رئيس التحرير
عصام كامل

خطة تركيع الصين.. أمريكا تلعب بكارت تايوان لإبعاد بكين عن روسيا.. وخبراء: الصراع الحالي ضمن عقيدة الناتو العسكرية

الصراع الصيني - الأمريكي
الصراع الصيني - الأمريكي تعبيرية

من الخطأ تصور الصراع الصينى الأمريكى أنه قيمى، أو له علاقة باختلاف وجهات النظر السياسية والاقتصادية، بل صراع من نوع خاص بين دولة تهيمن على العالم، وأخرى تريد إزاحتها والتربع مكانها، ووقتها يكون لها حديث آخر عن النظام الدولى والقيم العالمية وغيرها.

لهذا تدور بين الولايات المتحدة والصين صراع استنزاف للقيم والقدرات، تحاول كل دولة تجريد الأخرى من مصادر قوتها، تتخذ أمريكا موقفا صارمًا من الحرب الروسية الأوكرانية لصالح الأخيرة، فتساند الصين على الفور روسيا وتتفنن فى تمييع الصراع الدولى ووضعه فى خانة الصدام على المصالح لا القيم كما ترغب القوى الغربية، فتلجأ أمريكا على الفور هى الآخر للورقة السحرية التى ترعب التنين الآسيوى ـ تايوان ـ فتدفع الصين لاستنهاض كبريائها السياسى وأحلام شعبها للوقوف بكل قوة وندية أمام الاستفزازت الأمريكية، بما يضع الطرفين على فوهة بركان والعالم من خلفهما.

بسبب هذا الصراع، أصبح المجتمع الدولى يحيا حالة من عدم الاستقرار لم يشهدها منذ الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتى، وآخر مضامين الخطر الزيارة التى قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى إلى تايوان متجاهلة تحذيرات الصين، الأمر الذى أدى لتصاعد الخلافات بين التنين الصينى وأمريكا، خاصة مع تفاقم الأزمة ورغبة تايوان الاستقلال عن الصين التى ترفض التخلى تماما عن الجزيرة وتهدد دومًا باقتحامها عسكريًا.

الصراع الأمريكى الصينى.
يقول الدكتور عمرو الديب أستاذ مساعد فى جامعة لوباتشيفسكى الروسية، ومدير مركز خبراء رياليست أن الصراع الأمريكي-الصينى بدأت مظاهره فى الوضوح منذ فترة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب الذى تعامل مع الصين من منظور رأسمالى متشدد، واتهمها بسرقة كل أموال العالم بسبب اختراقها كل الصناعات الغربية تقريبا.

ورفض ترامب استحواذ الصين على دور الولايات المتحدة، واعتمد على سيستم توقيع العقوبات لتحجيم القدرات الاقتصادية الصينية عالميا، لكن عندما جاء الديمقراطيين للحكم بدأو فى استخدام مصطلحات احتواء الصين، وتحييد التحالف الصينى الروسى، وتكوين هياكل أمنية تجمع كل أعداء بكين فى مجموعة واحدة (بريطانيا، اليابان، الهند، الولايات المتحدة وأستراليا) يقول الديب ويستكمل:
"نحن أمام صراع غربى شرقى تنص عليه العقائد العسكرية لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، فهناك بعض النقاط التى لا يجب أن نغفلها أولها أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الشرق الأوسط، مجرد أسطورة نفتها تصريحات بايدن فى قمة جدة وكذلك تحركات واشنطن فى العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا".

وأضاف: "الصراع الغربى - الشرقى الآن يتمحور فى حلف الناتو وكذلك فى منظمات حديثة مثل" البريكس “ ومجموعة شنجهاى، لهذا هناك صراع بين الغرب والشرق على كسب ود تركيا، العضو فى حلف الناتو والحليف المهم لروسيا والهند التى لديها خلافات مع بكين وبالرغم من ذلك فهى عضو فى تحالف المحيط الهادى وكذلك البريكس.

ارتفاع مستوى الصراع.
ويقول الدكتور مهدى عفيفى المحلل السياسى والعضو بالحزب الديمقراطى الأمريكى، أن الصراع السياسى الأمريكى ليس بجديد ومؤسسات الفكر والبحث الأمريكية توقعت أن يكون هناك ارتفاع وسخونة ودفع لقوى من مناطق مختلفة فى الصدام بين الطرفين.
أضاف: العالم يتوقع للصين بحلول 2030 أن تكون قوى اقتصادية كبرى بعد الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك كن لا بد من الأخذ فى الاعتبار أن هذا الصراع مدروس، مع أن الصين ليست الدولة الشيوعية التى اعتاد الكثيرين عليها، وإنما هى نوع جديد من الرأسمالية الشيوعية ولا يمكن القياس على ما قبل ذلك.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت فى تغيير تمركز قواها وابتعدت بالعتاد والأفراد عن الشرق الأوسط لكنها لم تبتعد بالنفوذ، إذ أصبحت تعتمد على وجود قوى وتكتلات مختلفة بمناطق مختلفة كما رأينا فى لقاء بايدن بالرياض مع محاور الشرق الأوسط وكذلك الزيارة السابقة له فى جنوب شرق آسيا والسعى للتحالف مع أستراليا.

