لا طالوا تقاليد لندن ولا إتيكيت فرنسا.. تقرير قديم يفضح المجتمع الأرستقراطي في مصر
نشرت مجلة "المصور" عام 1954م تقريرًا بعنوان "هذه هي قصة المجتمع المصرى" كتبته الصحفية إنجي رشدي عن أحوال المجتمع المصري قبل الثورة قالت فيه:
المجتمع المصرى هل هو المجتمع الأرستقراطى الذى يتميز بالأصل العريق كما هو الحال في إنجلترا حيث التقاليد الموروثة الشهيرة بالحفلات الرسمية مثل حفلات قصر باكنجهام، أم هو مجتمع النصب والمال كما هو في أمريكا حيث تسود لغة الدولار.
وتلعب الأرقام دورًا في تحديد قيمة الفرد، وهؤلاء يعيشون في جو خاص ولهم أحياء خاصة وشواطئ خاصة، لا يستطيع الفرد العادى اجتيازها إلا إذا كان من أصحاب الملايين وهل الأستقراطية هي الإتيكيت والأصل العريق كما هو الحال في المجتمع الفرنسي الذى يتألف من فلول النبلاء الفرنسيين.
والحقيقة أن المجتمع المصرى لا هو هذا ولا هو ذاك، إنما هو عجيب يجمع بين كثير من المتناقضات، إن أكثر المجتمعات العالمية تتشابه في ناحيتين تقريبًا هما أرستقراطية الأصل وأرستقراطية المال فهل مجتمعنا كذلك.
الأسرة المصرية
لا يمكن القول بوجود أرستقراطية الأصل لأن الغالبية العظمى من الأسر المصرية المعروفة لا يزيد تاريخها عن 150 سنة منذ عهد محمد علي، أما أرستقراطية المال وهى الأراضى التي كان يمتلكها عدد محدود من الأسر المصرية برز أصحابها وعائلاتها بين الناس بحكم ما يملكون، وكان يطلق عليهم اسم "الأعيان" لدرجة أن البعض فكَّر في إنشاء نادٍ يخص الأعيان وحدهم لا يدخله إلا ملاك الاراضى لكن ماتت الفكرة، أما الأرستقراطية السياسية في مصر فأخذت تتراجع عن الميدان.
حفلات البيوتات
بدأ المجتمع المصرى يأخذ شكلًا خاصًّا ومغايرًا بعد أن نالت المرأة بعض حقوقها وخرجت للتعليم وظهرت هدى شعراوى تطالب بمزيد من الحقوق، ووصلت المرأة إلى مكانة ثقافية واجتماعية بعدما تحررت من الحجاب عام 1930م وانتشرت الحفلات في البيوتات الكبيرة.
ووسط هذه الأضواء ظهرت عنايات سلطان أول سيدة مجتمع مصرية تحمل الثقافة الشرقية والغربية، وتقيم الصالونات والحفلات، ومعها ظهرت قوت القلوب الدمرداشية التي ألفت منتدى سمى "نادى القلم" الذى يضم صفوة الكتاب والأدباء والفنانين، ثم ظهرت الأميرة السابقة شويكار ـ طليقة الملك فؤاد ـ وكان قصرها ملتقى أبناء الأسر الراقية، وتدار فيه ليالى ألف ليلة وليلة.
مجتمع الأندية
ظهر أيضًا مجتمع الأندية مثل نادى السيارات ونادى محمد على ونادى الجزيرة ونادى التتش "الأهلى حاليًا" ونادى فاروق "الزمالك الآن" وكلها كانت قاصرة على القادرين ومن أبناء القصر والوزراء.
الجمعيات الخيرية
ثم دخلت المرأة مجال المساهمة في الجمعيات الخيرية، وكانت أميرات الأسرة المالكة من أكثر القائمين على جمعيات الخير، وكان من أهم شروط انضمامها لهذه الجمعيات أن تكون من البارزات في المجتمع، فنشأ نتيجة لذلك مجتمع أطلق عليه أرستقراطية الخير، وكل هم هذا المجتمع هو إقامة الحفلات الساهرة تحت ستار الغرض النبيل الذي تحمل عنوانه الجمعيات الخيرية.
ومن نجوم الجنس الخشن التي لمعت في سماء المجتمع الأساتذة محمد سلطان ومحمد شعراوى "شقيق هدى شعراوى"، عبد الحميد الشواربى، والمرحوم على فهمى شقيق عائشة هانم فهمى الذي قتلته زوجته الفرنسية مارجريت.
مجتمع الخير
هذا هو مجتمع الخير عبارة عن حفلات ساهرة ومدعوين رجال ونساء.. كل همهم المتعة والتسلية بين الأضواء الساطعة والطعام والشراب والثياب الفاخرة التي سادها الإسراف والتبذير.