خشية الغضب الصيني.. تجاهل أوروبي لزيارة بيلوسي إلى تايوان
بدت الدول الأوروبية في حالة تجاهل تام للزيارة المثيرة للجدل التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، يوم الثلاثاء الماضي، خشية الغضب الصيني من فكرة استقلال الجزيرة، بل إنها تعترف رسميًا ببكين كمقر للسلطة الصينية.
وعلى عكس موقفهم من الغزو الروسي لأوكرانيا، رأت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أنه من غير المرجح أن ينضم القادة الأوروبيون إلى حملة العقوبات التي ستقودها الولايات المتحدة في حال حدوث غزو صيني لتايوان.
وقالت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، إن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للأوروبيين هو الحفاظ على التجارة المفتوحة مع الصين وسوقها الضخم، دون الانخراط في صراع معها.
وأضافت الصحيفة أنه مثالا على ذلك، لم تبد أي دولة أوروبية، مهما كانت داعمة للديمقراطية، أي رغبة كبيرة في الانضمام لحملة الدفاع عن تايوان عسكريًا، حتى وإن كانت شفهية، كما تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن أحيانًا بفعل ذلك.
وتحت عنوان ”هذه معركة أمريكا“، قال فيليب لو كوري، الباحث المتخصص في الشؤون الصينية بجامعة هارفارد: ”هذه ليست معركتهم، هذه معركة أمريكا، وقد كانت إدارة بايدن واضحة طوال العام ونصف العام الماضي أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي أولويتها“.
وأضاف: ”كانت تايوان هادئة للغاية، ويعتقد معظم الأوروبيين أن رحلة بيلوسي كانت خطأ من الأساس، مما زاد التوترات في وقت يشهد حربًا أخرى في أوروبا“.
وتابع لو كوري حديثه بالقول: ”إذا كانت أوروبا حذرة بشكل متزايد من الاستثمارات الجديدة في الصين، فإن تايوان تعتبر قضية أمريكية، مثلها مثل منطقة المحيط الهادئ الأكبر، حيث تمتلك أوروبا القليل من الأصول العسكرية“.
في سياق متصل، نقلت ”نيويورك تايمز“ عن جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى كل من واشنطن والأمم المتحدة، قوله: ”إن الدعم الأمريكي الدائم لتايوان لا علاقة له بالديمقراطية، وكل شيء يتعلق بالجغرافيا السياسية والمصداقية“.
ووفقًا للصحيفة، يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه مخاوف أوروبا بشأن مزاعم بانتهاكات الصين لحقوق الإنسان في شينجيانغ، والحملة القمعية في هونغ كونغ، والرقابة الواسعة النطاق والضوابط الاجتماعية المتفشية، بالإضافة إلى التقدم التكنولوجي، والتجسس الصناعي والخطاب العدواني.
علاوة على ذلك، قالت الصحيفة الأمريكية إن الأوروبيين ليسوا سعداء للغاية بشراكة ”اللاحدود“ التي أعلنتها الصين وروسيا قبل وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير الماضي.
وكانت ليتوانيا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي أيدت صراحة زيارة بيلوسي، حيث قال وزير خارجيتها، جابريليوس لاندسبيرجيس، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع ”تويتر“: ”إنه الآن بعد أن فتحت رئيسة مجلس النواب بيلوسي الباب لتايوان على نطاق أوسع، أنا متأكد من أن المدافعين الآخرين عن الحرية والديمقراطية سوف يمرون من خلاله قريبًا جدًا“.
وأوضحت الصحيفة أن الموقف الليتواني ليس من قبيل الصدفة أو يمثل تغيرًا في موقف الاتحاد الأوروبي، لكنها أشارت إلى أن البلدين في ”خلاف قبيح“ بسبب تايوان منذ فترة طويلة.
وقالت: ”سمحت فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) لسفارة تايوان غير الرسمية الجديدة باستخدام كلمة تايوان في اسمها، وردت بكين بالقيود التجارية، وأعربت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي عن انزعاجها من أن ليتوانيا، دون التشاور معها، أوجدت ما اعتبروه مشكلة لا داعي لها“.
وكانت بريطانيا، التي لم تعد عضوًا في الاتحاد الأوروبي، أكثر انفتاحًا في انتقاداتها للصين مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، حيث ظلت زيارة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم إلى تايوان مطروحة منذ فترة طويلة.
ومع ذلك، فإن الرحلة البريطانية المزعومة، التي حذرت منها الصين أيضًا، ستأتي في نوفمبرأو ديسمبر، أي بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.
ورأت الصحيفة الأمريكية أنه قبل ذلك، يريد الزعيم الصيني، شي جين بينج، إظهار قوته لضمان حصوله على فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة، حيث يعتقد العديد من المحللين أن توقيت رحلة بيلوسي قد أغضب شي وأعاد إلى الأذهان فكرة ”غزو تايوان“ ردًا على الزيارة.