استفزاز أمريكا.
ويوضح الدكتور مهدى عفيفى، أن الحرب اقتصادية أكثر خطورة من العسكرية، فالصين هى التى استفذت الولايات المتحدة الأمريكية بتبنى وجهات نظر روسيا تجاه أوكرانيا، وظنت أنها تستطيع القيام بنفس العمل مع تايوان، وأرادت استعجال الخطوة.

ويضيف: لكن أمريكا كانت تقف بالمرصاد ودبرت زيارة بيلوسى، والتى تعتبر برلمانية لا تمثل الإدارة، وجاءت فى وقت تشدد أمريكا على أهمية استمرار واستقلالية الحكم الذاتى لتايوان، وهو نفس موقف المجتمع الدولى.

وتابع: " هذه الصراع سوف يتطور بإدخال قوى وتكتلات جديدة بدأت تظهر معالمها بشكل أو بآخر ولن تكون عسكرية، لاسيما أن الصين أذكى بكثير من روسيا، لأنها تعلم أهمية منتجات تايون وعدم قدرتها على الاستغناء عن حوالى 60% من إنتاج التكنولوجيا التى تصنعها الصين، لذا سنرى بعض المناوشات دون الوقوع فى حرب كما حدث فى روسيا.

من ناحية أخرى، تقول الدكتورة نادية حلمى، الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بنى سويف، أن الأزمة الأمريكية الصينية على أبواب معركة جديدة بين أكبر قوتين اقتصاديتين فى العالم على النفوذ وتغيير الإستراتيجيات العسكرية.

وتابعت: هناك إصرار صينى على توجيه اتهامات للأبحاث الأمريكية التى تتم فى المختبرات البيولوجية فى أوكرانيا وتتبناه وسائل الإعلام الصينية الرسمية والصحف الرسمية التابعة للحزب الشيوعى الصينى، كرد على التصعيد فى الأزمة مع تايوان، وأصبحت تستهدف تعرية صندوق الاستثمار الخاص بنجل الرئيس الأمريكى "هنتر بايدن"، المشارك الرئيسى فى تمويل برنامج وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" البيولوجى العسكرى فى أوكرانيا والذى قدم موارد مالية كبيرة لا تقل عن مليارى ونصف دولار لعمل تلك المختبرات البيولوجية العسكرية الأمريكية فى أوكرانيا.

وأوضحت الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية، أن أمريكا فرضت فى العام 2018 ربما للمرة الأولى عقوبات عسكرية على شركة إدارة تطوير المعدات والتى تعد من أبرز الوحدات الرئيسية فى وزارة الدفاع الصينية بعد شرائها مقاتلات سوخوى-35 وصواريخ إس-400 أرض جو من روسيا كما فرضت عقوبات ضد عدد من المسئولين الصينيين بهدف الحصول على ضمانات من بكين بعدم تقديم يد العون إلى روسيا فى حربها ضد أوكرانيا.

واستكملت مؤكدة أنه فى نفس اليوم الذى عقد فيه الرئيسان الأمريكى والصينى محادثاتهما الافتراضية عبر الفيديو اتهمت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة "ليندا توماس جرينفيلد الجانب الصينى بانتهاكه حقوق أقلية الإيجور المسلمة فى الصين، فضلًا عن حقوق الإنسان الأخرى فى ملفات أخرى عديدة.

وتوضح الخبيرة أن الصين لاتبالى بالتصعيد وتعتبر العقوبات الغربية على روسيا من شأنها الإضرار باقتصاد الكثير من البلدان حول العالم، مما تسبب فى ارتفاع أسعار الوقود والغذاء عالميًا وأضر ببلدان عديدة، فى الوقت الذى تمارس بعض البلدان الغربية ازدواجية المعايير، حيث استثنت الدول الأوروبية صادرات النفط والغاز الروسية من العقوبات حتى لا تضر باقتصادها، مع أنه يضر العالم كله.
وترفض الصين عبر بياناتها الرسمية ووسائل إعلامها الرسمية وصف تلك الحرب الدائرة فى أوكرانيا بالغزو، إذ تعتبرها بمنزلة مواجهات، وتحذر من الإفراط فى العقوبات الواسعة والعشوائية على روسيا، مما يمكن أن يشل الاقتصاد العالمى المتعثر بالفعل، ويتسبب فى خسائر لا يمكن تعويضها.

كما تخشى الصين من أن يؤدى التوسع فى العقوبات الغربية ضد روسيا أن تطالها بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة أن الاقتصاد العالمى لم يتعاف بشكل كامل من آثار جائحة كورونا.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية