الجوع قادم.. أزمة غذائية تهدد العالم بسبب الجفاف في الصين
لم يمض الكثير من الوقت على حدوث انفراجة في أزمة الغذاء العالمية التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بعد توقيع اتفاق أسطنبول الذي يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود تحت إشراف تركيا والأمم المتحدة.
الأمن الغذائي
ولكن ظهرت أزمة جديدة تهدد الأمن الغذائي العالمي، وهذه المرة قد يكون تأثيرها أكبر من الحرب الروسية الأوكرانية، هذه الأزمة منطلقها من العملاق الآسيوي الصين.
وكشف تقرير إعلامي لصحيفة اندبندنت، أن الصين تقف على شفير كارثة مائية، بالإضافة إلى أن الجفاف قد يجر البلاد أزمة نقص مياه حادة، ولكن تأثير هذه الأزمة لن يكون على بكين وحدها بل العالم بأثره.
وأكد التقرير أن أزمة الجفاف التي قد تتعرض لها الصين، ستؤدي إلى نقص عالمي حاد في الأغذية والمواد الصناعية بمعدلات تتخطى كثيرًا ما شهدناه جراء جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
وأوضح تقرير الاندبندنت أنه نظرا للثقل الذي تتمتع به الصين في الأسواق العالمية، فإن حدوث اضطرابات في موارد المياه قد يتردد صدى هذه الاضطرابات في أسواق الغذاء والطاقة والمواد الأولية العالمية، ويؤدي إلى اختلالات اقتصادية وسياسية في العالم لسنوات مقبلة.
ندرة المياه في الصين
وترجع خطورة أزمة الجفاف التي قد تتعرض لها الصين، نظرا لأن المياه ليس لها بدائل ممكنة، فهي عامل أساسي في إنبات الأغذية النباتية وتوليد الطاقة واستدامة الحياة البشرية.
وأشار تقرير الاندبندنت، أن المياه في الصين كان لها دورًا بارزًا في النمو الجامح الذي أنجزته البلاد. وهي تستهلك اليوم عشرة ملايين برميل مياه يوميًا، أي أكثر ب700 مرة من استهلاكها اليومي للنفط.
وتسبب النمو الاقتصادي الذي حققته الصين على مدار 4 عقود، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، في تخطي النظام المائي في شمال الصين مستوى الاستدامة (أي مستوى تجديد التغذية). وهذه السياسات تنذر بالتسبب بالأمر ذاته في أجزاء من جنوب الصين أيضًا.
ووفقا لإحصائيات 2020، تسببت إمدادات المياه المتوافرة في الصين معدل 253 مترًا مكعبًا للفرد الواحد، والذي يعتبر أدنى بنحو 50 في المئة من المعدل، الذي تعتبره الأمم المتحدة ندرة مياه حادة.
ونوه تقرير اندبندنت إلى أن هناك دراسة تحليلية للمياه السطحية أجرتها سنة 2018 وزارة الإيكولوجيا والبيئة الصينية، والتي توصلت إلى أنه على الرغم من تحسّن نوعية المياه، مقارنة بالسنوات السابقة، تبقى نسبة 19 في المئة من المياه المتوافرة غير صالحة للاستهلاك البشري، ونسبة سبعة في المئة من المياه المتوافرة غير صالحة لأي استخدام.
وفيما يتعلق بالمياه الجوفية، والتي تعتبر ضرورية لتأمين إمدادات المياه في أوقات القحط والجفاف، تبلغ نسبة 30% منها غير صالحة للاستهلاك البشري، ونسبة 16 في المئة منها غير صالحة لأي استخدام، حسبما ذكر تقرير اندبندنت.
وأوضح التقرير أنه قد تكون الصين قادرة على التعامل مع شح المصادر المائية في المستقبل، لكن هذا ممكن فقط إن خصصت استثمارات إضافية ضخمة لمعالجة البنى التحتية، واعتمدت زيادة كبيرة في استخدام الكهرباء في عمليات معالجة المياه.
ومع استمرار التلوث الذي تتعرض له المياه الجوفية في الصين نتيجة المواد الكيماوية الصناعية والزراعية، الأمر الذي قد يجعل البلاد أكثر عرضة للشح في مصادر المياه.