رئيس التحرير
عصام كامل

الأمريكان يتراجعون!


الأمريكان يتراجعون ولكن ببطء.. فهم ليس أمامهم سوى التراجع.. لم يعد في وسعهم عمل شئ في مواجهة إرادة شعب انتفض يرفض حكمًا ساهموا في فرضه عليه.. ابتلع الأمريكان ضيقهم وغضبهم مما حدث في مصر.. والذي أحبط لهم خططهم التي عولوا عليها للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط كلها، وقرروا أن يتعاملوا مع الواقع المصرى الجديد الذي يخلو من "مرسي" رئيسًا والإخوان حكامًا، وذلك لتقليص خسائرهم.


شعر الأمريكان أن التمادى في سياساتهم السابقة أو الاستجابة للإخوان الذين يطالبونهم بالتدخل لدعمهم، سوف يلحق بهم خسائر فادحة وسيجعل من المصريين أعداءً لهم، وهو ما أدركه بوضوح مساعد وزير الخارجية حينما زار القاهرة.

لذلك اضطر الأمريكان لمراجعة مواقفهم.. لكنهم يراجعون هذه المواقف ببطء مثلما تعودوا دائمًا في كل مرة اكتشفوا فيها أنهم أخطأوا، خاصة كما حدث في أفغانستان ومن بعدها العراق.

بعد أن خرج أوباما بتصريحات علنية يدعو فيها السلطات الأمريكية المسئولة لدراسة موقف المساعدات الأمريكية السنوية لمصر بعد عزل مرسي شعبيًا، فإن وزير الخارجية الأمريكية كيرى اضطر لأن يقول علنًا أيضًا إنه من الصعب توصيف ما حدث في مصر ، لأنه كان هناك موقف غير عادى في مصر، مسألة حياة أو موت، مسألة احتمال اندلاع حرب أهلية وعنف هائل، أما الآن فهناك عملية دستورية تتقدم للأمام بسرعة كبيرة.

لقد قلنا مرارًا إن الأمريكان هم ملوك البرجماتية، وإنهم سيتعاملون حتمًا مع أي وضع مصرى حتى ولو كان غير مرضٍ لهم، خاصة أن أوراق اللعبة لم تعد في أيديهم الآن في المنطقة مثلما كان الوضع من قبل.. إن ثورة ٣٠ يوليو لم تحررنا فقط من الإخوان وإنما حررت إرادتنا من هيمنة الأمريكان أيضًا وتلك عظمتها.
الجريدة الرسمية