علي جمعة: القوة والتمكين في الأرض ليست مقياسًا للحق
قال الدكتور علي جمعة، مفتي السابق للجمهورية، إن القوة والتمكين في الأرض ليست مقياسًا للحق، مشيرًا إلى أن نعمة الله يعطيها للمؤمن والكافر، فالغنى والصحة والجاه ليس مقياسًا للحق، وقد تكون مع الكافر والملحد والمؤذي والمفسد.
التمكين ومقياس الحق
وأضاف علي جمعة أن بعض الأنبياء حرموا مما يطلق عليه البعض مقياس النعمة، فقد كُف بصر النبي يعقوب، وابتُلي أيوب في صحته، مؤكدًا أن مقياس الحق ليس هو النعمة؛ فالنعمة يتقلب فيها المؤمن والكافر.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "يقول ربنا سبحانه وتعالى {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} في هذه الآية بيانٌ لسنة الله الكونية التي لا تتخلف؛ وهو أن القوة والتمكن في الأرض ليس مقياسًا للحق، وأن النعمة الربانية يعطيها الله سبحانه وتعالى لكل أحد للمؤمن والكافر؛ فليس الغنى، وليست الصحة، وليس الجاه، وليس السلطان، وليست القوة بمقياس للحق؛ فقد تكون مع الكافر، ومع الملحد، ومع المؤذي، ومع المفسد، وقد تكون مع التقي النقي".
الأنبياء ومقياس النعمة
وقال "وهكذا رأينا الأنبياء فمنهم المِلك، ومنهم من كان فقيرًا، ومنهم من كان غنيًا، كلهم كانوا أصحاب فطنة، وذكاء، وصفاء، ونقاء، واصطفاء، ولكن تقلبت عليهم الدنيا، منهم من جعل الله الدنيا في يده، ومنهم من كان فقيرًا إليه سبحانه وتعالى لا يسأل الناس إلحافا، كلهم كانوا من أشراف أقوامهم، كلهم كانوا صادقين"
وأضاف جمعة "ولكن هذه المقاييس التي نسميها بمقياس النعمة فقد يُحرمها أحدهم، ولذلك رأينا من الأنبياء من ضر بصره مثل سيدنا يعقوب، ورأينا من الأنبياء من ابتلي في جسده بالمرض مثل سيدنا أيوب عليه السلام، وكان النبي ﷺ وهو سيد الخلق يمرض، وكان قد وقع مرةً من على الفرس فكُشح- كُشح يعني ردت ضلوعه-، وعندما حاول يهود أن يقتلوا النبي ﷺ بالسم فدست امرأةٌ من اليهود السم في الذراع فإنه تألم وقال: «أكلة خيبر قطعت أبهري» -والأبهر هو الأورطة-؛ فالنبي ﷺ وهو بشر عندما جُرح نزف دمًا، وكسرت رباعيته وهكذا".
مقياس الحق والنعمة
وعن مقياس الحق قال الدكتور علي جمعة: "إذًا فمقياس الحق ليس هو النعمة؛ فالنعمة يتقلب فيها المؤمن والكافر، لو كان الله سبحانه وتعالى جعل سنة كونه أن كل من انحرف عن طريقه أوذي؛ لكان الناس كلهم قد استقاموا، ولكن ولأن النعمة ليست مقياسًا للحق فإنه {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} ماذا فعل فيهم ربنا؟ {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} يعني نِعَم كثيرة جاءتهم لأن هذا ليس مقياسًا للحق، لا يقول أحدهم لو كان الله قد غضب عليَّ لحرمني، هذا كلامٌ غير سديد، لان الله سبحانه وتعالى إذا أكرمك لوفقك لطاعته".
واختتم حديثه قائلًا: "فإذا ما أردت أن تعرف قربك وبُعدك عن الله انظر إلى طاعتك هل أنت موفق للطاعة فالله راضٍ عنك، أو أنك بعيدٌ عنها فالله سبحانه وتعالى ليس راضٍ عنك، أما النعم فهذه يأخذها المؤمن، ويأخذها الكافر يرزق الله المؤمنين والكافرين من حيث لا يحتسبون، ويرزقهم رزقًا واسعا رغدا، ولكن انظر إلى نفسك في الطاعة هل أنت قد تذكرت ما ذكَّرك الله به؟ فأنت في رضاه، أو أنك على خلاف ذلك فأنت خارج دائرة نظر الله ورعايته سبحانه وتعالى، وأنت في ضلالة فلترجع، ولتراجع نفسك، ولتعد إلى الحق، وإلى دائرة نظر الله سبحانه وتعالى".