الشيخ متولى الشعراوى يشرح معنى التدبر في القرآن
ردا على سؤال عن كيفية التدبر بالقران كتب الشيخ محمد متولى الشعراوى يقول:
حين يأتي من يريد ان ينبه عقلك، فاعلم انه لا يريد ان يخدعك، أو أن ياخذك على غرة، فربك العظيم يقول لك: استقبل كلامى هذا بمنتهى التدبر والتذكر والتعقل.
ولو لم يكن الحق سبحانه وتعالى واثقا من انك ستصل بالتدبر والتعقل والتذكر الى الغاية التي يريدها لما نبه عقلك لآياته، فكما ترى عارض السلعة الجيدة الواثق من جودتها يعرضها عليك ويكشفها لك ويدعوك الى فحصها وتأمل ما فيها، فهو لا يفعل ذلك الا لثقته في بضاعته وأنها ستنال رضاك.
أما صاحب السلعة المغشوشة فيخدعك ويسلك معك أساليب اللف والدوران والتغرير، فحين تذهب مثلا لشراء حذاء وجاء ضيقا يقول لك سيتسع بعدما تمشى فيه، فإن جاء واسعا يقول لك احضر لك واحد مضبوط ليوهمك انه ليس واسعا، وأساليب هؤلاء مكشوفة لا تخفى على أحد، فالذى يريد ان يغش ويخدع يلف القضايا ليسترها عن عقلك المتدبر المتذكر المتمعن.
أما الحق سبحانه فكثيرا ماقال في قرآنه: أفلا يسمعون، أفلا يعقلون، أفلا يتدبرون القران ؟ فهو أنزل القران كتابا مفتوحا للناس جميعا ليفحصوه وليفتشوا فيد ويتدبروه ويعقلوه ويقابلوا بين آياته، فليس هناك كتابا في الدنيا يدعوك لهذا، ويقول لك في سورة النساء:" ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".
فهذا تحد يتحدى به الناس ان يجدوا فيه اختلافا وتناقضا او ان يأتوا بمثله، أو بعشر آيات من مثله والحق سبحانه يعلم انهم لن يستطيعوا، فقال تعالى في سورة الاسراء: (قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ).
القران يستثير العقل ليتأمل ويتدبر ويعقل ويسال ويناقش، ونجد عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه يقول ( شوروا القران ) أي قلبوا معانى الآيات لتجدوا ما فيها من كنوز، ولا تأخذوا الآيات بظواهرها فعجائب القران لا تنقضى.
استخرجوا من القران الكنوز بالتدبر، لأن التدبر يحمى من حماقة التفكير، ولا يخدعنكم أحد عن القران كلام الله، فمعنى ان الله يحثنا على تدبر قرآنه، فمعنى هذا انه واثق من انك لو اعملت عقلك إعمالا قويا لوصلت الى الحقيقة المطلوبة، أما الذى يريد ان يغشك فلا ينبه فيك وسائل التفتيش.
والحق سبحانه وتعالى يعلى وسائل الادراك عند الانسان كالسمع والبصر والفؤاد والعقل، فعقلك وسيلة من وسائل الادراك مثل العين والاذن، ومهمة العقل ان يدرك ويفهم ويتدبر ماوراء ما سمعه بأذنه أو رآه ببصره، أو ذاقه بلسانه أو شمه بأنفه، أو لمسه بجلده ن والمهم في الانسان الا يضع على قلبه أقفالا تمنعه من ان يستفيد بحواسه ووسائل ادراكه وغلا أصبحت غير ذات معنى.
لذلك يقول تعالى في سورة محمد: " أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها " فعلا قلوبهم أقفالا فلا تفهم ولا تتأمل، على قلوبهم مغاليق تحول بينهم وبين التفاعل مع كلام الله.
ازل مغاليق قلبك وأقفاله واستمع للقران بقلب واع مفتوح لاستقبال كلام الله نديا طريا منهجا الهيا نزل لهداية البشر.
