انتعاش صناعة الفحم في أفريقيا بسبب أزمة الغاز الروسي
أدى سعي دول أوروبا لتقليص الاعتماد على الوقود الروسي، بسبب الأحداث بين كييف وموسكو، إلى إنعاش صناعة الفحم في دول أفريقيا بعدما كانت تواجه أزمات ضاغطة خلال السنوات الماضية، ضمن مساعي العالم للتخلص منها واستبدالها بالطاقة النظيفة.
وتتزامن زيادة الطلب على الفحم الأفريقي من قبل الأوروبيين لتشغيل محطات الكهرباء وتدفئة منازلهم خلال موسم الشتاء المقبل، مع دخول قرار الاتحاد الأوروبي حظر استيراد الفحم الروسي حيز التنفيذ مطلع شهر أغسطس الجاري.
وهذا ما أكده، نمو الطلب الأوروبي بنحو 40% خلال النصف الأول من العام الحالي لشراء فحم محطة ريتشاردز باي (آر بي سي تي) في جنوب أفريقيا مقارنة بعام 2021 بأكمله، بحسب ما أوردته وكالة ”رويترز“.
ويستورد الاتحاد الأوروبي ما يقارب من 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا سنويا وهذا يمثل 40% من استهلاك أوروبا من الطاقة، بحسب بيانات Energy Monitor.
وفي المقابل، تخطط شركة التعدين الأفريقية ”تونجا لا ريسورسز“ التي حققت أرباحًا بنسبة تجاوزت 3000% خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى تنفيذ توسعات جديدة لتلبية جميع طلبات التوريد.
ولم تتوقف انتعاشة الفحم على مضاعفة الكميات المصدرة فقط، لكن السعر ارتفع أيضًا لأكثر من 150% منذ بداية العام ليسجل حاليا متوسط 240 دولارا للطن، مقابل 75 سابقًا، وفق متعاملين في السوق.
وبحسب محللون ومعنيون بالقطاع فـمن المحتمل استمرار زيادة الطلب على الفحم العالمي وبالأخص الأفريقي حتى 2025، وذلك لحين استقرار سوق الغاز الطبيعي بعودة روسيا إلى إمداد أوروبا أو الاعتماد على حليف آخر.
ودلل المحللون على توقعاتهم بتقرير وكالة الطاقة الدولية، التي أكدت ارتفاع إجمالي استهلاك الفحم، لأغراض توليد الطاقة، وصناعة الفولاذ بنسبة 2% تقريبا حتى نهاية العام الجاري.
التضييق الأوروبي
وقال خبير الفحم في شركة ”أفريكان سورس ماركتس“، بيفان بريفوست، إن “ أزمة إمدادات الغاز الروسي وارتفاع السعر العالمي للغاز قد تحبط جهود العالم الرامية للتخلص من الفحم كوقود بديل لتوليد الطاقة بنهاية 2030″.
وحول أسباب زيادة الطلب على الفحم الأفريقي، اعتبر بريفوست أن“ محاربة حكومات أوروبا لمناجم الفحم في بلادهم عن طريق منع المناجم من تنفيذ أي توسعات، أدت إلى إغلاق عدد كبير منها وهروب مستثمرين في القطاع إلى دول أفريقيا وآسيا“.
وأردف أن ”صناعة الفحم في أفريقيا تستفيد اليوم من ممارسات التضييق الأوروبية، وتعتبر أفريقيا المصدر الثاني لإمدادات الفحم عالميا وبالتحديد من محطة الفحم ”ريتشاردز باي“ الواقعة في جنوب أفريقيا“.
ووفقا لمعطيات رسمية، صدرت المحطة ما يقرب من 4 ملايين طن من الفحم إلى الدول الأوروبية بحلول نهاية مايو الماضي، وهذه الكمية تمثل 15% من إجمالي صادرات المحطة سنويا.
وبحسب ”بنك أوف أمريكا“، فإن الفحم الحراري، الذي يتم حرقه بمحطات الطاقة، أرخص مصادر الوقود إذ تبلغ تكلفته نحو 15 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بـ 25 دولارا للنفط الخام و35 للغاز الطبيعي.