انقسامات سياسية تضرب البرازيل قبل إجراء الانتخابات الرئاسية
دخلت انتخابات الرئاسة المنتظرة بالبرازيل في أجواء غير مسبوقة من التوتر والعنف قبل يوم واحد من بدء عملية التصويت.
وقبيل الانتخابات التي من المقرر أن تنطلق غدا الأحد، تزايدت حوادث المضايقات والهجمات، مع تحول حتى اللاعبين المحايدين مثل معاهد استطلاعات الرأي إلى أهداف.
وجاء الرئيس اليميني جايير بولسونارو، الذي يسعى لإعادة انتخابه، متخلفا عن الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في استطلاعات الرأي الرئيسية.
وأدت المعركة بين هذين الاسمين المختلفين للغاية إلى انقسام في الأمة البرازيلية– حيث قال الخبراء إن مستوى الغضب السياسي مختلف هذا العام، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وقال فيليبي نونيس، الرئيس التنفيذي لمعهد "كويست" للأبحاث، الذي يجري استطلاعات في البرازيل: "الاستقطاب الذي نواجهه هذا العام مختلف عن مجرد استقطاب سياسي.. نشهد هذا العام استقطابا فعالا – حيث تنظر المجموعات السياسية المختلفة إلى بعضها البعض كأعداء، وليس كخصوم".
وأضاف نونيش أن العديد من الباحثين بمجموعته تعرضوا لمضايقات أثناء إجراءات الاستطلاعات هذا العام.
وذكر معهد أبحاث شهير آخر، "داتافولها"، أن حياة أحد باحثيه تعرضت للتهديد، بعدما رفضوا إجراء مقابلة مع شخص عرف نفسه بأنه مؤيد لبولسونارو بمدينة أريرانها، خارج ساو باولو. واتهم الرجل الساخط الباحث بالتحيز وإجراء مقابلات مع "أنصار لولا" فقط و"الصعاليك". ثم ضربه وهدده بسكين، بحسب "داتافولها"، الذي قد بلاغا للشرطة.
وقال جان إستيفاو دي سوزا، منسق مشروع في "داتافولها": "أحد توجيهات استطلاعات الآراء عدم إجراء مقابلات مع شخص يعرض نفسه. يجب أن تكون عشوائية لأغراض إحصائية. معظم الحالات العادية (للهجمات) أشخاص يعرضون أنفسهم، وعندما يوضح الباحث أنه لا يمكنه إجراء مقابلة معه لتلك الأسباب، يبدأ هذا الشخص الإساءة والشتم."
وطبقًا للمعهد، تم الإبلاغ عن 42 حالة اعتداء وعنف أخرى ضد موظفيه منذ 7 سبتمبر هذا العام.
وفي حين شوهدت أعمال العنف على جانبي الوسط السياسي، اتهم المنتقدون بولسونارو بتعمد تعزيز عدم الثقة والإحباط بين المؤيدين تجاه نظام الانتخابات البرازيلية. وعلى نحو متزايد، كما يشير أدائه باستطلاعات الرأي، تحول غضب بولسونارو تجاه مؤسسات بحثية مثل "داتافولها".
وذُكر اسم المعهد عدة مرات – وأصبحت دقة استطلاعاته محل تشكيك من جانب بولسونارو. وخلال خطاب في برازيليا خلال الاحتفالات بالذكرى الـ200 لاستقلال البرازيل في 7 سبتمبر شكك بولسونارو في مصداقية توقعات داتافولها، وهو موضوع معتاد في خطاباته.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا أن لولا يتقدم على بولسونارو خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال إستيفاو دي سوزا، إن محاولات الساسة لتشويه معاهد استطلاعات الرأي ليست جديدة في البرازيل، "لكننا لم نواجه مطلقا مضايقات أو اعتداءات على الباحثين في الشوارع حتى هذا العام. اللغة الهجومية على المعاهد من حملة الرئيس، التي تحاول التشكيك في استطلاعات الرأي، ينتهي بها الحال بالانتشار بين المؤيدين الأكثر تطرفا وتنعكس في الشوارع."
وأضاف أن السجال الكلامي بين المرشحين الرئيسيين – بالرغم من أنه ليس شائعا في البرازيل – أيضًا إلى الأجواء المحمومة، حيث كرر بولسونارو وصفه للولا بـ"اللص"، في حين وصف لولوا بولسونارو بـ"الطفيلي".
وأظهر استطلاع لمعهد "كويست" أنه بالنظر إلى الحوار الوطني المشحون، اختار بعض الناخبين البرازيليين الامتناع عن مناقشة تفضيلاتهم الانتخابية علانية.
وتعتبر الاعتداءات على باحثي استطلاعات الرأي مثالا واحدا على العداء السياسي الذي تمت مشاهدته في البرازيل مع استعداد البلاد للتصويت.
وخلال خطاب قبول ترشيح حزبه لإعادة انتخابه في 23 يوليو دعا الرئيس البرازيلي الناخبين للتضحية بحياتهم "من أجل الحرية".
ووقعت اشتباكات متكررة بين أنصار بولسونارو ولولا – ربما كان أبرزها مقتل العضو بحزب العمال مارسيلو أرودا في 9 يوليو على أيدي أحد أنصار بولسونارو خوسيه دا روشا غوارانو، الذي اتهم لاحقا بالقتل العمد.