الفزان.. قصة جزيرة تحكمها دولة كل 6 أشهر
"الفزّان" جزيرة نهرية غير مأهولة، تتبادل إسبانيا وفرنسا السيادة عليها، كل ستة أشهر، منذ 360 عامًا، بناء على اتفاقية بين الملك الفرنسي لويس الرابع عشر وفيليب الرابع ملك إسبانيا لوضع نهاية للحرب بين البلدين.
والثلاثاء الماضي، نُظمت مراسم عسكرية في الجزيرة، التي تتخذ شكل المعيَّن، عند الحدود بين الدولتين، وبالتحديد وسط نهر «بيداسوا»، بين بهوبي في فرنسا وإيرون في إسبانيا.
وسلَّمت إسبانيا الجزيرة إلى فرنسا، حيث ستقوم باريس بإدارتها لستة أشهر، قبل أن تعود مجددًا إلى مدريد.
وأشار خوسيه أنطونيو سانتانو، عمدة مدينة إرون الأسبانية: «إننا ننظف الشجيرات الصغيرة بين فبراير وأغسطس. وبالطبع، لدى الفرنسيين الخريف والشتاء لقص الحشائش. لديهم حظ أكبر وعمل أقل»، وإن كانت عوامل التعرية تعني أن مساحة الجزيرة تتآكل.
اجتماعات دبلوماسية
ومنذ القرن الخامس عشر، كانت الجزيرة ميدانًا للاجتماعات الدبلوماسية والملكية بين فرنسا وإسبانيا، فعام 1463 التقى لويس الحادي عشر ملك فرنسا وهنري الرابع ملك قشتالة.
وعام 1526، تم تبادل فرانسوا الأول، الذي أسره تشارلز الخامس في معركة بافيا (1525) هناك، مقابل ولديه.
في القرنين السادس عشر والسابع عشر، كانت الجزيرة أيضًا مكان التقاء مندوبي البلدين لتوقيع مختلف المعاهدات.
ويُطلق الفرنسيون على الجزيرة اسمًا آخر هو «جزيرة المؤتمرات»، إذ اختيرت لتكون أرضًا محايدة للتفاوض مع إسبانيا على اتفاقية سلام ثنائية لإنهاء حرب الـ12 عامًا، عندما أُعلن وقف الأعمال العدائية.
وبعد 24 اجتماع قمة، وُقِّع أخيرًا صلح «البرانس» في 7 نوفمبر 1659، ويوجد نصب تذكاري في الجزيرة لهذه المناسبة.
لكن في الواقع، لم تنته الحرب على الجزيرة، وكان من المستحيل تقسيمها إلى النصف، نظرًا لصغرها، فطولها 210 أمتار وعرضها 40 مترًا، بمساحة 6820 مترًا مربعًا، وتقع على بعد 200 متر من الشاطئ الفرنسي و10 أمتار من الشاطئ الأسباني، في نهر بيداسوا، بين بلدة أونداي الفرنسية ومدينة إرون الأسبانية.
سيادة مزدوجة
وبالتالي، أصبحت الجزيرة أرضًا تمارس عليها المملكتان سيادتهما، وبالتالي تعطيان رمزًا للسيادة المزدوجة.
واحتفالًا باتفاق الصلح، تزوَّج ملك فرنسا لويس الرابع عشر من ابنة فيليب الرابع ملك إسبانيا ماريا تيريزا على الجزيرة.
وكُلّف رسام البلاط الأسباني دييجو بيلاثكيث بتنظيم مظاهر الاحتفال، حيث بنيت الجسور الخشبية لتيسير الوصول إلى الزوارق الملكية وعربات نقل الشخصيات الملكية إلى مراسم الزواج.
وصدَّقت الزيجة الملكية على اتفاق السلام، وصارت جزيرة الفزان رمزًا لاستمرار الاتفاقية.
استضافت شخصيات ملكية، والروائي الفرنسي فيكتور هوغو، مؤلف رواية البؤساء، الذي اشتكى خلال زيارته الجزيرة عام 1843 من عدم وجود أي من طيور الفزان فيها.
وفي واقع الأمر، سجّل الرومان الجزيرة باسم «بوسوا»، التي تعني الممر باللغة الباسكية، وترجم الفرنسيون الكلمة إلى «بايزانس»، التي حُرّفت في نهاية المطاف إلى «فيزان» أو «الفزان».
وتوجد 8 أراضٍ ذات ملكية مشتركة لأكثر من دولة حول العالم، وتعد القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، هي الأكبر على الإطلاق، إذ تتشارك في ملكيتها 29 دولة، لكن جزيرة الفزان تحمل التاريخ الأكثر رومانسية.
وتم تصنيف الجزيرة كموقع تاريخي. واليوم، تتم دعوة الناس إليها بين الحين والآخر للمشاركة في الفعاليات التراثية وإحياء ذكرى أحداث تاريخية، لكن تلك الفعاليات يهتم فيها كبار السن فقط، أما الشباب فهم لا يعيرون الأمر اهتمامًا