فكري أباظة يطالب الحكومة بتأميم نجاة الصغيرة.. أبرز المحطات في حياة قيثارة الشرق
وصف صوتها الدكتور مصطفى محمود بـ الكريم كراميل الذي فيه حلاوة في آخره مرارة، ووصفها الأبنودى بمدرسة الوسوسة وقال عنها نزار قبانى هي الأنثى الضعيفة الخجولة التي تخاف من البوح عما في عالمها الذاتي من أحاديث، وقال عنها عبد الوهاب هي قيثارة الشرق وصاحبة السكون الصاخب في صوتها حنان الأرض، وقال عنها الملحن كمال الطويل: “كانت الأفضل أداء على مستوى العالم العربي وبالنسبة إلى الجمهور فهم يضعون المطربة نجاة الصغيرة في المركز الأول عربيا حتى قبل أم كلثوم، التي لا يزال العديد من الناس يعتبر أنها أعظم مطربة عربية في التاريخ وشبه يوسف السباعى رقتها وجسدها بالباتون ساليه”.
في مثل هذا اليوم 11 أغسطس 1938 ولدت نجاة الصغيرة بحى عابدين لوالد لبنانى يعمل خطاطا وأم مصرية وهى شقيقة الفنانة سعاد حسني والملحن عز الدين حسنى، وقالت نجاة عن طفولتها أنها لم تعش طفولة طبيعية مثل باقي الأطفال بسبب الغناء لدرجة أنها لم تلعب بعروسة مثل البنات الصغار.
تأميم نجاة الصغيرة
دفعها والدها إلى الغناء في الملاهي بتقليد أغانى أم كلثوم، مما جعل الكاتب الصحفى فكرى أباظة يكتب مطالبا الحكومة بتأميم الطفلة نجاة ورعايتها حتى تكبر ويشتد عودها وهي محافظة على موهبتها مبقية على نضارتها فأطلق عليها النقاد ابنة الحكومة.
في عام 1947 كان أول ظهور للمطربة نجاة ـــ التي اشتهرت باسم نجاة الصغيرة ـــ على الشاشة في فيلم بعنوان "هدية" وكان عمرها في ذلك الوقت تسع سنوات، حيث اكتشفها المخرج محمود ذو الفقار في وقت كانوا يلقبونها "بشبيهة أم كلثوم ".
كان الظهور الثاني للطفلة نجاة في السينما خلال فيلم "الكل يغنى" مع عز الدين ذو الفقار واختير لها اسم فنى جديد هو نجاة الصغيرة لتتميز عن المطربة الشهيرة وقتها نجاة على.
كان الموسيقار محمد عبد الوهاب أول من تبنى الفنانة والمطربة نجاة فنيًا، وكان من أحرص المحيطين بها على تهيأتها وتألقها فنيا، ففي عام 1949 تقدم محمد عبد الوهاب بشكوى رسمية في مركز الشرطة ضد والد نجاة، ادعى فيها أن تدريب نجاة وهي في سن صغيرة على أغاني أم كلثوم هو عرقلة للعملية الطبيعية لتنمية صوتها، وأنها ينبغي أن تترك وحدها لتتطور بشكل طبيعي
فى عام 1942 وفى إحدى حفلات نادى الموسيقى الشرقى تقدم تخت مطربة صغيرة عمرها خمس سنوات وفرقتها مكونة من أشقائها الخمسة الأطفال أيضا، وقفت الطفلة على كرسى من الخيزران وأمسكت منديلا تشبها بأم كلثوم وبدأت تتمايل مع الموسيقى وتغنى دور "غنى يا كروان" والجماهير تصفق لها وهى تصفق معهم فأطلقوا عليها "المعجزة".
كانت أولى أغانيها وهى في الخامسة عشرة من عمرها "ليه خليتنى أحبك" من تلحين محمود الشريف، ثم قدمت للسينما ستة أفلام حتى اعتزالها الغناء عام 2002 هي " الشموع السوداء، ابنتى العزيزة، شاطئ المرح، غريبة، جفت الدموع، سبعة أيام في الجنة" أصبحت نجاة الصغيرة جزءًا من تاريخ الموسيقى العربية في عصرها الذهبي في الخمسينات والستينات، واعتزلت الغناء عام 2002.
