أسرار وكواليس مذبحة ماسبيرو.. لجنة الأزمات بالكنيسة كانت على علم بالمذبحة.. والتقرير حدد المتهمين واستثنى المشير طنطاوي.. وشهود عيان يؤكدون محو أدلة الجريمة قبل معاينة النائب العام وقت حظر التجوال
كشف كتاب "مذبحة ماسبيرو.. أسرار وكواليس" العديد من المفاجآت في القضية، ربما تغير مسارها القضائي، خاصة بعد أن قدم مؤلف الكتاب بلاغا رسميا للنائب العام والمدعي العام العسكري لفتح التحقيق من جديد في القضية.
وكشف الكتاب أول أعمال الصحفي هاني سمير، إصدار دار نشر الحرية، ما توصل له تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة بالقرار الإداري رقم 10 لسنة 2012 من الرئيس المعزول محمد مرسي، والمعنية بجمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق عن قتل وشروع في قتل وإصابة المتظاهرين من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2012 "تاريخ تسليم السلطة من المجلس العسكري"، والذي كتب في تقرير من نسخة واحدة تم إرسالها لرئاسة الجمهورية.
وقال مصدر: "إن التقرير حدد متهمين بعينهم في أحداث ماسبيرو ليلة 9 أكتوبر 2011، وضمت قائمة المتهمين كل القيادات التي كانت مسئولة عن تغطية الواقعة باستثناء المشير محمد حسين طنطاوي".
وأضاف: "ذهبنا للجنود الذين تم الحكم عليهم بالسجن بتهمة القتل الخطأ للمتظاهرين والذين كانوا يستقلون مدرعة فهد، وعلمنا منهم أسماء الضباط الذين أعطوهم تعليمات بقيادة المدرعة تجاه المتظاهرين".
وطالبت مذكرة لجنة التقصي "وفقا للكتاب" بمحاكمة الضباط الذين يعمل تحت إمرتهم الجنود الثلاثة الذين استقلوا المدرعة والذين ذكرهم الجنود لأعضاء اللجنة، موضحا أنه وقت الأحداث توجه أحد الضباط لمنطقة بولاق أبو العلا، وقال لأهالي المنطقة "جنودكم وضباطكم يتعرضون لقتل وسحل من المسيحيين"، وظل يحشد فيهم ضد المتظاهرين الأمر الذي ساعد على اشتعال الأزمة.
ووفقا للمصدر فإن "كثيرا من البلطجية على كوبري أكتوبر كانوا يمسكون أسلحة بيضاء ومسدسات خرطوش وأطلقوا منها الأعيرة من أعلى الكوبري، استطاعت جماعات منهم محاصرة المتظاهرين وأصابوا بعضهم إصابات قاتلة".
وأرفقت اللجنة صورا قدمت مشاهد من أعلى الكوبري يظهر فيها بلطجية يحملون أسلحة، كما ذكر التقرير أن هناك لقطات مصورة لبعض المتظاهرين في بداية التظاهرة يحملون أسلحة بيضاء وواحد يحمل خرطوشا، وعند الترعة البولاقية تعرض المتظاهرون للاعتداء من بلطجية، وأهالي المنطقة ساندوا البلطجية للاعتداء على المتظاهرين.
وأوضح التقرير أن المظاهرة ضمت مختلف القوى الوطنية التي تجمع كل أطياف المجتمع الليبرالية واليسارية ونشطاء المجتمع المدني ولم تقتصر على المسيحيين لكن الأغلبية كانت من المسيحيين.
وقال المصدر: "تبين لنا أن الأمن كان على علم بالمسيرة، طبقا لإخطارات وزارة الداخلية وأوامر الخدمة، حيث لم تذكر مأمورية تأمين المسيرة، والداخلية لم تكن مهتمة بتأمين المسيرة، والقوات المسلحة أمام ماسبيرو عددها قليل جدا رغم وجود قيادات عليا في مكان الحادث".
وأكد المصدر أن قائدا من الأمن المركزي تلقى أوامر بالتعاطي مع الأحداث الدموية ورفض حتى لا يتعرض للمحاكمة الجنائية، وأحيل للتحقيق في وزارة الداخلية.
