"البارومة بتاكل فيه".. الإهمال يدمر أقدم فنار في مصر ومطالب بإنقاذه بعد تردي حالته
يُعد فنار البرلس في محافظة كفر الشيخ، أقدم ثاني برج حديدي في العالم بعد برج "إيفل"، وهو الفنار الوحيد المتبقي في مصر، وكان ضمن مجموعة فنارات أقامها الخديوي إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس.
ويرجع تاريخ إنشاء فنار البرلس إلى عام 1869، ويبلغ ارتفاعه 55 مترًا ومثبت على 3 قواعد من الرصاص على شكل مثلث زنته 40 طنًّا ـ بالإضافة إلى مجموعة من السوست الحديدية لمساعدته على المرونة والميل مسافة 12 سم عند اشتداد الرياح.
وتعمل غرفة الإضاءة بالفنار القديم بالكيروسين ويصل مدى إشارتها إلى 118 ميلًا بحريًّا، وسجلته دائرة المعارف البريطانية في 4 صفحات كاملة نظرا لدقته، وأخيرًا تم ضم فنار البرلس وملحقاته البالغة 18 غرفة إلى هيئة الآثار.
يروي " ماهر درغام" البالغ من العمر ٧٢ عامًا، لـ"فيتو" أن جدي ووالدي كانا يعملان بالفنار القديم، ولي فيه ذكريات كبيرة، وأذكر أنني في صغري جاءت بي والدتي داخل الفنار في عام ١٩٥٦ خلال العدوان الثلاثي على مصر، لتحميني نظرًا لأنه من المعروف أن الفنارات لا يتم ضربها في الحروب لأنها تخدم جميع الدول.
وأوضح أن الفنار من الداخل به ٣٦٥ سلم رأسي بعدد أيام السنة ولكن للأسف انهارت والفنار تصدأ وحرفيا " البارومة بتاكل فيه" حتى أن الاستراحات سقط سقفها لسوء حالتها، ونتمنى أن يتم تطوير الفنار وتجديده ليكون مزار سياحي يليق بأهل كفر الشيخ بصفة خاصة وبمصر بصفة عامة.
تآكل الشاطئ
ولـ فنار البرلس أهمية كبيرة جدًّا، حيث كان يرشد السفن ليلًا عن طريق عدسات توجد في أعلى الفنار، وهذه العدسات تعمل على عكس الضوء، وتصل قوة إشاراتها في جهة البحر المتوسط، بحوالي 30 كم.
ويقع الفنار بمنطقة البرلس وفى حدود قرية الشيخ مبارك على شاطئ البحر مباشرة حيث يبعد عند إنشائه نحو ميل واحد تقريبا عن شاطئ البحر، ولكن نتيجة لتآكل الشاطئ أصبحت المسافة نحو 120م عن الشاطئ، وقد ثبتت هذه المسافة الآن تقريبا بعد وضع كتل خرسانية لمنع النحر.
وتمثل منطقة البرلس شبه جزيرة وتدخل رأس بلطيم بمسافة ما بين 48 و35كم داخل البحر المتوسط، لذا كان من الضروري إنشاء الفنار لإرشاد السفن منعا لاصطدامها بهذا الرأس من اليابس مقابل رسم للمرور.
المهندس الفرنسي بركار
تم إنشاء الفنار عام 1869 على يد المهندس الفرنسي بركار، وكان يحتوي على عدسات فى قمة البرج الزجاجي، وغرفة الإضاءة تعمل بـ"الكيروسين"، وتصل مدى إشارتها إلى بُعد 17 ميلًا بحريًا ترشد السفن، ويحيط بالفنار مجموعة من الغرف لإقامة الموظفين والعمال، وتم ضمه إلى هيئة الآثار في 1998، وهو الآن في حالة سيئة من الصدأ وتآكل ألواحه المعدنية مما يهدد بسقوطه.
وطوال 120 عامًا ظل البرج يعمل دون توقف، وطوال تلك السنوات كانت تجرى صيانة دورية سنوية لترميمه، والفترة الوحيدة التي توقف فيها عن العمل كان إبان حرب 1967 فور غلق قناة السويس.
وتوجد بالفنار مجموعة من الاستراحات عددها 18 غرفة، وهي تستهدف توفير الراحة والإقامة لأطقم العمل الإداري والفني الخاصة بالفنار، وقد أنشئت عام 1930، ارتبط اسمه بين أهالي المنطقة بطريق فريد الأطرش وفاتن حمامة لأنه شهد تصوير أغاني فيلم لحن الخلود، أحد كلاسيكيات السينما المصرية.
يذكر أن محافظة كفر الشيخ بها العديد من المواقع الأثرية الهامة، منها: مدينة بوتو، "تل الفراعين"، وآثار فوه الإسلامية، من مساجد وعددها 365 مسجدًا، إضافة لربع الخطايبة وغيرها من الآثار، إضافة إلى متحف كفر الشيخ القومي العملاق والذي يضم 1200 قطعة أثرية، منها المعروض ومنها بالمخازن.