الأزمة السكانية من عقل الحكومة إلى الواقع المتأزم.. خبراء يكشفون خطورة الوضع على الاقتصاد القومي ويضعون روشتة تصحيح المسار
تُعد الأزمة السكانية في قلب وعقل الحكومة المصرية منذ عشرات السنين، ولكن على الرغم من ذلك فإن المشكلة لم تستطيع أي من الحكومات المتعاقبة حلها حتى الآن بل وصل الأمر بنا إلى أن نسبة الزيادة السكانية الرهيبة في مصر تعادل أحيانا عدد سكان بعض الدول وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء في حديثه الأخير، بجانب الحديث عن أن مشكلة الزيادة السكانية العشوائية في مصر تهدد بالقضاء على كافة الجهود التي تبذلها الدولة لتحقيق التنمية الشاملة.
الأزمة السكانية من عقل الحكومة إلى الواقع المتأزم
وتحتل مصر المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية من حيث عدد السكان، والثالثة أفريقيًّا، والرابعة عشر عالميًّا، حيث بلغ معدل الإنجاب عام 2020 على مستوى إجمالي الجمهورية 2.9 طفل لكل سيدة، وتزيد نسبة الفقراء مع زيادة حجم الأسرة، ففي الوقت الذي تشكل فيه نسبة الفقراء 7.5% فقط من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها أقل من 4 أفراد، فإن 80.6% من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها 10 أفراد أو أكثر هم من الفقراء حسبما ذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما كشفت الساعة السكانية الموجودة أعلى مبنى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الخميس الماضي، عن وصول عدد سكان مصر بالداخل إلى 103 ملايين و820 ألفًا، و410 نسمة، مقارنة بيوم 23 يوليو الماضي الذي سجل فيه عدد السكان حوالي 103 ملايين و645 ألفًا و736 نسمة وهو ما يعني أن مصر سجلت زيادة قدرها 175 ألف نسمة خلال 32 يوما فقط، وهذا يشير إلى ارتفاع معدلات الإنجاب خلال الفترة الأخيرة.
خبراء يكشفون خطورة الوضع على الاقتصاد القومي
وكشف عدد من خبراء الاقتصاد خطورة الزيادة العشوائية في السكان، ومدى تأثيرها في الجهود التي تبذلها الدولة لتحقيق التنمية الشاملة ووضع روشتة للخروج من الأزمة الراهنة:
بدوره قال هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي، إنه على رغم أن عدد المواليد خلال السبعة شهور الأولى من العام قد سجل أقل معدل في الأربع سنوات الماضية، الا ان الزيادة لسكانية ما زالت كبيرة، وتمثل عقبة تلتهم ثمار التنمية وتتطلب زيادة الاستثمارات في صحة البشر وتعليمهم وتغطيتهم بشبكات الأمان الاجتماعي على اعتبار أن السكان يشكلون رأس المال البشري لأي مجتمع.
وأضاف أبو الفتوح، لـ "فيتو"، أن الحكومات تسعى الى استغلال رأس المال البشري لكي تجعل الأفراد قادرين على استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع، حيث يتطلب ذلك الاستثمار في البشر عن طريق توفير التغذية، والعناية الصحية، والتعليم الجيد، والوظائف، وبناء المهارات وتنمية القدرات لكي تتمكن الدولة من مواصلة النمو الاقتصادي.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الحكومة وضعت مستهدفات فى ضبط النمو السكاني تشمل خفض معدلات الإنجاب بصورة تدريجية إلى نحو 2.1 طفل / سيدة عام 2032، والوصول إلى 1.6 طفل / سيدة في عام 2052 بجانب العمل على ألا يتجاوز عدد السكان 143٬6 مليون نسمة بحلول عام 2052 وإبطاء عجلة النمو السكاني ليصبح التعداد المناظر 153 مليون نسمة في نهاية 2050.
وتابع أبو الفتوح،: بينما تسعى الحكومة لتحقيق مستهدفات الضبط السكاني، يجب أن تضع على سلم أولوياتها أن يكون السكان ثروة بشرية منتجة، بدلًا من أن تصبح عبئًا على كاهل الدولة تنهك اقتصادها.
قال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن السكان يُعد مكون من مكونات التنمية، وعنصر من عناصر الانتاج، ولكن في حالة عدم توازن عناصر الإنتاج تحدث مشكلة اقتصادية كبيرة.