وأنهى المصدر تصريحاته حول تقرير لجنة تقصي الحقائق، قائلا: إن اللجنة حملت رشا مجدي جزءا من المسئولية عندما قالت كلاما خارجا على الأصول الإعلامية وميثاق الشرف وكان سببا للتحريض، كما أنها أذاعت مشهدا مع بعض الجنود يستغيثون من الأقباط بعد تعرضهم للسحل والقتل.
كما سرد الكتاب شهادات عدد من شهود العيان والمصابين خلال الأحداث، ومنهم القمص متياس نصر منقريوس كاهن كنيسة البابا كيرلس الخامس، وأحد الداعين لمسيرة 9 أكتوبر 2011، والذي قال: "لقد تم محو أدلة الجريمة قبيل معاينة النائب العام لمسرح الجريمة وقت حظر التجوال".
بينما قال رامي كامل منسق اتحاد شباب ماسبيرو وقتها في رواية شهادته للكاتب: لجنة الطوارئ بالكاتدرائية المرقسية كانت على علم بما سيحدث بالتفصيل وهذا بحسب نص كلام أعضاء لجنة الطوارئ "الأزمات" بالكاتدرائية، والذين أبلغونا "والكلام لرامي" في جلسة داخل المركز الثقافي القبطي أن هناك اتصالات بين الدولة والأنبا إرميا سكرتير البابا شنودة الثالث حدثت عن طريق لجنة الطوارئ وتم إبلاغ الكنيسة بكل ما سيحدث، وهذا لم ينشر ولم يعرفه أحد، وأنا "والكلام لرامي أيضا" أشك أن البابا كان على علم بما سيحدث لأن الكنيسة تدار من قبل السكرتارية.
كما روى القس فليوباتير جميل، كاهن كنيسة السيدة العذراء بفيصل، شهادته للكاتب، وكشف خلاله تفاصيل لقاءاته بالدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق في منزله، واستياء الأنبا ثيئودوسيوس أسقف الجيزة من تلك اللقاءات لأنها تمت دون علمه المسبق بها.
وقسم الكتاب لخمسة فصول، الفصل الأول بعنوان: القانون والتعليم والإعلام في معالجة الأزمة الطائفية" وفيه يتناول الكاتب الأطر الثلاثة للأزمة الطائفية في مصر وعلاج الأزمة، من خلال تشكيل جهاز قومي للإعلام وآخر للتعليم لمراجعة كل المواد الدراسية، والمواد الإعلامية بحيث يتم حذف كل ما يبث الفرقة بين أبناء الوطن، وتغييرها بأخرى تحث على الوحدة والأطر المشتركة والقيم الوطنية.
وتناول الفصل الأول نموذج الإذاعة البريطانية "بي بي سي" نموذجا للإعلام الناجح الذي يتخذ من أسلوب الكتابة ما يجعله ينهض بالمهنة.
الفصل الثاني "مقدمات لحادث ماسبيرو" وتناول فيه الكاتب الأحداث الطائفية التي سبقت حادث ماسبيرو بدءا من اقتحام كنيسة العمرانية بالجيزة ووصولا لحادث هدم كنيسة الماريناب، وكشف الكتاب عن صور الوثائق التي تثبت كون ما تم هدمه في الماريناب كنيسة باسم "كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس" منتقدا دور محافظ أسوان في تأجيج الفتنة وقت الأحداث.
ويتناول الفصل الثالث حادث الماريناب بالتفصيل، أما الفصل الرابع الذي حمل عنوان "المذبحة"، فكشف خلاله كل ما دار خلال الأحداث وتناول كل التقارير الدولية والمحلية حول الحادث وردود الفعل، كما نشر الكتاب نص ما ورد بمؤتمر المجلس العسكري حول الحادث، ومؤتمر اتحاد شباب ماسبيرو للرد على مؤتمر المجلس العسكري.
وجاء الفصل الخامس بعنوان "التحقيقات"، والذي نشر فيها نص تحقيقات النيابة العسكرية مع الجنود الثلاثة المتهمين بقتل المتظاهرين دهسا عن طريق الخطأ، وكذلك تابع الكتاب سير التحقيقات حتى نهاية القضية.