رئيس التحرير
عصام كامل

جمهورية الفيمنست.. برامج “تسليع النساء” تسيطر على الشاشة.. وخبراء: انفلات إعلامي أتاح الفرصة للحمقى

الدكتور أحمد الباسوسي
الدكتور أحمد الباسوسي

فى‭ ‬هذا‭ ‬الزمن،‭ ‬ليس‭ ‬أسهل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يجلس‭ ‬أحد‭ ‬أمام‭ ‬شاشة‭ ‬التليفزيون‭ ‬أو‭ ‬الحاسوب‭ ‬ويتكلم‭ ‬وينصح‭ ‬بل‭ ‬يحرض‭ ‬أحيانا،‭ ‬وبرامج‭ ‬السيدات‭ ‬فى‭ ‬الفضائيات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬استثناء،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القنوات‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمرأة‭ ‬قدر‭ ‬“الشحن”‭ ‬والإثارة‭ ‬لهدم‭ ‬البيوت‭ ‬المصرية،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يثير‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأوساط‭ ‬الإعلامية،‭ ‬وتنم‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.. ‬والتقرير‭ ‬التالى‭ ‬يناقش‭ ‬الأبعاذ‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لهذه‭ ‬الهبة‭ ‬غير‭ ‬الفطرية‭..‬


الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬قوى‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يوضحه‭ ‬طه‭ ‬أبو‭ ‬الحسين،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع،‭ ‬فيوضح‭ ‬أن‭ ‬برامج‭ ‬الإعلام‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬علم،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬مذيعات‭ ‬برامج‭ ‬السيدات‭ ‬يتحدثن‭ ‬فى‭ ‬تفسير‭ ‬آيات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وهن‭ ‬لا‭ ‬يُجِدن‭ ‬قراءتها‭ ‬فى‭ ‬الأساس،‭ ‬فالحديث‭ ‬فى‭ ‬العلم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬دليل‭ ‬وسند‭ ‬ومرجعية،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬رسائل‭ ‬الماجستير‭ ‬والدكتوراه‭ ‬إذا‭ ‬كتب‭ ‬الباحث‭ ‬جملة‭ ‬بدون‭ ‬سند‭ ‬يحذفها‭ ‬المشرف‭ ‬من‭ ‬رسالته‭.‬


وأوضح‭ ‬أبو‭ ‬الحسين‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬زمن‭ ‬ولكل‭ ‬مجتمع‭ ‬ظروفه‭ ‬التى‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬غيرها،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الزوجة‭ ‬الثانية‭ ‬حلال،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية‭ ‬تسمح‭ ‬بوجود‭ ‬زوجة‭ ‬ثانية،‭ ‬وبالتالى‭ ‬الزوجة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تخدم‭ ‬زوجها‭ ‬أو‭ ‬ترضع‭ ‬أبناءها‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬ذلك،‭ ‬فهى‭ ‬غير‭ ‬مجبرة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬تسمح‭ ‬للزوجة‭ ‬بتوفير‭ ‬خادمة‭ ‬لها‭.‬


وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الزوجية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الوفاق‭ ‬الاجتماعى‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬ومسئوليات‭ ‬المرأة‭ ‬والاختلاف‭ ‬الاجتماعى‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬ومسئولية‭ ‬المرأة،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الخلاف‭ ‬على‭ ‬حق،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستخدم‭ ‬هذا‭ ‬الحق،‭ ‬الذى‭ ‬يراد‭ ‬به‭ ‬باطل،‭ ‬كأداة‭ ‬فتنة‭ ‬وتدمير‭ ‬للبيوت‭ ‬المصرية‭ ‬وفساد‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بما‭ ‬يضع‭ ‬المجتمع‭ ‬فى‭ ‬مهب‭ ‬الريح،‭ ‬منوها‭ ‬كل‭ ‬الدعوات‭ ‬المطروحة‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فرضا،‭ ‬وبالتالى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المذيعات‭ ‬لا‭ ‬يردن‭ ‬إصلاحًا‭.‬