خلافات مع سعاد حسنى
كانت قصة خلاف سعاد حسني، مع شقيقتها نجاة الصغيرة حديث الجميع، بعد أن تناقلت وسائل الإعلام أخبارًا عن معاناة السندريلا لسنوات طويلة من غيرة أختها الكبرى نجاة، سعاد حسنى دخلت عالم الفن وهي في الثالثة من عمرها حين شاركت في برنامج للأطفال، ثم في فيلم حسن ونعيمة، وانتقلت إلى عالم الشهرة كممثلة سينمائية موهوبة، حتى تناقلت وسائل الأعلام خبر غضب نجاة، بعد أن بدأت سعاد حسنى بالغناء في بعض أعمالها مثل صغيرة على الحب وغيرها، خوفًا من سرقة ضوء الشهرة الذي تمتعت به نجاة بسبب صوتها، ما جعل علاقة الشقيقتين تتوتر كثيرا.
كامل الشناوي يكتب لها "لا تكذبى"
في كتابه "شخصيات لا تنسى" يقول مصطفى أمين، إن الشاعر كامل الشناوي هو من قدم نجاة إلى الناس، وأنه كتب أغنيتها الشهيرة "لا تكذبي" بعد أن شاهدها في سيارة بصحبة أحد الأدباء، ويقول "أمين": "جاءني كامل الشناوي، وكتب قصيدة لا تكذبي في بيتي، وكان يبكي بشدة"، وتابع: "أراد كامل أن يلقي القصيدة على نجاة في التليفون، وبالفعل اتصل بها، وبدأ يلقي القصيدة بصوت منتحب خافت، تتخلله زفرات وعبرات وتنهدات.. قطعّت قلبي"، وأخذ يردد لها: "لا تكذبي إني رأيتكما معا.. ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا.. ما أهون الدمع الجسور إذا جرى.. من عين كاذبة.. فأنكر وادعى"، ويؤكد " الصحفي الكبير" أنها ردت عليه ببرود وقالت: "حلوة يا كامل لازم أغنيها".. وكانت العلاقة بين الطرفين غير متكافئة، فالشناوي يكبرها بثلاثين عاما، لذلك لم تلتفت إليه من الأساس بسبب فرق السن الكبير، وأحس هو بذلك فقال: "احتشم يا قلبي، فالحب طيش وشباب وأنت طيش فقط"، تكلفت الاغنية 7 آلاف جنيه وقام بتلحينها محمد عبد الوهاب.
الحديث عن بطلة قصيدة "لا تكذبي" للشاعر الراحل كامل الشناوي، كثير ومتشعب، فهناك من يقول إن الشناوي ضبط نجاة الصغيرة متلبسة بالحب مع الشاعر نزار قباني في شقته، حيث ظنت نجاة أنه في الإسكندرية، وحين تراجع عن السفر عاد إلى شقته، وفتح باب غرفة نومه فراعه ما شاهد.
ابطال متهمون
وآخرون ألبسوا تهمة الخيانة للمخرج عز الدين ذوالفقار، وهناك من جزم بأنه الأديب يوسف إدريس، ولكن الحقيقة، يذكرها الصحفي يوسف الشريف، ونقلها عنه كتاب "مشاهير وظرفاء القرن العشرين: إن مناسبة قصيدة لا تكذبي، ارتبطت بعيد ميلاد المطربة الشهيرة رقيقة الصوت، في شقتها بالزمالك، وكان الحفل الذي دعت إليه عددا محدودا من الأصدقاء والفنانين، وجاءت لحظة إطفاء الشموع، فإذا بمحبوبة كامل الشناوي –المطربة صاحبة الحفل- تختار كاتب القصة القصيرة يوسف إدريس، وتمسك بيده ليساعدها في قطع "قالب الجاتوه"، وكأنها تقطع في أوصال قلب الشاعر الشناوي، علما أن كامل الشناوي هو الذي اشترى "قالب الجاتوه" وأهداه إليها في عيد ميلادها.