محسن عوض.. من النضال ضد المستعمر إلى تأسيس الحركة الحقوقية مسيرة حافلة
نعت الجماعة الحقوقية، رائد الحركة الحقوقية في الوطن العربي محسن عوض عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وأحد أبرز جيل المؤسسين والرواد في المنظمة والحركة الحقوقية في العالم العربي، الذي وافقته المنية صباح اليوم، بعد مسيرة حافلة من العطاء.
محسن عوض، تتلمذ على يديه الجيلين الأول والثاني من حركة حقوق الإنسان في العديد من بلدان المنطقة العربية، وحمل عن جدارة ألقاب "قديس حقوق الإنسان"، و"فارس حقوق الإنسان"، و"الأب الروحي لحقوق الإنسان"، وذلك اتصالا بدوره المحوري في بناء جسر بين عالمية حقوق الإنسان والثقافة العربية.
وشارك في تأسيس الأمانة الفنية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وأشرف على سلسلة التقرير السنوي التي انطلقت منذ 1987 وتشكل مرجعًا عالميًا عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، كما تشكل الأرشيف الأبرز للتطورات السياسية والقانونية والاجتماعية التي حكمت تطورات حالة حقوق الإنسان في البلدان العربية.
ولعب دورا جوهريا في تأسيس وبدايات عمل الفرع المصري في العام 1985 الذي حمل اسم المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي تمثل المنظمة الأم لحركة حقوق الإنسان المصرية، وساهم في إطلاق عمل العديد من الفروع الأخرى الناشئة للمنظمة في المغرب والجزائر والأردن واليمن وبريطانيا والنمسا.
عمل أمينًا عامًا مساعدًا للمنظمة بين 1987 و2004، إلى أن انتخب بالإجماع عضوًا في مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام 2004 بعد سنوات عدة من العزوف عن المواقع المنتخبة، وانتخب بالإجماع أمينًا عامًا للمنظمة في 2008، وتمسك بتولي فترة واحدة حتى 2011 فقط رافضًا التجديد، وداعيًا لإفساح المجال للقيادات الشابة.
كما شارك بدور جوهري في عملية تأسيس المعهد العربي لحقوق الإنسان 1989 ليلعب دور المنارة الأبرز في نشر ثقافة حقوق الإنسان إلى اليوم، وتولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة فيه.
وأصدر العشرات من الكتب والأدبيات والمئات من الأبحاث والمقالات في مجال حقوق الإنسان، والتي تشكل معًا كنزًا فكريًا لامعًا، لا سيما إسهاماته الكبرى في إعداد وإصدار دليل حقوق الإنسان والتنمية 2005، ودليل التمكين القانوني للفقراء 2014.
واختير «عوض» لعضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر في أبريل 2011، واستقال من المجلس في ديسمبر 2011 على خلفية عدم تعاون السلطات مع الشكاوى التي تولى مسئوليتها. وتم اختياره عضوًا في المجلس مرة ثانية بعد ثورة يونيو 2013 في الدورة التي استمرت حتى ديسمبر 2021.
وعينه الرئيس عبد الفتاح السيسي في العام 2014 عضوًا باللجنة القومية لتقصي الحقائق في أحداث ثورة 30 يونيو وما بعدها، وكانت جهوده البارزة وتضحياته من أجل إنجاز المهمة سببًا في دخوله المستشفى فور إنجاز اللجنة أعمالها ليجري جراحة القلب المفتوح في شهر ديسمبر 2014.
ولم ينفصل نضال عوض في مجال حقوق الإنسان عن نضالات الصبا ضد الاستعمار والفساد قبل ثورة يوليو 1952 حيث جرى القبض عليه بين طلاب المدارس المشاركين في مظاهرات ضد الاستعمار الإنجليزي.
واستثمر تفوقه في الفكر السياسي في خدمة وطنه، حيث تخرج في الدفعة الأولى لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1964، والتحق مباشرة بإدارة الشئون الأفريقية برئاسة الجمهورية التي دعته لتولي الوظيفة بناءً على تفوقه العلمي، حيث عمل مع رفيق دربه الوزير محمد فائق على دعم حركات التحرر الوطني في القارة الأفريقية، وكان خبيرًا بارزًا في الشئون الأفريقية.
ومع مرارة نكسة 1967، التحق عوض بناءً على طلبه بالقسم المختص بالصراع العربي الإسرائيلي، وهو ما شكل تضحية حالت دون استمراره في الدراسات العليا في الشئون الأفريقية التي حصل على درجة الماجستير فيها في العام 1966، وكان مفترضًا أن يكمل عمله للحصول على الدكتوراة خلال فترة عام إلى عامين.
وشارك «عوض» في خوض العديد من جولات الصراع مع العدو الإسرائيلي في شتى مجالاته السياسية والأمنية والعسكرية، ولقيت جهوده نجاحًا بارزًا حمله ليكون عضوًا عاملًا في غرفة عمليات الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973.
ورفض عوض الاستمرار في وظيفته الرسمية عقب اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وأسس لحركة شعبية لمناهضة التطبيع، حملته لأن يكون مسئولًا مع صديقه عماد أبو غازي (وزير الثقافة الأسبق لاحقًا) لسكرتارية الحركة والمسئولية عن باب متخصص في جريدة الأهالي الناطقة بلسان حزب التجمع المصري المعارض.
واستمر نشاطه المناهض للتطبيع متواصلًا بشكل متوازي مع نشاطه في مجال حقوق الإنسان منذ تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وكان المتحدث الأبرز في المجالين خلال نشاطه مع مركز دراسات الوحدة العربية، وخلال مشاركاته في دورات المؤتمر القومي العربي.