيطانية.. وأفكار خبيثة يلجأ إليها المجرمون وتجار المخدرات لترويج بضاعتهم غير المشروعة، وتحقيق مكاسب حرام، غير مكترثين بشيء آخر.
وطرق تجار المخدرات لم تقف عند ترويجهم بضاعتهم بطرقهم الاحتيالية غير المشروعة؛ بل إنهم نظروا إلى السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى باعتبارها منصات ترويج سهلة ومجانية، وبالفعل بدأ عدد منهم فى استخدام حسابات عبر مواقع فيسبوك وتطبيق التيك توك يعلن فيه عن بضاعته من المواد المخدرة، وهو ما رصدته الأجهزة الأمنية.
البداية
والبداية كانت بمنطقة عين شمس شرق القاهرة؛ إذ قرَّر شاب أن يسلك طريقًا جديدًا لترويج المخدرات وهو بث فيديوهات عبر برنامج "تيك توك" لجلب الزبائن وزيادة المبيعات لكسب مبالغ مالية من نشاطة الإجرامى.
لكن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة رصدت تداول مقطع فيديو عبر تطبيق "تيك توك" يتضمن قيام أحد الأشخاص بالترويج لبيع المواد المخدرة بمنطقة عين شمس، وتمكن رجال المباحث من تحديد هُويته وأنه مقيم بدائرة قسم شرطة عين شمس، وعقب تقنين الإجراءات تم استهدافه وتمكن رجال المباحث من ضبطه وبحوزته _كمية من البودر المخدر معدة للبيع - مبلغ مالى - هاتف محمول).
وبمواجهته اعترف بحيازته للمضبوطات بقصد الإتجار، واستغلاله لمواقع التواصل الاجتماعى للترويج لنشاطه الإجرامى.
وفى مدينة نصر رصدت إدارة مباحث التموين بالقاهرة قيام شخصين بترويج أدوية مخدرة مهربة جمركيًّا عبر صفحتهما بفيسبوك، وتم تحديد هُوية المتهمين وأماكن ترددهما.
وعقب تقنين الإجراءات تم استهدافهما فى أماكنِ ترددهم، وتمكن رجال مباحث التموين من ضبطهما وبحوزتهما 2070 أمبول أدوية مخدرة، و140 أمبولا ولاصقا من الجدول الأول مخدرات، و1930 قرصا وأمبولا من الجدول الثالث مخدرات وهاتف محمول يُستخدم فى عملية التواصل، وبمواجهتهما اعترفا بحيازة المضبوطات بقصد ترويجها على عملائهما عبر صفحتهما بوقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" لتحقيق أرباح مالية.
ترويج أون لاين
وفى هذا الإطار قال اللواء معز الدين السبكى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: إن كل تجار المخدرات يبحثون عن طرق جديدة ليتمكنوا من الهروب من مراقبة الشرطة والمباحث لهم، فيتخفوا بطرق معينة، ولجئوا إلى السوشيال ميديا، معتقدين أنه لا أحد ينتبه، لكن الداخلية تتصدى لهم بقوة حيث توجد غرف عمليات متتخصصة فى مراقبة ما يتم تداوله عبر الإنترنت، وبمجرد نشر أى تاجر منهم عن تجارته عبر الإنترنت تتحرك الشرطة لتحديد موقعه ثم القبض عليه.
وأضاف مساعد الوزير الأسبق، أن بعض المبتدئين فى تجارة المخدرات يقومون بالترويج عن نشاطهم الإجرامى بظهوره شخصيًّا فى مقاطع الفيديو، وهو ما يسهل المهام أمام رجال الأمن فى تحديد مكان تواجده والقبض عليه.
من جانبه قال الخبير القانونى المستشار عصام أبو العلا المحامى بالنقض: إن للسوشيال ميديا تأثيرا هائلا فى الترويج للسلع والخدمات وكما يكون لها دور إيجابى فإن لها أدوار سلبية فيمكن من خلالها الترويج والإعلان عن بيع سلع غير مشروعة مثل المواد المخدرة، ولا توجد شريحة معينة من المجتمع لا تتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى فأصبح هذا العالم الافتراضى داخل نفس كل مواطن ولا اعتداد فيه بسن أو نوع فالرجال والنساء يتعاملون مع تلك الوسائل وكذلك الشباب ذكورا وإناثا، بل يمتد الأمر إلى الأطفال، ومن ثَم فهو وسيلة خطيرة تؤثر على المجتمع بالسلب أن لم يتم مراقبتها.
وتابع "أبو العلا": ولكن حتى ولو كان هناك فراغ تشريعى فلن يكون الإفلات من العقاب سهلًا، فجريمة إحراز أو حيازة مخدر، يعاقب عليها القانون.
وأشار الخبير القانونى إلى أن العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خَمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين.
وأوضح الخبير القانونى، أن توافر حالة التلبس من عدمه تخضع لسلطة المحكمة التقديرية دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كانت استنادًا إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت، ولأن الأحكام الجنائية تبنى وتشيد على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين فإن المحكمة إنما تعمل سلطاتها الرقابية كاملة للوصل إلى توافر وتساند أدلة الاتهام فإن استقر فى يقينها ووجدانها أن أركان الجريمة قد توافرت قضت بالإدانة على النحو الوارد بالمادة المذكورة، أما أن لم تسرب الشك إليها قضت بالبراءة إعمالا لنص المادة 311 من قانون الإجراءات الجنائية.
ويمكن للمحكمة وفقا لظروف الدعوى أن ترى من واقعاته توافر الظروف المشددة فتقضى بأقصى العقوبات التى تصل طبقا لنص المادة المذكورة إلى الاشغال الشاقة المؤبدة، وقد ترى أن هناك ظروفًا مخففه أحاطت بالواقعة وبشخص المتهم وبأنه لن يعود إلى ارتكابها فتعمل سلطاتها وفقا لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية فقد تخفف العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر فضلا عن احقيتها فى القضاء بالغرامة التى تبدأ من عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، وذلك كله فى حال استقرار وجدان ويقين المحكمة على القضاء بالإدانة.
فراغ تشريعي
وتابع" أبو العلا"، أن الأمر يزداد صعوبة فى ظل فراغ تشريعى يجب على المشرع أن يتداركه، فكم من الجرائم ترتكب باستخدام صفحات التواصل الاجتماعى سواء من فيسبوك أوالواتس آب حيث تعقد الصفقات ويتم الترويج للمواد المخدرة عن طريق أحدهما، القانونى المشرع بالتدخل السريع لسن القانون الذى يتناسب مع هذه الجريمة التى يعلن فيها الجانى عن نفسه حتى ولو كان يتخذ اسما مستعارا له وهو فى سبيل إعلانه عن سلعته غير المشروعه، ويجب الإشارة إلى أن الأجهزة الأمنية سوف تتخذ من ذلك الإعلان طريقا للوصول إلى المتهم ومراقبته وضبطه متلبسا حال توافر إحدى حالات التلبس.
نقلًا عن العدد الورقي…،