خالد عبد الغفار يواجه مافيا الولادات القيصرية.. وأطباء نساء: ثقافة المجتمع والأمهات مشكلة كبرى
خلال الفترة الماضية زاد الحديث عن الارتفاع الجنوني فى مصر للولادات القيصرية؛ إذ كشف المسح الصحي الأخير الذى أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تضخم معدلات الولادة القيصرية بين سيدات مصر لنسب تزيد على ،%70 بينما يؤكد أطباء أن النسبة الحقيقية أعلى من %80 بعد أن شاعت فى مصر وأصبحت اللغة الرسمية لأغلب الولادات بكل محافظات البلاد بما يتعارض مع الإحصائيات العالمية التى تحدِّد نسبة القيصرية فى كل دولة بما لا يزيد على %20 على الأكثر.
يضع الخبراء المسئولية على عدة عوامل؛ أولها استسهال الأطباء والتكلفة المرتفعة للولادة القيصرية، بجانب زيادة أجر الطبيب والفريق الطبى، كما أنها فى غياب قانون واضح تمثِّل حماية للطبيب من المعاقبة على أى مشكلات صحية قد تحدث الحامل أو الجنين أيضًا.
وعلى الرغم من أن الحديث عن ارتفاع الولادات القيصرية ليس جديدًا؛ إذ يعود للمسح الصحى الذى أُجري عام 4102، وأثبت آنذاك زيادة نسبة القيصرية لأكثر من %50 ولم تنخفض النسبة منذ8 سنوات حتى اليوم، بل أصبحت فى تزايد.
ارتفاع الولادة القيصرية
يؤكد الخبراء أن النسبة ستستمر فى ارتفاع خلال السنوات القادمة، وقد تختفى الولادات الطبيعية، ويرجع أطباء النساء والتوليد السبب فى ذلك إلى ثقافة المجتمع المصرى التى تعتبر السبب الرئيسى فى ارتفاع معدل الولادات القيصرية.
من ناحيتها اتخذت وزارة الصحة عدة إجراءات لأول مرة لمواجهة ارتفاع الولادات القيصرية لتقليل مخاطرها منها زيادة أجر الفريق الطبى فى الولادة الطبيعية ووضع حوافز للسيدات لتشجيعهن بدلًا من اللجوء إلى القيصرية، فضلًا عن وضع تشريع يحمى عمل الطبيب من حدوث أى مضاعفات، ورغم تلك الإجراءات إلا أن عددًا من الأطباء يؤكدون صعوبة التنفيذ على أرض الواقع.
يقول الدكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء واستشاري أمراض النساء والتوليد: إن الإجراءات التى اتخذتها وزارة الصحة من أجل تقليل معدلات الولادة القيصرية ستساهم فى مواجهة ارتفاع نسب الولادات القيصرية مشيرًا إلى وجود خطوات جادة تسعى لذلك.
مكاسب مالية
وأضاف لـ"فيتو": لا يمكن إنكار أن بعض الأطباء وليس الكل يمكن أن يرى أن منها مكاسب؛ حيث تحقق الولادات القيصرية تربحًا ولكن بنسب بسيطة، وليس كما يتخيل البعض فالولادة القيصرية عملية تستغرق نصف ساعة وليس أكثر، عكس تعب وإرهاق الولادة الطبيعية التى يمكن أن تستغرق 01 ساعات وسط متابعة الطبيب للسيدة، لذا يجب مضاعفة أجر الطبيب فى الولادة الطبيعية أكثر من القيصرية تشجيعًا له، لافتًا إلى أن تقليل نسب الولادات القيصرية لصالح الطبيعية سيساهم فى توفير أموال كثيرة للدولة، موضحًا أنه وفقًا للإحصائيات تكلف الولادة القيصرية الدولة مبالغ طائلة من 51إلى 02مليار جنيه تكلفة مباشرة.
وأشار عضو نقابة الأطباء إلى أن الولادة الطبيعية لا تحتاج سوى محلول وخيوط جراحية، عكس القيصرية التى تحتاج إلى محاليل وعلاجات نزيف وأدوية تخدير وأطقم طبية وحضانات فى بعض الأحيان للطفل الذى يُولد غير مكتمل النمو.
الدور التشريعي
كما لفت الدكتور خالد أمين إلى غياب الدور التشريعي فى مواجهة زيادة معدلات الولادات القيصرية فى ظل غياب تطبيق قانون المسئولية الطبية، موضحًا أن جزءًا من الأطباء يخشى متابعة السيدة التى تلد طبيعيًّا خوفًا من حدوث مضاعفات طبية يمكن أن تحدث فى أي لحظة، ويكون الطبيب مهدَّدًا بالسجن لعدم وجود قانون يفرِّق بين المضاعفات الطبية والأخطاء الطبية.
