رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة الطلاق الغيابي.. قصص مأساوية لأزواج تخلصوا من زوجاتهن على الورق سرا

الطلاق
الطلاق

تعيش الأسرة المصرية مرحلة فارقة فى تاريخها، ألغام وشكوك وتصرفات دخيلة على المجتمع، قضايا تضاف إلى مخزن بارود على وشك الانفجار تزيد من تعقيدات العلاقة بين الزوج والزوجة بعد أن أخذت أشكالًا لا حصر لها فى إيذاء الآخر والتنكيل بحقوقه، على رأس هذه المهازل «الطلاق الغيابي» الذى يستخدمه بعض معدومي الأخلاق والنخوة والكرامة المصرية الأصيلة ويتلاعبون بثغرات قانون الأحوال الشخصية للانفصال عن زوجاتهم على الورق ويستكلمون العلاقة دون أدنى مشكلة مما أثار الفزع بين الزوجات بعد أن انكشفت مؤخرًا قضايا لا تصدق منها قصة سيدة الدقهلية التى علمت بطلاقها غيابيًّا بعد 6 سنوات، وهناك قضايا لم تأخذ حظها فى التغطية الإعلامية.. 

لهذا توغلت «فيتو» داخل أروقة محاكم الأسرة لرصد ما يحدث فى المجتمع بين ثنايا أوراق القضايا.


قضية دعاء

بين القضايا الغريبة التى عثر عليها محرر فيتو ملف "دعاء م." البالغة من العمر ٣٨ سنة؛ إذ بدأت قصتها عندما كانت فى محافظة الشرقية وتقدم لخطبتها ابن أحد الجيران لم تتردد لحظة عندما جاء والدها لأخذ رأيها كعادة أهل الريف فى العريس الذى ستشاركه حياته، وبالفعل أعدت تجهيزات الزفاف وانتقلت مع زوجها "صابر.ع" للقاهرة حيث مقر عمله، وظلت الحياة هادئة يشوبها بعض الخلافات المادية التى اكتشفتها "دعاء" بعد الزواج، ثم رزقهما الله تعالى بطفلين أحدهما من ذوي الهمم.

لم يتحمل "صابر" الذى وصفته "دعاء" بمحضر تحقيق جلسة المحاكمة بـ"البخيل" نفقات علاج طفله المريض، وقام بتطليق زوجته دعاء غيابيًّا بدون علمها وبالاتفاق مع المأذون، ومع ذلك ظل يتعايش معها فى منزله كالأزواج مثلما ذكرت "دعاء" بالمحكمة رغم طلاقه لها غيابيًّا منذ حوالى ١٨ شهرًا كاملة.

وقعت المفاجأة على رأسها عندما لاحظت إصرار صابر على افتعال مشكلات مادية ومشادات كلامية ومشاجرات وصل فيها للاعتداء بالسحل والتعدي بسلاح أبيض "سكين"، محدثًا إصابتها، الأمر الذى لم تتهاون فيه.

ذهبت لقسم شرطة مصر القديمة لتحرير محضر رسمى ضد زوجها تتهمه فيه بالتعدى عليها، عندها حاول صابر تهدئة الأوضاع ومحاولة استجداء زوجته للعودة معه لمنزله مرة أخرى، وبالفعل ذهبت معه وتنازلت عن محضر التعدي بعد تصالح زوجها معها لتكتشف قبل أن تخطوا خطواتها الأولى داخل شقة زوجها الحقيقة المفجعة، وقال لها بشكل صارم: "من النهاردة رجلك مش هتخش الشقة أنا مطلقك من سنة ونص وأكتر".

حاولت دعاء أن تستوعب كيف يقوم زوجها صابر بتطليقها منذ تلك الفترة، وكيف كان يتعامل معها ويعاشرها معاشرة الأزواج وليس بينهما أي علاقة رسمية، ولكن سرعان ما أفاقت من صدمتها، وبدأت تسلك السلم القانونى لأخذ حقها من نفقات متعة وعدة ونفقة صغار.

