المانجو السكري.. أرخص ثمرة وأغلى بذرة
بعشرة جنيهات فقط يمكن أن تحظى أسرة كاملة بمتعة التهام كيلو جرام من المانجو السكري، هذا الصنف المميز برائحته الذكية وطعمه الحلو كمزيج الماء والسكر مع قليل من نكهة المانجو، وعلى انتشاره الواسع بسبب إنتاجه الغزير يتراجع سعره في بورصة المانجو ليحتل مكانه ضمن الأصناف الأرخص سعرًا، لكن على جانب آخر فإن لبذور المانجو السكري التي نتخلص منها في حاويات القمامة حكاية آخرى لاقتصاد كبير ربما لا يعرف الكثيرون عنه شيء.
يصنف المانجو السكري كأفضل الأصناف المتأقلمة مع ظروف البيئة المصرية والتي جعلته الأنسب لمقاومة الملوحة والجفاف، ليكون حلًّا سحريًّا يضمن لمصر التوسع في زراعة أصناف المانجو المحلية والأجنبية على مساحات شاسعة في الصحراء، وهو ما ساعد في تنامي اقتصاد المانجو خلال العقدين الأخيرين لتصل المساحات المنزرعة منها إلى أكثر من 280 ألف فدان وبإنتاجية تتخطى حاجز المليون طن سنويًّا، وفقًا لآخر الأرقام الصادرة عن الإدارة المركزية للبساتين والخضر بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
ويصف المهندس أشرف الأنصاري استشاري زراعة المانجو الصنف السكري بأنه من أشهر الأصناف انتشارًا في مصر ويزرع بكثافة كبيرة في محافظة الإسماعيلية وبعض المناطق في سيناء، ويشتهر بلونه الأصفر ومذاق ثماره الحلوة، وإنه مع تنظيم زراعة المانجو في مصر قبل سنوات وتحولها إلى اقتصاد كبير من حيث مستلزمات الزراعة وحتى الإنتاج، ظهرت أهمية تصنيف الأصول لدورها في زيادة الإنتاجية وتحسين مواصفات الأصناف الجديدة من حيث تحمل الملوحة والجفاف ومقاومة الأمراض.
وأضاف في تصريح خاص، إنه بعد البحث والفرز والاختبار تم الاعتماد علي الصنف السكري لمواصفاته الخضرية المميزة وبذوره متعددة الأجنة التي تنتج أكثر من نبات من نفس الصنف ليكون الأصل الأشهر والأساسي بمصر لقدرته الكبيرة على تحمل الملوحة ولصفاته القوية التي تتميز بها الأصناف المطعومة عليه سواء الأصناف الأجنبية التي تمت أقلمتها في البيئة المصرية أو الأصناف المحلية الشهيرة، مرجعًا نجاح زراعة الأصناف الأجنبية الجديدة في مصر مثل الناعومي والكيت والكنت والأوستين والهايدي والياسمينة والتي تتميز بالإنتاجية العالية إلى تطعيم أشجارها على الأصل السكري الذي أثبت كفاءته في أقلمة أصناف المانجو المختلفة في مصر.
ومن جانبه كشف الدكتور محمد الشناوي أستاذ الفاكهة الاستوائية بمركز البحوث الزراعية عن أن زراعة المانجو في مصر تقوم على التطعيم على الصنف السكري لأنه يتفرد بتحمل الملوحة ونقص المياه أكثر من أي صنف آخر وهي الأزمات التي تواجهها مصر في الزراعة، لافتًا إلى أن الأراضي الجديدة في الظهير الصحراوي بمصر ملوحتها مرتفعة وأغلبها طبيعتها كلسية، ومنها بعض مناطق في محافظة الإسماعيلية، حيث ترتفع نسبة كربونات الكالسيوم في التربة وهو ما يجعل مهمة الزراعة صعبة.
وتابع: لكن الأصل السكري حل تلك المشكلات وأثبت قوته في مواجهة تلك الظروف وهو صنف مصري أصيل مثله كالعويس والزبدة مثلًا، وعلى الرغم من تحمل أصل المانجو الزبدة للملوحة والجفاف فإن الصنف السكري تفوق عليه في مواجهة الظروف المصرية في الزراعة، وهو صنف متأقلم تمامًا مع البيئة المصرية منذ استنباطه.
وأكد لفيتو، أن تجارة بذور المانجو السكري هي تجارة رائجة جدًّا في مناطق مختلفة في مصر وهي بذرة مطلوبة وقد يطول تجارتها بعض الغش والتلاعب كون الإقبال عليها كبير من أصحاب المشاتل والمزارع، لافتًا إلى أن أوراق المانجو السكري مميزة برائحة المانجو الذكية والنفاذة التي تنتطلق منها بمجرد فركها في اليدين، وهو علامة التمييز بينها وبين غيرها من الشتلات
ووفقا للمهندس سيد الجمال صاحب أحد المشاتل الكبرى في منطقة أبورواش بالجيزة، فإن الصنف السكري يعتبر هو عماد مشاتل المانجو المصرية ويقبل عليه أصحاب المشاتل والمزارع في موسم المانجو كل عام، لافتًا إلى أن هناك قرى كاملة تزرع المانجو السكري بغرض بيع البذرة وليس الثمار، وأن أسعار البذرة بلغت العام الماضي لأكثر من جنيهين بسبب نقص الإنتاج نتيجة التغيرات المناخية التي ضربت مصر الموسم الماضي، في حين أن الموسم الحالى شهد وفرة كبيرة في إنتاج المانجو وفي المطروح من بذرة السكري والتي تتميز بأنها متعددة الأجنة وتنتج ما يصل إلى 4 نباتات للبذرة الواحدة، بمعنى أن بذرة السكري الواحدة تنتج أربعة شتلات جديدة.
ولفت إلى أن أسعار البذرة السكري هذا العام تراجعت إلى أقل من جنيه ونصف الجنيه بعد أن كسرت حاجز الجنيهين العام الماضي، بل تراجعت في ذروة الموسم الحالي إلى 70 قرشًا للبذرة الواحدة نتيجة وفرة الإنتاج، وأن هناك كميات متوفرة أيضًا من البذرة هذا العام مازالت في انتظار المشتري.