الدعم السياسى لبرنامج الحكومة والفرص الضائعة
حظى برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي في مرحلته الثانية الحالية بدعم سياسى غير مسبوق وأيضا تقبل شعبى أو لنقل صبر على تحمل تبعاته وأعبائه وتأثيراته الحادة على حياة الناس. فالقرار السياسي دعم برنامج الحكومة بالعديد من القرارات المصيرية لتمويل برنامج الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي على مدى الثمانى سنوات الماضية.. وأبرزها بالطبع إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي وبالأحرى رفع الدعم عن الطاقة والمواد البترولية عموما وتقليص بنود الدعم الأخرى، والتى كانت تستنزف ما يتراوح بين ٢٣% إلى ٢٦% من إجمالى المصروفات بالموازنة العامة سنويا..
وهو ما أتاح للحكومة وفرا ضخما فى ميزانيتها السنوية، وأيضا صدرت قرارات هامة لإعادة تسعير العديد من السلع والخدمات الحكومية التى كانت تقدم من نحو ٥٩ هيئة حكومية بسعر حكمى، ذو طابع اجتماعى فى قطاعات المياه والمواصلات وغيرها من الأنشطة، حيث تم تحريك أسعارها تدريجيا أو تصاعديا مما أثمر عن وفر جديد فى حصيلة الإيرادات العامة بموازنة الدولة، وأيضا صدرت عدد من القرارات الأخرى لدعم الحكومة في مجال الضرائب وأهمها الانتقال إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات، وتعميم الضريبة على قطاع الخدمات إلى جانب السلع وإلغاء معظم الإعفاءات في القانون السابق ورفع العديد من السلع والخدمات من جداول الضريبة الخاضعة للحد الأدنى لسعر الضريبة بواقع ٥% و٢% ليرتفع سعر الضريبة العام من ١٠% إلى ١٤%..
دعم الحكومة
وهو ما يضاعف الحصيلة الضريبة ويحقق وفر ضخم للحكومة سنويا من أجل دعم برنامج الحكومة، ولم يتوقف الدعم السياسى لبرنامج الحكومة وسبقه الحصول على مساعدات متواصلة من الدول العربية الشقيقة لمعاونة الحكومة على الخروج من المأزق الاقتصادي وتمويل الإصلاح الاقتصادي وبرامج التنمية والإصلاح المالي للسيطرة على عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام المحلى والخارجى بأكثر من ٢٥ مليار دولار، سواء من خلال مساعدات لا ترد أو عبر برامج تمويلية بفوائد بسيطة ولآجال سداد طويلة.
وتبع ذلك الموافقة على برامج تمويل بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي بواقع ١٢ مليار دولار،
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل تم الموافقة على برامج تقدمت بها الحكومة للسيطرة على نمو ميزانية الأجور والمرتبات، والتى تستحوذ أيضا على نحو ٢٦ % من اجمالى المصروفات العامة بالموازنة العامة سنويا، وذلك من خلال قرارات بإيقاف التعيينات الجديدة بالقطاع الحكومى حتى لو كانت قطاعات مهمة، تعانى عجز كبير وعلى رأسها قطاع التعليم الأساسي، وهو ما دعم الحكومة بالسيطرة على معدلات النمو الكبيرة في ميزانية التعليم..
والأمر لم يتوقف أيضا عند هذا الحد لدعم القرار السياسى لبرنامج الحكومة واعتمدت استراتيجية جديدة بزيادات غير مسبوقة لرسوم مختلف الخدمات الجماهيرية والشهادات والمواثيق وغيرها مما ضاعف حصيلة بند الرسوم المتنوعة للإيرادات بالموازنة العامة، ثم تم أيضا تفعيل قانون الضريبة العقارية الجديد والمجمد منذ سنوات بهدف زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بالموازنة العامة، وتبع ذلك تفعيل قانون ضريبة التصرفات العقارية وفق آليات جديدة لتنشيط حصيلتها..
وأخيرا صدر قانون المصالحات فى مخالفات البناء عموما، أيضا بما وفر حصيلة ضخمة لبرنامج الحكومة وإصلاح الاختلالات الحادة بأرقام الموازنة.. وبعد كل هذا الدعم وبعد ما تحمله المواطن بصبر وتقلص فى دخله وتراجع في أحواله المعيشية سواء نتيجة التضخم أو الارتفاعات المتلاحقة في أسعار السلع والخدمات لازالت المشكلات الاقتصادية قائمة، واختلالات أرقام الموازنة العامة حادة والتضخم وصل إلى نحو ١٠،٥% بحسب الإحصاءات الرسمية، وانتقل الوفر المحقق بموازنة الدولة من رفع الدعم على أسعار الطاقة والمواد البترولية والمياه لمواجهة التزايد غير المسبوق في أعباء خدمة الدين العام ولازال عجز الموازنة كبير ويصل إلى ١٠% وارتفع حجم الدين العام إلى ما يعادل نحو ٩٤% من الإنفاق العام بالموازنة.. والآن يتساءل الناس كيف أضاعت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى كل فرص الدعم السياسى لبرنامجها الإصلاحى والتنموي ولازالت على الكرسى؟!