وأضاف جاب الله، لـ "فيتو"، أن أن مصر لديها مكون سكاني كبير ولديها من المواد الخام، ولكن تفتقر إلى عدد مناسب من رواد الأعمال يمكن أن يخلق مشروعات للأعداد الهائلة التي تطفو فوق سوق العمل، وهناك ما يقرب من 500 ألف وافد جديد إلى سوق العمل سنويًّا.
وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى رءوس أموال كبيرة حتى يمكن أن تخلق فرص عمل لهذه الأعداد، وما تقوم به الدولة من استثمارات فضلًا عن استثمارات القطاع الخاص يواجه تحدي الزيادة السكانية ولذلك نحتاج زيادة في الاستثمارات حتى نستوعب الزيادة السكانية.
وتابع: إذا كانت الدولة تقوم بكل ما يمكن لزيادة حجم الاقتصاد وتنشيط الاستثمار وخلق فرص عمل إلا أنه من الهام في المقابل أن يتم ضبط الزيادة السكانية حتى يتم توزيع العوائد التنموية على عدد سكان أقل بصورة تؤدي إلى أن المواطن يشعر بثمار التنمية.
وألمح إلى أن معدلات التنمية مهما ارتفعت واستدامت، فإن هذا تأكله الزيادة السكانية حيث يتم توزيع عوائد التنمية على عدد سكان أكبر، ولذلك يجب الاتجاه إلى ضبط معدل الزيادة السكانية من خلال تبني استراتيجية شاملة بها العديد من الإجراءات التي تقوم بها، ولكن يتوقف الأمر على استجابة المواطن مع المبادرات التي تقوم بها الدولة لضبط زيادة السكان.
وعن تفجير قضية الزيادة السكانية منذ عشرات السنين من خلال الحكومات المتعاقبة وعدم واستطاعت حلها في النهاية، قال جب الله، إ الحكومات السابقة كانت تكتفي بمحاولة زيادة الوعي للمواطن وتقديم وسائل تنظيم الأسرة مشيرة إلى أن الاستراتيجية الحالية تُعد أكثر شمولًا من خلال تقديم حوافز للمرأة وتقديم الرعاية الصحية المناسبة وتشجيعها على العمل وغير ذلك من المحاور الهامة وكذلك تقديم حوافر لرب الأسرة لضبط النسل.
ودعى الخبير الاقتصادي، إلى وضع عقوبات للرجال والنساء لمن يزيد عدد الأبناء لهم عن 3 أطفال وذلك كما يتم تقديم حوافز إيجابية بهم على ضبط النسل، مشيرًا إلى أن العقوبات من الممكن أن تكون تقييد التعيين في المناصب الحكومية أو تأخير الترقية في المناصب المختلفة وحرمانهم من المناصب القيادية أو الترشح في الانتخابات.
واستطرد جاب الله: يمكن أن يصرف علاوة وزيادة في المعاش بجانب الرعاية الاجتماعية وصحية أفضل لمن يصل إلى سن التقاعد ولديه طفلان على الأكثر بحيث يكون لديه تأمين مالي وصحي حتى نحد من رغبة المواطنين في الإنجاب.
وقالت الدكتورة سناء شريف الخبيرة الاقتصادية، إن الزيادة السكانية تؤثر بشكل كبير للغاية على الاقتصاد، وتعطل الكثير من الخطط التنموية وهو ما يشكل عائقًا على الاقتصاد.
وأضافت الخبيرة الاقتصادية، لـ "فيتو" أن مصر بدأت تتجه لاستغلال الزيادة السكانية في العمالة وفتح المشاريع الجديدة وتدريب الأيدي العاملة في كافة المجالات، وهو ما جعل الزيادة السكانية مورد للدولة، بالإضافة إلى أن مصر بدأت في أن تكون المركز الرئيسي العالمي للهيدروجين الأخضر.
وأشارت إلى أن اتجاه الدولة إلى استغلال مواردها البشرية لا يمنع من التوعية لتقليل الزيادة السكانية لأن جميع الدول التي بها زيادة سكانية تئن من هذه الأزمة.
وتابعت: أن الحكومة في الماضي كانت تعمل على حد الزيادة السكانية من خلال توعية المواطنين وإرسال الرائدات الريفيات في الريف، بجانب التوعية في الإعلام السوشيال ميديا، مؤكدة أهمية زيادة هذه الإجراءات من خلال إعطاء حوافز لمن ينجب طفلان أو ثلاثة أطفال فقط وحرمان من ينجب أكثر من 3 أطفال من بعض المميزات التي تمنحها الدولة.