استمرت فى هذا العذاب قرابة السنة حتى استطاعت الحصول على قسيمة رسمية لطلاقها غيابيًّا بعدما اتفق طليقها مع المأذون على عدم إرسال نسخة من العقد للسجل المدنى حتى لا تستطيع دعاء إثبات طلاقها، وبالتالى تعطيل حقوقها بدافع الانتقام، تاركًا وراءه أبناءه دون رعاية أو إنفاق.


حكاية هند

من بين سيدات كثيرات فى محكمة أسرة التجمع وجدت هند طريقها للخلاص من زوجها عادل الذى تقمص دور للشيطان لينهى علاقة رسمية بطريقة أشبه بعصابات المافيا.

تقص هند قصتها مع الطلاق الغيابى قائلة إنها تزوجت عام ٢٠١٨، وظلت سعيدة مع زوجها عادل الذى تزوجته عن قصة حب عظيمة، لكن بعد قرابة العامين من الزواج بدأت تفقد الأمل فى إنجاب طفل، كما أن الشك تسرب إلى قلبها حينما رفض عادل إجراء أي فحوصات طبية كُلف بها من قِبل الطبيب المختص.

بدأت المواجهة بين هند وعادل، وتوالت الأسئلة: "ليه مش عايزنا نخلف.. ليه بترفض تعمل فحوصات علشان نقدر نجيب طفل" لتتفاجأ هند برد عادل طبقًا لما جاء بأوراق التحقيقات بالقضية: “أخلف منك إزاى وأنا مطلقك غيابى بعد جوازنا بـ٦ شهور”، ولم تستطع هند أن تصمد كثيرًا أمام المفاجأة لتسقط مغشيًا عليها فى الحال.

تأكدت هند أن زوجها قام بالفعل بتطليقها بعد ٦ أشهر من زواجهما وطوال عامين وهو يعاشرها معاشرة الأزواج، ولم تدر ماذا تفعل فى هذه الكارثة سوى أن تذهب لمحامٍ فورًا.

بالفعل قامت بمقاضاة طليقها عادل، ولكن كانت الصدمة الثانية عندما استمعت المحكمة لأقوال عادل قائلًا: "أنا فعلًا طلقتها بعد ٦ شهور جواز وكانت رافضة العلاقة الزوجية"، لتثور عليه هند فى قاعة المحكمة قائلة: "كذاب أنا بقالى سنتين على ذمتك.. ليه ما قولتليش ولا مرة أنى طليقتك!".

لم يكتف عادل بذلك، بل قام بتعطيل إصدار وثيقة قسيمة طلاق هند من خلال تطليقها غيابيا بمحافظة الغربية، فى الوقت الذى يقطن فيه بالجيزة، والغرض من ذلك أن تظل وثيقة الطلاق بحوزة المأذون الذى لا يملك من الوقت ما يجعله يقوم بإرسال قسيمة الطلاق من محافظة الغربية للقاهرة، وأمام هذا التعقيد، أمرت المحكمة بالتجمع الخامس بعرض هند على مصلحة الطب الشرعى وتأجيل جلسة المحاكمة لجلسة ٢٥ سبتمبر لبيان ما جاء بأقوال طليقها.

أمام هذه الكوارث استطلعت «فيتو» رأى خبير القانون الدكتور أيمن عطا لله فى قضية الطلاق الغيابى، وأكد ضرورة إلقاء الضوء بشكل سريع وحازم على أزمة الطلاق الغيابى وتغيير القانون، بحيث يشترط أن يتم الطلاق بحضور الزوج والزوجة أمام القاضى حفاظا على حقوق الزوجة وصيانة كرامتها، ولإلزام الزوج بمسئولياته، موضحًا أهمية عمل البرلمان على تشريع لإيقاف تلك المهازل داخل محاكم الأسرة خاصة فى قضايا الطلاق الغيابى.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية