ربات البيوت الأسوياء
كان هناك برنامج صباحي يومي في الإذاعة المصرية اسمه إلي ربات البيوت تقدمه الإذاعية القديرة صفية المهندس، كانت تخاطب نساء مصر العفيفات بمنتهي الود وتقدم لهن النصح والإرشاد والطب لتدعيم الاستقرار والسلام المجتمعي
في تلك الأيام كان الطلاق فعلا أبغض الحلال، ولم نكن نسمع عن الـ«سترونج وومن»، و«الإنبدندنت وومن» وإن المرأة غير ملزمة بإرضاع طفلها، وإن فعلت فلها أن تؤجر كما قالت إحداهن مستندة علي فهم ناقص وجهل متعمد بأصول الفقه، وامتلكت الجرأة لهذا الهذيان..
وخرجت أخري تقول إن المرأة غير ملزمة أيضا بخدمة زوجها، وفات علي السيدة إياها أن الفقه التراثي الذي استخرجت منه هذا الحكم بأن الأم غير ملزمة بإرضاع طفلها هو نفسه الفقه التراثي الذي يقول أن الزوج غير ملزم بالانفاق علي علاج زوجته المريضة، فإذا كانت تري أن الفقه الإسلامي التراثي يمثل صحيح الدين فيجب الأخذ به كله سواء فيما يتعلق بالرجل أو المرأة، أما آية أجرة الرضاعة فهي تخص الأم المطلقة، وحتى لو تخص عموم الأمهات ما الداعي إلى إثارة مثل هذه الأمور وفي هذه التوقيتات بالذات؟
دعاوى تنافي الفطرة
فالقرآن واضح وصريح، الأم وهي على ذمة زوجها ترضع وليدها حولين كاملين إذا ما اتفطم الرضيع قبلها، أما الأم المطلقة، فلها الأجر إذا أرادت، هذا بكل بساطة بدون فذلكات وبدون فتاوى ممن ليس له حق الفتوى ثم إن حكمة الله في إلزام الأم بالرضاعة ليس لإهانتها ولا لكونها مرضعة، وهذا تنطع رخيص، فمن المعلوم طبيا ونفسيا أن الرضاعة الطبيعية من الأم هو تحصين للطفل وللأم من أمراض كثيرة وعكس ذلك يعنى أن تكون الأنثى من بنى البشر مستثناة من دون المخلوقات التى فطرها الله لتقدم لوليدها غذائه وحنانها، ويعني أن تصبح المرأة مجرد آداة للمتعة والتمتع..
وحتي من غير تجديد ولا تنقية ولا مدارس ولا مذاهب هذه الدعاوي تنافي الفطرة والطبيعة التي فطر الله عليها الأم ثم إن هذه الدعاوي أيضًا تسيء وتهين الست كأم وكإنسان، وقد لخصت سيدة ناضجة سوية هذا العبث بقولها "بطلوا هبل يا نسوان داحنا لو مربيين كلاب وقطط بنأكلهم ونحميهم"، ثم لماذا تستمع المرأة باصغاء لقول رفقًا بالقوارير ولا تلتفت لقول الرجال قوامون على النساء، ولهذا فإن سوء النية والقصد متوفر عند من يروجون لهذا الفكر الذى يفرق ولا يجمع..
هؤلاء الباحثون عن الترند واللغط أشد خطرا من الإرهاب المسلح، فالرصاصة تقتل فرد بينما الكلمة تقتل مجتمعا بأكمله لآن البشر الأسوياء يعلمون أن الزواج سكن وتعاون وإستيعاب وإحتواء ومسؤلية وإحترام ومحبة.
فالأم والجدة والزوجة والأخت والإبنة، أماكنهن كانت ومازالت في قلوبنا وكرامتهن من كرامتنا، وعزتهن من عزتنا، ولم ولن يجرؤ أحد على المساس بهن من داخل أو خارج العائلة. هن التى ربين وعلمن أجيال متعاقبة، دكاترة ومهندسين وضباط وقضاة وأساتذة جامعات، وبعضهن لم يكن يستطيعوا الكتابة والقراءة، وأنجبوا العلماء والنجباء. لذا فإن المرأة هي الأغلي عند أي رجل سوي.
فإذا كانت الزوجة لن تخدم زوجها فسوف يستأجر لها إمرأة وغالبا ستكون زوجة لرجل أخر أو يسعي للزواج بأخري تعرف كيف تبني وتكون ربة بيت، وفخورون لأن لدينا وزيرات وقاضيات وأكاديميات وسيدات أعمال وبطلات رياضة كان خلفهن أب وأخ وزوج، أي رجل سوي مثل ملايين الآباء والأزواج ولا تحتمل العلاقات الزوجية أن تكون محلا للأراء المجنونة، ولكن علينا أن نعلم أن الزواج مسئولية مشتركة لطرفيه، وأن تشجيع النساء والرجال علي الطلاق يؤثر في أطراف أخري جاءت إلي الحياة دون ذنب -إنهم الأطفال- فالزواج علاقة مشاركة كاملة وتفاوض دائم وما حدث تنطع يضر من حيث يظن أنه ينفع ويفرق من حيث يظن أنه يجمع!