روشتة‭ ‬إنقاذ
فى‭ ‬نفس‭ ‬السياق‭ ‬يقول‭ ‬أحمد‭ ‬الباسوسى،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬نفس،‭ ‬عالمنا‭ ‬المعاصر‭ ‬يعاد‭ ‬تشكل‭ ‬أو‭ ‬صياغة‭ ‬منظومته‭ ‬القيمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬القيمية‭ ‬الإنسانية‭ ‬حدثت‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬بسبب‭ ‬تلك‭ ‬المنظومة،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬القيم‭ ‬التقليدية‭ ‬التى‭ ‬درج‭ ‬عليها‭ ‬الآباء‭ ‬والأجداد‭ ‬هى‭ ‬السائدة‭ ‬فى‭ ‬ثقافة‭ ‬عالمنا‭ ‬المعاصر‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أو‭ ‬بلادنا‭.‬


وواصل،‭ ‬أهم‭ ‬وسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬المؤثرة‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬وعى‭ ‬الجماهير‭: ‬الإنترنت‭ ‬بالطبع،‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى،‭ ‬والتلفزيون‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحتفظ‭ ‬بزخمه‭ ‬الشديد‭ ‬فى‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬الناس‭ ‬وتغيير‭ ‬اتجاهاتهم‭ ‬وتوجهاتهم‭ ‬المعرفية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والنفسية،‭ ‬وتأتى‭ ‬برامج‭ ‬الفضائيات‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬المهتمة‭ ‬بشئون‭ ‬الأسرة‭ ‬لتلتقط‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الإنترنت‭ ‬المزدحم‭ ‬بكل‭ ‬عادات‭ ‬وثقافات‭ ‬الغرب‭ ‬الجديدة‭ ‬الغريبة‭ ‬على‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬لتمثل‭ ‬المادة‭ ‬الإعلامية‭ ‬لبرامجها‭ ‬والتى‭ ‬تصطدم‭ ‬بقيمنا‭ ‬التقليدية‭ ‬السائدة،‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬لعملية‭ ‬التدرج‭ ‬أو‭ ‬التحول‭ ‬القيمى‭ ‬المجتمعى،‭ ‬وبالتالى‭ ‬تحدث‭ ‬صدمة‭ ‬لوعى‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التمهيد‭ ‬لهم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬أو‭ ‬التحول‭ ‬الجارى‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭.‬


وأكد‭ ‬الباسوسى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مسايرة‭ ‬الواقع‭ ‬المتغير‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها،‭ ‬لكن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الوعى‭ ‬تماما‭ ‬بهذا‭ ‬التغير‭ ‬وتأثيراته‭ ‬المجتمعية‭ ‬على‭ ‬شبابنا‭ ‬المتلهف‭ ‬للتغيير،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاستعانة‭ ‬بخبراء‭ ‬فى‭ ‬المجال‭ ‬لديهم‭ ‬الكفاءة‭ ‬والخبرة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬وترشيدها‭ ‬وإجراء‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬وإنجازه‭ ‬فى‭ ‬سلام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حدوث‭ ‬صدمات‭ ‬أو‭ ‬اصطدام‭ ‬أو‭ ‬تهديد‭ ‬السلم‭ ‬المجتمعى‭.‬


وفيما‭ ‬يخص‭ ‬التحليل‭ ‬النفسى‭ ‬لظاهرة‭ ‬الفيمنيست‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬قال‭ ‬الباسوسى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬أتاحت‭ ‬الفرصة‭ ‬للمضطربين‭ ‬نفسيا‭ ‬والمجرمين‭ ‬والحمقى‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وآرائهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لوحة‭ ‬المفاتيح‭ ‬فى‭ ‬غرف‭ ‬النوم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬وسيلة‭ ‬مهمة‭ ‬للظهور‭ ‬والدعاية‭ ‬للنفس‭ ‬أو‭ ‬إثبات‭ ‬الوجود‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأولئك‭ ‬الذى‭ ‬يتمتعون‭ ‬بعقد‭ ‬النقص‭ ‬وعدم‭ ‬الكفاءة‭ ‬ومشاعر‭ ‬داخلية‭ ‬بالعجز،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬لديهم‭ ‬طوق‭ ‬نجاة‭ ‬ينشرون‭ ‬عبرها‭ ‬أفكارهم‭ ‬المضطربة‭ ‬بأريحية‭ ‬تامة‭.‬

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية