نورت يا قطن النيل.. الشرقية تسترد عرشها المفقود.. وزيادة الإنتاج يعيد البهجة إلى مزارعي بني سويف
تعيش محافظات مصر أفراحا كبرى خلال موسم جنى محصول القطن، الذي تعتبره الغالبية من الفلاحين قد عاد بهم للزمن الجميل وقت أن كان موسم الحصاد يساوى الكثير، يسهم فى توفير مصروفات التعليم لأكابر العائلة بالخارج، والزواج لمن يريد استكمال نصف دينه، ويعطى أصحاب الرغبة فى التوسع حق البناء الجديد وشراء مزيد من الأراضى، وفوق كل ذلك يعظم من ثقافة الثروة بين أبناء الفلاحين.
بخلاف ذلك يمثل إعادة القطن لسابق عهده الكثير بالنسبة للمسئولين فى وزارة الزراعة والفلاحين على حد سواء، فالقطن كان من الموارد التاريخية للاقتصاد المصرى، وإعادة هذا البند المستقطع منذ عقود بفعل الإهمال والتراخى وجفاف الفكر والابتكار يعنى استعادة المجتمع زخم الاهتمام بالزراعة وأهلها والقائمين عليها، وهو إنجاز لا يقدر بثمن.
عرش الشرقية
وحقق محصول القطن هذا العام بالشرقية طفرة كبيرة على جميع المستويات مما أدخل الفرحة على قلوب المزارعين.
من جانبه يقول المهندس أشرف طه نصير، القائم بأعمال وكيل وزارة الزراعة بالشرقية، إن الشرقية تضع على رأس أولوياتها الزراعية استعادة القطن المصرى جدارته بين المحاصيل الصيفية، موضحا أن القطن يتميز بكونه محصولا ثلاثي الأغراض يستخرج منه زيت بذرة القطن وعلف للحيوانات، كما أنه محصول إستراتيجى مهم للاقتصاد المصرى ويمثل حلولًا لمشكلات كثيرة يعانى منها الاقتصاد.
وأوضح «نصير» أن صنف القطن جيزة 94 تبكير يجنى وهو عمر 145 يوما لتعلن مصر للعالم أن الذهب الأبيض لم ولن تذهب جودة تيلته رغم التغيرات المناخية.
وتابع: عملية جنى القطن تتم على مرحلتين، المرحلة الأولى: عندما تصل نسبة التفتيح إلى 60%، وبعد ذلك يتم جنى القطن، والمرحلة الثانية لضمان جودة ورتبة القطن العالية، لافتا إلى أن جنى القطن على مرتين يساعد فى الحصول على رتبة عالية من الجنية الأولى، بسبب عدم بقاء اللوز المتفتح فترة طويلة بدون جنى وعدم تعرضه للعوامل الجوية أو السقوط على الأرض والاختلاط بالتراب، ما يحافظ على رتبته وعلى اللون الطبيعى للصنف.
وأشار وكيل الوزارة إلى ضرورة وضع القطن على مفارش نظيفة مع التقليب والفرفرة مع الفرز وفصل الفصوص المصابة والجافة والمبرومة والمتفتحة بشكل غير طبيعى على حدة، للحصول على رتبة أعلى وسعر أفضل، منوهًا إلى أن الجنى يجب أن يتم بعد تطاير الندى، وفى حالة الجنى وقت وجود الندى، يجب نشر القطن فى الشمس ولا يفرز أو يعبأ إلا بعد جفافه، ويعبأ فى أكياس من الخيش النظيفة ثم تغلق بدوبارة من القطن، مشددًا على عدم تعبئة القطن فى أكياس السماد أو البلاستيك.
مساهمات الدولة فى الإنتاج.
كانت مديرية الزراعة بالشرقية وفرت التقاوى الجيدة للمزارعين وكذلك مبيدات مكافحة الآفات بالسعر المدعم والمضمون مع وجود جهاز مكافحة الآفات والإرشاد الزراعى طوال موسم الزراعة.
تجدر الإشارة إلى أن المساحات المزروعة بمحصول القطن بمحافظة الشرقية هذا العام بلغت نحو 56 ألف فدان، بزيادة قدرها 20 ألف فدان عن العام الماضى ببذور منتقاة من صنف جيزة 94 الذى يتميز بالنمو الثمرى عن الخضرى وغزارة ثماره وملاءمته للظروف الجوية ومقاومته للأمراض بالإضافة إلى نضجه مبكرا عن الأصناف الأخرى.
وبدأت زراعة محصول القطن فى منتصف شهر أبريل لتستمر حتى منتصف يونيو، ولم يسمح بالزراعة بعد هذا الموعد لتجنب الآثار السلبية الزراعات المتأخرة متمثلة فى ضعف الإنتاجية وزيادة احتمالات الإصابة بالآفات نتيجة تعرضها لموجات الحر المتتالية وقد تمت زراعة مساحات كبيرة فى المراكز الشمالية بالمحافظة بالحسينية ومنشأة أبوعمر وصان الحجر وأولاد صقر وكفر صقر وأبو كبير وديرب نجم وبلبيس، وذلك لخصوبة التربة وتوافر الظروف المناخية الملائمة لزراعة القطن هذا علاوة على وقوعها فى نهايات الترع واكتساب المزارعين فى تلك المناطق خبرات موروثة عن آبائهم بقدرتهم على تحقيق أعلى إنتاجية.
من جانبها حددت مديرية الزراعة بالشرقية 28 حلقة (ائتمان + 4 حلقات مراقبة بصان الحجر) لتداول الأقطان وفق الآلية الجديدة، وهم مراكز صان الحجر 11 حلقة، وأولاد صقر 5 حلقات، ومنشأة أبو عمر 2 حلقة، وديرب نجم 2، وكفر صقر حلقة واحدة، والزقازيق والقنايات وأبو حماد حلقة واحدة، (محلج أبو الأخضر) وبلبيس ومشتول السوق حلقة واحدة، وأبو كبير وفاقوس حلقة واحدة، (منشأة أبو رضوان) والحسينية 3 حلقات، وأخيرا منيا القمح حلقة واحدة (ميت يزيد.
من ناحية أخرى، التقت “فيتو” بالمواطن محمد عبد الحميد، الذى يعمل مزارعا باليومية هو زوجته وابنته لجمع محصول القطن وممسكا بيده بأكياس بلاستيكية وأجولة لجمع المحصول فيما ينتشر حولهم العشرات من النساء والرجال والأطفال يتسابقون لجنى القطن ووضعه فى الأكياس وقد ارتسمت الابتسامة على شفاههم آملين فى إنهاء يومهم لتقاضى أجورهم والعودة إلى منازلهم فرحين بحفنة قليلة من النقود تكفيهم لشراء المستلزمات الضرورية لمنزلهم البسيط الكائن بالقرية.
«ننتظر جنى المحصول بفارغ الصبر كل سنة عشان نطلع بأى فلوس نحاول نساعد بها فى جهاز ابنتنا تمهيدا لزواجها مستقبلا»، يقول الرجل الخمسينى عندما سألناه عن سبب عمله فى الحقول وبرفقته زوجته وابنته، مضيفا: «موسم جنى القطن ننتظره كل عام، ويعتبر مصدر دخل جيد لأسرتى الصغيرة».
من ناحيته، يقول الحاج محمد: «زراعة القطن حازت على اهتمام المسئولين بالدولة هذا العام بعد توافر الأماكن اللازمة لتصريف المحصول عكس العام الماضى الذى وقعنا فيه ضحايا للسماسرة وتعرضنا لخسائر فادحة وبيوتنا خربت»، على حد قوله.
يضيف: «يتوافر لنا البذور والتقاوى الجيدة لكن المشكلات التى تواجهنا دائمًا هى تكلفة العمالة، حيث يحصل العامل فى اليوم الواحد على أجرى تتعدى 90 جنيها بخلاف تكاليف الزراعة والحصاد أو الجنى».
صاحب السعادة
فيما قال المهندس رمضان الشافعى، أخصائى القطن بمديرية الزراعة فى بنى سويف، إن المساحة المزروعة هذا العام داخل المحافظة من محصول القطن بلغت 7 آلاف و963 فدانا بزيادة عن العام الماضى والتى بلغت 4 آلاف و789 فدانا، موضحا أن زيادة المساحة فى القطن يرجع إلى اهتمام الدولة بالقطن والمزارعين.
وتابع: الدولة تقدم للفلاحين الأسمدة ومستلزمات الإنتاج والإرشادات الدورية، فكل مبيد يختلف عن الآخر، وعقد الندوات الإرشادية بالتعاون مع الإدارة المركزية للإرشاد الزراعى البرنامج الإرشادى يستهف النهوض بمحصول القطن ورفع الكفاءة الإنتاجية.
وأضاف: تتميز محافظة بنى سويف بزراعة القطن (جيزة 95) وهو من أجود أنواع القطن فى العالم طويل التيلة، ولذلك يحتل مكانة تصديرية عالية نظرا لأن القطن المصرى يتميز بطولة ونعومته ومتانته، هذه الخصائص تأتي من عوامل وراثية وطبيعية متوفرة فى البيئة المصرية، كذلك يتميز الصنف بالإنتاجية العالية والتبكير فى النضج والتصافى العالى، مما يحقق كل الأهداف فى كل صنف جديد يتم استنباطه عن طريق مركز البحوث الزراعية.
ومن جانبه قال المهندس عماد جنجن، وكيل وزارة الزراعة ببنى سويف، إن متوسط إنتاجية القطن لهذا الموسم بلغت 9 قناطير للفدان الواحد بزيادة نصف قنطار عن العام الماضى، بكافة المراكز السبع بالمحافظة.
وأضاف أن إستراتيجية العمل فى القطاع الزراعى هدفها الرئيسى هو خدمة المزارعين وحل مشكلاتهم، لهذا تم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للتقاوى وإدارة الفحص والاعتماد، ومعهد بحوث القطن، وإدارة إنتاج التقاوى ببنى سويف وعضو من الإرشاد الزراعى يتمثل فى أخصائى القطن بالمحافظة لمتابعة الشكوى ووضع الحلول لها.
وأوضح أنه يتم حاليًا الاستعداد للموسم الزراعى الشتوى والذى يبدأ فى أول أكتوبر 2022 وينتهى بنهاية فبراير 2023، حيث تشمل زراعات الموسم الشتوى المقبل محاصيل القمح، البنجر، والبصل، الثوم والخضار والزراعات الطبية والعطرية.
وأشار إلى أن المساحة الإجمالية الزراعية بكافة المحاصيل على مستوى محافظة بنى سويف، تقدر بأكثر من 296 ألفا و340 فدانًا، موزعة بواقع 238681 فدان «ائتمان» و18548 فدانا «إصلاح زراعي»، و39113 فدانا «أراض جديدة ومراقبات»، منوها إلى أن إجمالى الجمعيات الزراعية بالمحافظة تبلغ أكثر من 250 جمعية، منها: 221 جمعية تابعة للائتمان، و22 جمعية إصلاح زراعى، و11 جمعية مراقبات.
نقلًا عن العدد الورقي…،