فريد زهران: البعض يرى تنظيم النسل مخالفة لإرادة الله.. والأولاد عند آخرين "عزوة" (حوار)
أي تشريعات للحد من الزيادة السكانية تحتاج لحوار مجتمعى واسع
التعامل بخيارات شخصية وراء فشل مواجهة الزيادة السكانية بمصر
إهمال مواجهة خطر الزيادة السكانية يجهض كل جهود التنمية
المشكلة أكبر من الموروث الثقافى والدينى.. ومعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية أكثر أهمية
لن يكون هناك مواجهة حقيقية للزيادة السكانية بدون إستراتيجية متكاملة للتنمية
الحديث مع الساسة عن أزمة الزيادة السكانية خاصة الذين يمتلكون رؤية ذات صبغة وخصائص اجتماعية يكشف الكثير من جوانب الخلل فى المنظومة وطرق المعالجة، كما يقدم رؤية متكاملة لصانع القرار قائمة على الدراسة والتجربة فى بلدان أخرى تتبع نفس الفكر.
لهذا يحمل حوار "فيتو"مع المهندس فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الكثير من الأهمية لمعرفة بدائل الأحزاب وإستراتيجيتهم فى الحل لواحدة من أعقد مشكلات الدولة المصرية.
زهران أوضح أن فشل الحكومات المتعاقبة فى التصدى لمشكلة الزيادة السكانية يعود إلى عدم وجود إستراتيجية متكاملة قابلة للتنفيذ، إذ لا يكمن الحل عند زهران فى الخيارات الشخصية لصانع القرار، وإلى نص الحوار:
*فى البداية حدثنا عن رأيك فى مشكلة الزيادة السكانية.. وماذا تمثل للمجتمع المصرى؟
الزيادة السكانية هى كبرى المشكلات التى تواجه المجتمع المصرى، إذ تمثل الغول الذى يلتهم عوائد ومعدلات التنمية المتعثرة أصلا فى مصر، ويكفى الاستدلال على خطورة وحجم المشكلة أن مصر من 5 بلدان تشكل الزيادة السكانية خطر على مستقبلها الاقتصادى والمفارقة العجيبة أن الصين أكبر قوة بشرية فى العالم ليست من بين هذه الدول لأنها نجحت فى علاج المشكلة التى كانت تشكل خطرا داهما يهدد وجودها.
*لماذا تفشل معها كل الحلول حتى الآن؟
لأن الأنظمة والحكومات المتعاقبة تعاملت معها دون إطار صحيح ومناسب، وأعتقد أنه يجب وضع إستراتيجية متكاملة للتنمية وبدونها لن يكون هناك مواجهة حقيقية للزيادة السكانية، لأن زيادة الإنجاب بمعدلات كبيرة أمر لا يتعلق بوعى شخصى أو لأسرة فقط، ولا يتعلق أيضًا بمدى إلحاح هذه الأسرة أو الشخص، وإنما الأمر يتعلق ببذل مجهود كبير فى تنمية المجتمعات السكانية المكتظة وخاصة الريفية وشبه الريفية.
وكذا التوسع فى التعليم الجيد التى يمكن أن يحقق السلم الاجتماعى لا سيما فى الريف والمجتمعات شبة الريفية، فالخيار الأول والسهل أمام هذه الأسر هو إنجاب الأطفال للالتحاق بسوق العمل فى سن مبكر لكى يحصلوا على بضعة جنيهات تساعد فى مواجهة أعباء الأسرة الاقتصادية.
*لكن البعض يرى أن المشكلة أعمق من ذلك، وتتعلق بمورثات ثقافية واجتماعية ودينية ليس سهلا التغلب عليها؟
هناك بالفعل أسباب ثقافية ودينية ضمن أسباب كثرة الإنجاب، حيث يعزز الموروث الثقافى من أفكار العزوة والعصبة والعائلة كأحد أسباب رأس المال الاجتماعى، كما يرى البعض أن تحديد أو تنظيم النسل نوع من الاعتراض والمخالفة لإرادة الله تعالى، ولكن مع ذلك أعتقد أن معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية أكثر حسما.
*لماذا؟
لأن كل المؤشرات تؤكد أن متوسط الزيادة السكانية فى الريف أعلى من المدن وفى المدن الصغيرة أعلى من المدن الكبيرة الصناعية كما تؤكد المؤشرات أن معدلات الزيادة السكانية فى البطاقات الأكثر فقرا أعلى بكثير من الشرائح الوسطى والعليا.
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الأسباب الاجتماعية والاقتصادية حاسمة، وأن مواجهة الموروث الخاطئ بالدين من الأمور المهمة، ولكنها ليست أساس الحسم، ولن تؤدى المعالجات الثقافية وحدها إلى نتائج ما لم يتم الارتقاء بمستوى التعليم العالى لكى يصبح وسيلة للترقى الاجتماعى، وما لم تكن هناك جهود تنموية حقيقية توفر مزيدا من فرص العمل.
*وهل تعتقد أن هناك إمكانية لإيجاد تشريع لإلزام الأسر بإنجاب طفلين فقط وتغليظ العقوبة على المخالفين؟
فى تقديرى أن إصدار أي تشريعات للحد من الزيادة السكانية يحتاج إلى حوار مجتمعى واسع تكون نقطة البداية فيه إطلاق إستراتيجية تنموية متكاملة تشمل التعليم والتصنيع، بدليل أن الصين على سبيل المثال تبنت هذه الفكرة، وما كان يمكن لها أن تحقق نجاحًا ما لم تكن نقطة البداية لديهم هى وضع إستراتيجية متكاملة.
أما فى مصر فعدم تحقيق أي نجاح لمواجهة المشكلة يعود إلى أننا تعاملنا معها بخيارات شخصية يمكن تغييرها من خلال الإعلانات أو الدعاية أو تصريحات رجال الدين دون أن يتعاملوا مع المشكلة باعتبارها جزءًا من المشكلة التنموية بالمعنى الشامل، ولذلك فشلنا فى مواجهة المشكلة حتى الآن.
*وما هى الآثار التى ستترتب على الاستمرار فى الإنجاب وعدم تكاتف الجميع فى حل الأزمة بشكل جذرى؟
الإهمال والتباطؤ فى مواجهة الزيادة السكانية سيؤدى بالتأكيد لإجهاض كل محاولات التنمية، خاصة أن العوائد ضعيفة، ولن تستطيع مواكبة الزيادة ومتطلباتها من مرافق وخدمات ووظائف، لذلك نحن فى الحزب المصرى الديمقراطى لنا إستراتيجيتنا لحل هذه المشكلة باعتبارها جزءًا من مشكلة التنمية.
*ما هى ملامح إستراتيجيتكم لحل الأزمة؟
النهوض بالتعليم والتصنيع وتوفير فرص عمل والتوسع فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتركيز على تعليم المهارات للالتحاق بسوق العمل الذى يعتمد على التصنيع أساسًا.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ “فيتو”