حكم تاريخي لرئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس النواب الحالي: رعاية المرأة كاملة لبيتها أصل الزواج.. وعصيان الزوجة يهدم البيوت
“المرأة مُلزمة.. المرأة غير مُلزمة.. والرجل مًلزم.. والرجل غير مًلزم”، ربما كان هذا هو التريند الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، خاصة بعد خروج الحقوقية نهاد أبو القمصان، لتوضح أن المرأة غير مُلزمة برضاعة أولادها، وإن فعلت ذلك فلها أجر عليه، وهو ما فتح شهية الجميع للحديث عن حقوق الزوجين، واتخذ البعض الأمر وسيلة لتوضيح مدى “عقلية” الحركة النسوية في مصر، والتي تركت مشكلات رئيسية للتحدث عن مثل تلك الأمور.
زاد من الطين بلة، أن آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أشار إلى ارتفاع نسب الطلاق 14% خلال هذا العام مقارنة بالعام السابق، وهو ما يدق ناقوس الخطر، حتى أن المؤسسات الدينية نظّمت بعض الدورات للتقارب بين الشباب وإفهامهم منظومة الزواج وقيم المودة والرحمة، وذلك كله اتساقًا مع تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي أوضح فيها قلقه على مستقبل الأسرة المصرية.
وبعيدًا عن المكايدة بين الرجال والنساء، وما يحق للذكر وما يحق للأنثى، فإن ما نقدمه في السطور التالية قضية قديمة تناولت هذا الأمر وبيّنت فيه الحقائق وفقًا على الأسس الشرعية ومقاصد الشريعة الإسلامية.
لكن ما يزيد من أهمية هذا الحكم التاريخي، أنه صدر من المحكمة الدستورية العليا بعضوية كل من المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، والمستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب الحالي.
تفاصيل القضية
وتعود تفاصيل الحكم إلى إحدى القضايا التي رُفعت عام 1992 من أجل تعديل بعض المواد الخاصة بالنفقة الزوجية، وفيها أوضحت المحكمة الدستورية ما نصّت عليه الشريعة الإسلامية للعلاقة بين الزوجين، وأولها أن الزوج مُلزم بالإنفاق على زوجها حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين، ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها النفقة وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به الشرع ولا تجب النفقة للزوجة إذا امتنعت مختارة عن تسليم نفسها دون حق أو اضطرت إلى ذلك لسبب ليس من قبل الزوج، أو خرجت دون إذن زوجها، ولا يعتبر سببا لسقوط نفقة الزوجة، خروجها من مسكن الزوجية - دون إذن زوجها - في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة، وطلب منها الزوج الامتناع عنه".
المصلحة الشخصية
وأوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أن المصلحة الشخصية المباشرة، تقتضي عدم تحريض كل زوجة تحريضا خفيا على أن تستهر بزوجها مما يجعل الحياة الزوجية شغبا وتطاحنا وصخبا، لا سكنا أو طمأنينة، وما من زوج مؤمن يقبل عصيان زوجته لأوامره التي تمنعها من الخروج من منزلها والقانتة هي التي ترعى زوجها، وتحفظ عرضه وماله، ولوكان غائبا عنها وهي التي قرن الإسلام طاعتها لزوجها بإقامتها لفرائضها الدينية، وليس من العدل أن يحمل الرجل على الإنفاق على زوجته التي لم تمتثل لطلبه بالامتناع عن العمل، تقديرا بأن الأصل أن ترعى الزوجة بيتها رعاية كاملة لا تتهيأ إلا بالاحتباس الكامل الذي تتفرغ الزوجة بمقتضاه لشئون زوجها وتصون أولاده، وتتحقق به المودة والرحمة وغيرهما من مقاصد النكاح.
وأضافت المحكمة الدستورية في الحيثيات، أن الزوج ولو تفاهم أصلا مع زوجته على أن تعمل، إلا أن رضاءه بالاحتباس الناقص فترة من الزمن، لا يحول دون منعها بعدئذ من العمل استصحابا للحق في الاحتباس الكامل باعتباره من الحقوق الشرعية التي لا يجوز الاتفاق على خلافها، كما أن ما تدعيه كل زوجة من أنها تساعد زوجها بكسبها من عملها، لا يستقيم شرعا، إذ ليس للزوج حق في مال زوجته، وهو نص يفيد قطعا حق الزوج في أن يمسك زوجته بمنزل الزوجية ويمنعها من الخروج إلا بإذنه وعمل المرأة رغم اعتراض زوجها عليه، يناقض بذاته مصلحة الأسرة، وتابع الحكم أن مشروعية عمل المرأة لا تكون إلا على ضوء التعاليم الدينية، ولا شأن لها بما يعد عرفا، ولا بما يقع في نطاق الضرورة، ذلك أن أولهما إنما يتحدد على ضوء أوضاع كل عصر، فلا يكون إلا عرفا فاسدا كذلك فإن الضرورة من الرخص التي لا يجوز تطبيقها في غير موضعها.