موهوبون من يومنا والله والبذرة كويسة.. حلقات لتعليم أطفال قنا التراث الغنائي | فيديو
“عاشت يتيمة، أكل حقها، وراح يعذبها، قتلها وغسلها وكفنها، وراح بعد ما جوعها وعطشها اللي طلعت من بيت شبعان” كلمات تراثية عند الاستماع إليها لا يخطر ببالك أن تخرج من أفواه الصغار.
ففي وقت العصاري يخرج عشرات الأطفال وهم يرتدون الجلباب الصعيدي واضعين الشالات على الأكتاف، يجلسون على ضفاف نهر النيل، يجلس المعلم حاملًا بيده العود وإلى جوارهم آلات موسيقية قديمة منها المزمار والربابة والدف، يضعون المراسي الحديدية وتبدأ جلسة الاستماع والحفظ لتراث الصعيد الجواني.
“فيتو” التقت أطفال قرى مركز نقادة التابعة لجنوب محافظة قنا، كي تعرف منهم قصة عشق هذا التراث الجنوبي القديم.
بيتنا ورغفانه وحيطنا القديم
بتلك الكلمات بدأ الطفل أحمد محمد البالغ من العمر 13 عامًا، قائلًا: “تراثنا هو الهواء الذي نتنفسه، نعشق كل صغيرة وكبيرة، مفرادتنا التي لا يمكن أن يعرفها الكثيرين بسهولة، نحن هنا في الصعيد نعلم ونتعلم ولكن العلم هنا في الصعيد ليس بالسهولة التي يمكن أن يتوقعها الغير، فمثلا مفردات الرغفان والغلق والمعلاق والخيط والدروة ”ساحة مدخل المنزل"و الدوار والمشنة والعلاوة والمطر "هذه مفردات خاصة جدًّا وظهرت في اغاني التراث الصعيدي.
ونوه محمد تكروني، مؤسس توكتوك السعادة لاكتشاف المواهب، انه وجد العديد من الأطفال لديهم القدرة والاستجابة علي تعلم هذا التراث الذي له مدارس وفنون متعددة تختلف من قرية لقرية ونجع لآخر ومركز لمركز وهكذا من محافظة إلى أخرى كلا له تراثة ومفرداته التي لا يعرفها إلا أهلها.
“حفظ التراث كالماء والهواء”
بتلك الجملة بدأ الطفل ياسر محمد، أحد تلاميذ مدرسة التراث الصعيدي بمركز نقادة،انه تعلم عدة فنون، ولالقاء وحفظ المقطوعة التراثية التي لها وزن مختلف ومفردات جميلة منها ما يحمل الحزن والتي تشبه العدودة،وهناك تراث الافراح الذي يتغنى به الصعايدة في مناسبتهم السعيدة، وهناك ما يرثي حال البيوت التي هجرها أهلها وينعي الحضن الذي غاب وهو الام او الاب وحسرة البنت التي فقدت ميراثها بسبب جشع الاخ وطمعه في الحصول علي التركة لينتهي به الحال أن يقتل شقيقته بالإهمال والحرمان حتى تموت جوعًا وعطشًا بعد ما كانت تعيش ملكة في بيت أبيها هذه كلها ألوان مختلف من التراث تحكي حياة أهل الصعيد.
واشار يحي سليم محمد، أحد أبناء المدرسة التراثية، ان التراث الصعيدي غني وثري جدا،ويمكن ان يكون مادة خصبة لكثير من الأعمال الفنية، كما في فيلم الطوق والاسورة والوان الغناء الحزين الذي ظهرت فيه وهنا في قنا ايضا الوان مختلفة قائلا"زي ما هو قاعد بيتنا..بيت قديم اصبح كله حيطان..هنا رباني ابوية..كنا بناكل عيش جميل اسمها رغفان"، ونوه الي القطعة التي يكتبها يحفظها في ايام معدودة ويبدا في حفظ اللحن مع المعلم ليتقنها بشكل غنائي جيد وفي مجالس العصاري وعلي انغام العود والربابة والمزمار يتغنى مع الجميع.
وأكد محمد تكروني، مؤسس توكتوك السعادة، انه كان يجوب شوارع قرى ونجوع المركز ويستمع يوميًّا الى الموهوبين في مختلف الأنشطة وفوجئ بقصة حفظ عدد من الاطفال لتراث العصا والتحطيب والمرماح إلى جانب الأنشطة الأخرى وهو ما دفعه الي انشاء مدرسة تحت مسمى الفتوة لتعليم مختلف الفنون ويضم من خلالها الاطفال لتعلم كافة الفنون.
لافتا إلى نادي نقادة يضم حاليًّا جزء من تلك الانشطة المختلفة، أملًا أن يصل بفكرته في الحفاظ على التراث إلى كل ما يمكن أن يكون فيه مكان لحفظ التراث حتى لا ينقرض.