وتابع حديثه مؤكدًا أن الولادة الطبيعية ليس لها مضاعفات خطيرة لكن نسبًا بسيطة يمكن أن تحدث فيها مضاعفات مثل انفجار الرحم ومشكلات الجنين أو حدوث نزيف، وخطورة هذه المضاعفات أنها تحدث والجنين داخل الرحم، بينما الولادة القيصرية فى نصف ساعة يتم إخراج الطفل ويكون الطبيب فى أمان، وأكد أن وجود حوافز للفريق الطبي الذى يحقق معدلات أعلى فى الطبيعية أكثر من القيصرية يساعد فى مواجهتها، مشيرًا إلى أنه يمكن للطبيب أن يجري ولادات طبيعية لأكثر من سيدة فى اليوم مثلما يحدث فى القيصرية من خلال توفير الفرق الطبية المساعِدة له، وأضاف أن الحراك المجتمعي والتوعية فى الإعلام بمخاطرِ الولادات القيصرية سوف تسهم فى خفض تلك المعدلات المرتفعة.
من جانبه أكد الدكتور عادل فاروق، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة، أن نسبة الولادات القيصرية فى مصر لن تنخفض بسبب ثقافة المجتمع، مشيرًا إلى أن النسبة تتخطى ، %85 وأوضح لـ"فيتو" أن تكلفة الولادات القيصرية أغلى من الولادة الطبيعية نظرًا لأنها تحتاج إلى مهارة ومسئولية أعلى.
وأكد أستاذ أمراض النساء أن الولادة القيصرية لن تقل فى ظل غياب تشريع يحمي الطبيب إذا حدثت أي مضاعفات من الولادة الطبيعية، ولهذا سيضطر الطبيب لحماية نفسِه، مشددًا على أن نسب الولادات الطبيعية قد تتراجع لأقل من %10 قريبًا.
من جانبه قال الدكتور حسام الشنوفى، أستاذ النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة: إن المجتمع الطبي العالمي حدَّد نسبة الولادات القيصرية بـ %15فقط، موضحًا أن معظم البلاد تسعى للوصول لهذه النسبة، وأشار لـ"فيتو" إلى أن الولادة القيصرية تزيد من مخاطر حدوث المشيمة المتقدمة والملتصقة ونزيف، كما تهدد حياة الأم ويمكن أن يحدث استئصال للرحم.
وأوضح أن الولادات الطبيعية لأول مرة فقط للسيدة يحدث فيها ترقب، وبعد ذلك فى المرة الثانية تكون الولادة أسهل وأكثر أمانًا وتكلفة أقل على الدولة، وبذلك يتوفر غرف عمليات وعدد أسرة لمرضى آخرين.
المستشفيات الحكومية
وتابع حديثه بأن المستشفيات الحكومية التى تكون فيها الولادات مجانية تحرص على الولادة الطبيعية، موضحًا أن الطبيب لا يتلقى أجرًا على الولادة الطبيعية أو القيصرية؛ بل يلتزم بالعلم ويولِّد السيدة الحامل بشكل طبيعى، خاصة مع وجود رقابة عليه من المستشفى، ورصد إحصائيات لمعدلات الطبيعي والقيصري.
وطالب "الشنوفى" أى طبيب لديه نسب ولادات قيصرية مرتفعة بدراسة أسباب ذلك إذا كانت تأتى له حالات معقدة تستدعى الولادة القيصرية، موضحًا أن الطبيب وظيفته الأولى هى أن تلد السيدة طبيعيًّا، وإذا كان هناك ضرر يلحق بالأم أو الجنين له أن يلجأ إلى القيصرية، لافتًا إلى أهمية وجود تشريع قانوني يحمي الطبيب بدون إجحاف حق المريضة بما يساعد فى تراجع معدل الولادات القيصرية.
وكشف أستاذ أمراض النساء والتوليد عن مزايا الولادة الطبيعية، مؤكدًا أنها هى الطريقة الأفضل للولادة؛ حيث تضمن اكتمال نمو الرئة للجنين وتقلل فرص حدوث الصفراء، كما تحمي الأم من فتح البطن وعدم وضع مشرط فى الجسم، وبعد ذلك تكون الولادات أسهل، مشددًا على ضرورة تضافر الأطباء والمجتمع وزيادة التوعية لتقليل معدلات القيصرية.
نقلًا عن العدد الورقي…،