صغار بعقول كبيرة.. المشروع الوطني للقراءة يجمع أطفال محافظات الجمهورية | صور
صباح اليوم استيقظت مرام وسام ابنة محافظة الفيوم، ذات الـ12 عشرة عامًا، أحضرت حقيبتها، قبّلت صورة أبيها الذي رحل عن عالمنا في مطلع العام الماضي بعد إصابته بفيروس كورونا، في طريقها إلى أحد فنادق العاصمة الإدارية للمشاركة في أول أيام المشروع الوطني للقراءة في دورته الحالية، الذي ينعقد في إحدى قاعات الفندق، آملة في أن تحقق أمنية والدها بأن تشارك في تلك المسابقة التي تهدف إلى توجيه الأطفال في مصر لتعزيز مواهب القراءة والاطلاع لديهم.
"دي كانت أمنية بابا الله يرحمه إني أشارك في المشروع دا، لأنه عارف قد إيه أنا بحب القراءة والاطلاع في كل المجالات خاصة القراءة في علوم الفلك والقصص الدينية، وهو نفسه أكون رائدة فضاء وأنا هحقق حلمه".
تنتظر مرام دورها إلى جانب طلاب سبع محافظات تم تحديدها اليوم الأول للدخول إلى لجنة التحكيم التي تعني بتقييم الطلاب المثقفين ومناقشتهم في موضوعات الكتب التي اطلعوا عليها استعدادًا للوصول إلى المرحلة النهائية من المسابقة والتي يشارك بها بين الـ 900 قارئ وقارئة بين أطفال ومراهقين وشباب ومعلمين أيضا، ليصلوا في النهاية إلى أربعين شخص فقط بين طالب من الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعات والمعلمين أيضًا.
تجلس مرام في انتظار دورها لدخول لجنة التحكيم لمناقشة الكتب الثلاثين التي دأبت على قرائتها منذ عدة أسابيع بعد أن اشتركت في المسابقة، تشعر بأن روح والدها ترافقها منذ قدومها إلى هذا المكان، "أنا عارفة إنه شايفني دلوقت وكان نفسي يبقى معايا لأنه كانت دي أمنيته من السنة اللي فاتت إني أشارك في المسابقة ولكن هو أصيب بكورونا وتوفي وما قدرتش أشترك لكن السنة دي صممت أول ما شفت الإعلان على البيدج شاركت في المشروع الوطني للقراءة".
مرام واحدة ضمن عشرات الأطفال الذين قدموا من سبع محافظات مختلفة من القاهرة والجيزة والإسكندرية ومرسى مطروح وبورسعيد والفيوم والسويس، فقط من أجل تعظيم استفادتهم من تلك الهواية التي ظهرت عند الكثير منهم في المراحل العمرية المبكرة، فتجد بعض المشاركين قد تعلقوا بالقراءة منذ أن كانوا في السادسة من عمرهم، باكتشاف الأب أو مساعدة الأم أو الجدة نجحوا في أن يكونوا ضمن صفوف الطلاب المثقفين المؤهلين للحصول على هذا اللقب.
الطفل ياسين يشارك في مسابقة القراءة بـ 30 كتاب
يشارك الطفل ياسين محمود عبد العزيز، صاحب التسعة أعوام، في مسابقة المشروع الوطني للقراءة، والتي تقوم على قراءة ثلاثين كتابًا لكل مشارك ثم مناقشتها مع اللجنة المحكمة بالمسابقة.
وعن مشاركة الطفل ياسين، أوضحت والدته أن اهتمام نجلها الدائم بالمعلومات العامة والتاريخ والفضاء والعلوم هو ما دفعهم للتفكير في مشاركته في المسابقة، لافتة إلى أن الفكرة بدأت لديهم منذ 4 سنوات؛ حيث أصبح "ياسين" مهتمًا بمشاهدة البرامج العلمية ومقاطع الفيديو التي تتحدث عن الخيال والحشرات والحيوانات، وكان مهتمًا بشرح ما يراه بطريقة مميزة، مضيفة أنه دخل المسابقة بثلاثين كتابًا في مجالات في الدين، والتنمية البشرية، والعلوم.
وقال الطفل "ياسين"، أن لجنة التحكيم في المشروع الوطني للقراءة كانت "جميلة وسهلة وسلسة" معه، فيما كانت تتكون من اثنين أحدهما فلسطيني الجنسية والآخر أردني، مضيفًا أن اللجنة بدأت معه بـ "دردشة" بعيدًا عن الكتب ثم بعد ذلك أخذت في مناقشة الكتب معه، مستطردًا: "في آخر اللقاء قالوا لي جملة مش هنساها أبدًا وهي "سلّم لنا على بابا وماما" لأنهم لاحظوا إن طريقتي وكل الكتب اللي قرأتها فيها مجهود مع بابا وماما".
وتابع الطفل "ياسين"، أن اللجنة وجهت له جملة أخرى لا ينساها حينما قالت له: "إحنا جينا عشان نعلمك رحت أنت اللي معلمنا"، مختتمًا أنهم طلبوا منه دخول لجنة ضبط جودة والتي قال عنها أنها كانت "جميلة جدًا".
فجودي هشام ابنة السبعة أعوام قدمت مع والدها إلى فندق الماسة في أول أيام فاعليات الدورة الثانية للمشروع الوطني للقراءة، حينما تتحدث إليها تجدها تلقي عليك الإجابات باللغة العربية الفصحى دون أن تخطئ أو تخونها مخارج الحروف رغم صغر سنها، فقد أتت من محافظة بورسعيد إلى العاصمة الإدارية لتناقش الكتب الثلاثين التي قرأتها وحددت في نقاط صغيرة بخط مرتب ما استفادت منه من خلال قراءة هذا الكتاب أو ذاك، في خطوة لتحقيق رؤية مصر 2030 في الوصول بالعلوم والمعرفة وأساليب التعلم لكافة أبناء المحافظات بصورة عادلة ومتكافئة، "أنا قدمت في المسابقة لأني أرى أن القراءة تستحق، وأتمنى إنه كل اللي في سني يحولوها لموهبة فأنا أقضي معظم وقت فراغي في المدرسة في المكتبة وبحب قصص المغامرات والقصص الدينية ومدرسين في المكتبة هي اللي شجعتني على التقديم في المشروع الوطني للقراءة.
هكذا الحال أيضًا مع مؤمن ابن محافظة القليوبية وتحديدًا منطقة بهتيم بشبرا الخيمة، وكذلك مصطفى وصديقه محمد اللذين قدما من محافظة بورسعيد للمشاركة في المسابقة، فكل طفل منهم أو مراهق يحمل بداخله حلمًا صغيرًا بأن تصبح القراءة هي المسلك الأساسي للصغار قبل الكبار فلا يأخذهم بريق "السوشيال ميديا" بعيدًا عن هواية هي الأكثر قدرة على تهذيب وتثقيف النفس فالأمر الإلهي الأول لنا كان "اقرأ".
ومن جانبه قال هشام السنجري، مدير المشروعات التربوية بمؤسسة البحث العلمي فرع مصر وشمال أفريقيا: "لقد تمكنت المؤسسة وبالتعاون مع شركائها في الميدان التربوي من تحقيق إنجاز عظيم في هذا العام يضاف إلى إنجازات العام الماضي، وأشاد السنجري بكل المجهودات المبذولة منذ بداية انطلاقه في عام 2020 من أجل العودة إلى القراءة، وتعزيز الحس الوطني والشعور بالانتماء عبر دعم القيم الوطنية".
والجدير بالذكر أن عدد المرشحين للتصفيات النهائية فيما يخص بُعْد "الطالب المثقف" وصل إلى 648 طالبًا وطالبة على مستوى وزارة التربية والتعليم والأزهر الشريف، يتم ترشيح 20 منهم ووصولهم إلى منصة التتويج.
أما إجمالي المرشحين على مستوى البعد الثاني "القارئ الماسي" فقد وصل " 107" من طلاب الجامعات والمعاهد المختلفة، وستتم التصفية بينهم لاختيار العشرة الأوائل على مستوى كل الجامعات.
كما شهد الميدان التربوي والتعليمي على مستوى بعد "المعلم المثقف" منافسات أكثر شمولية حيث وصل إلى التصفيات "108" من المعلمين والمعلمات من مختلف التخصصات، وسيتم اختيار العشرة الأوائل من بينهم.
وفيما يختص بالبُعْد الرابع "المؤسسات التنويرية"، فقد ترشحت 10 مؤسسات إلى التصفيات النهائية من بين عشرات المؤسسات المجتمعية المشاركة في المنافسة لهذا العام، يتم ترشيح 5 منها على مستوى الجمهورية.
ويقدر إجمالي القيمة المالية للجائزة التي سيحصل عليها جميع المتسابقين بـ 20 مليون جنيه مصري لجميع المنافسات، حيث يحصل فائزو البعد الأول على جوائز تبدأ من 50 ألف جنيه وتصل إلى مليون جنيه مصري بالإضافة إلى كأس الطالب المثقف، كما يحصل فائزو البعد الثاني على جوائز تبدأ من 100 ألف جنيه مصري وتصل إلى مليون جنيه للمعلم المثقف الحائز على المركز الأول وكأس المعلم المثقف. وتبدأ جوائز البعد الثالث بجائزة مالية قدرها 100 ألف جنيه مصري لتصل إلى مليون جنيه مصري وكأس القارئ الماسي للفائز الأول، على أن تبدأ جوائز المؤسسات التنويرية من 100 ألف جنيه وتصل إلى مليون جنيه مصري ولقب المؤسسة التنويرية للمركز الأول.