العدوان الصهيوني على سورية ماذا بعد!
ليست المرة الأولى التي نكتب فيها عن العدوان الصهيوني على سورية، ففي كل مرة يتكرر فيها العدوان نعود لنؤكد أنه منذ بدأ الحرب الكونية على سورية العربية قبل ما يزيد عن عقد من الزمان تحت زعم أنها ثورة شعبية على غرار الثورات العربية المزعومة فى تونس ومصر وليبيا واليمن وبالطبع من يدرك ويعي الواقع الاجتماعي العربي بتفاصيله المختلفة لا يمكن أن يجمل الحديث عن هذه الأقطار مجتمعة فلكل مجتمع خصوصيته البنائية والتاريخية، وهو ما يجعل المتأمل في الحالة الثورية العربية يقف كثيرا قبل محاولة إطلاق تعميمات على هذه الأقطار مجتمعة.
وبغض النظر عن موقفنا مما حدث وتوصيفنا له، وهل بالفعل ما حدث داخل بنية هذه المجتمعات يرقى إلى مستوى الثورة أم لا، فإننا يمكن أن نؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها، وإذا كان تعريفنا للثورة هى إحداث تغيير جذري في بنية المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لصالح الغالبية العظمى من المواطنين، فإن النتائج التي أفضت إليها الثورات المزعومة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية تؤكد فشل هذه الثورات حتى ولو كانت هناك أسباب موضوعية لانطلاقها تختلف باختلاف كل قطر.
ولا يمكن لكل متأمل فطن أن يغفل دور القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل السريع على خط ما يسمى الثورات العربية في الأقطار المختلفة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة وبالطبع هذه الاستفادة لا يمكن أن تكون لصالح شعوب هذه المجتمعات لكن دائما تكون لصالح هذه القوى الاستعمارية وحلفائها في المنطقة وفي مقدمة هؤلاء الحلفاء يأتي العدو الصهيوني الذي يمكننا الآن التأكيد دون أدنى شك أنه المستفيد الأول من وراء كل ما حدث داخل مجتمعاتنا العربية عبر العشر سنوات الماضية.
تعاون أمريكي صهيوني
لقد تراجعت وبشكل حاسم مفاهيم ظلت قائمة ومتصدرة المشهد السياسي المحلي والإقليمي والدولي لسنوات وعقود طويلة من قبيل الصراع العربي الصهيوني حيث أصبح الواقع يقول أن الصراع قد أصبح عربي عربي، وأصبح العدو الصهيوني خارج حلبة الصراع، وتراجعت القضية الفلسطينية بقوة مقابل تصدر الأزمة السورية واليمنية والليبية للمشهد العربي بشكل ملحوظ.
ولا يمكن لأحد الآن أن ينكر دور الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الصهيوني في دعم النزاعات الداخلية لاستمرار عدم الاستقرار داخل المجتمعات العربية خاصة في مصر وسورية، فمن المعلوم تاريخيا ومنذ إعلان العدو عن دولته المزعومة أنهم يسعون إلى تصفية الجيوش العربية، حيث أكد بن جوريون قائدهم المؤسس أن إسرائيل لا يمكن أن تعيش آمنة إلا بالقضاء على الثلاثة جيوش العربية القوية.
وعندما برزت على السطح بوادر ما يطلق عليها الثورات العربية المزعومة كانت الجماعات التكفيرية الإرهابية تلك الأدوات الاستعمارية المزروعة داخل مجتمعاتنا العربية جاهزة لخوض معركة شرسة مع القوات المصرية والسورية، وكانت دائما الحماية الأمريكية والسلاح الأمريكي جاهزا.
وبنجاح الشعب المصري في الإطاحة بالجماعات التكفيرية الإرهابية من سدة الحكم والتي استولت عليه في لحظة فارقة من عمر المؤامرة على مصر، كان لابد للعدو الصهيوني أن يبحث عن وسيلة جديدة لاستنزاف القوات المصرية حتى لا يكون على استعداد لمواجهته في أى لحظة، وبما أن كامب ديفيد لازالت قائمة فإن أي تدخل صهيوني مباشر سيكون غير ممكنًا، لذلك تم دعم الجماعات التكفيرية الإرهابية على جبهات مصر الحدودية ( الجبهة الشرقية مع فلسطين المحتلة، والجبهة الغربية مع ليبيا المغدورة، والجبهة الجنوبية مع السودان المنحورة)، وبذلك يؤجل العدو الصهيوني مواجهته المباشرة القادمة لا محالة مع القوات المصرية.
أما سورية فموقفها مختلف إلى حد كبير فهى الدولة العربية الوحيدة التي عجز العدو الصهيوني من النفاذ إليها عبر البوابة السياسية، ولم يتمكن الأمريكي من جعلها دولة تابعة له اقتصاديًا أو عسكريًا أو حتى ثقافيًا، لذلك ظلت هى العقبة الحقيقية في وجه المشروع الصهيوني، لذلك عندما برزت موجة ما أطلق عليه الثورات العربية تم تغذية الجماعات التكفيرية الإرهابية الكامنة بالداخل وأرسل إليها المدد مزيد من التكفيريين الإرهابيين من كل أصقاع الأرض، وبصلابة وبسالة وشجاعة الجيش العربي السوري تمكن من التصدي لها، وكلما شعر الأمريكي والصهيوني أن أدواته الوكيلة على الأرض تهزم يجن جنونها.
لذلك لا عجب عندما نجد اعتداءً واحتلالًا أمريكيًا للأراضي العربية السورية، ولا عجب بالقطع أن تتكرر الاعتداءات الصهيونية على سورية العربية خاصة على المواقع العسكرية للجيش العربي السوري فهو المستهدف الأول من هذه الحرب الكونية على سورية، لذلك يجب أن ندرك ونعي أن العدوان الصهيوني المتكرر على سورية لن يتوقف بل هو بداية لمواجهة مباشرة مع الجيش العربي السوري، الذي يظن العدو أنه منهك من طول المعركة مع الأدوات التكفيرية الإرهابية، وبعدها سوف يتفرغ العدو الصهيوني لمعركته الأخيرة مع القوات المصرية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.