فتاة لا تعرف المستحيل.. يوميات "قوت القلوب" وسط النخيل والقبور من أجل لقمة العيش | صور
بين أشجار النخيل، بجوار مقابر قرية الحلة التابعة لمركز قوص جوب محافظة قنا، تطل فتاة ببشرة سمراء ترتدي ملابس الرجال وتضع على رأسها الإيشارب وتربط بخصرها عددا من الحبال، تنظر إلى أشجار النخيل وتبدأ في اختيار الشجرة التي سوف تقوم بتقليمها وحصاد البلح منها.
إنها منى قوت القلوب التي حرصت “فيتو” على معايشة قصة يومها في مهنة كانت تصنف أنها من المهن الشاقة والمخصصة فقط للرجال.
حفر القبور وطلوع النخيل
تسرد منى قوت القلوب حكاياتها قائلة: الحياة صعبة ومرة ولقمة العيش لا تأتي بسهولة كما يعتقد البعض، بل إنها من تعب وكد وشقاء، ومنذ نعومة أظافري وأحلم دائما باليوم الذي أكون فيه مثل باقي الفتيات التي في عمري، لكن الحياة اختارت لي طريقي، ما بين أشجار النخيل وحفر القبور.
وتابعت: “بدأت عملي في هذه المهنة وكان عمري لم يتجاوز الـ 15 عاما، وسعيت إلى أن أؤمن لأمي قوت يومها هي وشقيقتي وأبنائها الأيتام، ووالدتي تساعدني بالعمل في خوص النخيل بعمل الحبال والمقطاف وهي سيدة كبيرة في العمر”.
وأشارت إلى أن: “المهنة لا نختارها لكن هي التي تختارنا ولم أكن يوما أتخيل نفسي بين السماء والأرض ولكن تعلمت من أجل توفير لقمة العيش، ومع بداية وباء كورونا وجدت الكثير من الأهالي يهربون من حفر القبور خشية الوباء لكن وجدت نفسي ذات يوم أنزل وأبد الحفر دون خوف ومن هنا بدأ الأهالي يطلبون مني ذلك”.
وباء كورونا ولعنة الساكن بالنخيل
وأضافت: “كانت هذه الأشياء من أصعب المخاطر التي تواجهني، ولكن كنت أترك الأمر لله أفضل من مد اليد، لذا فضلت العمل في ظل تلك الظروف الصعبة الوعرة، والنخيل يسكنها الكثير من الحشرات السامة مثل الأفاعي والعقارب التي كانت تمر أمامي وأتذكر يوم أن سقط الثعبان بين جسدي وكنت أموت في جلدي من الخوف ولكن لم يكن أمامي سوى حبس الأنفاس والصمت حتى يمر ويتركني في حالي”.
وتابعت: "الوباء لا يزال موجودا والأهالي يخشون من النزول في القبور والحفر والحقيقة أنني أحفر فقط، لكن لا أدخل إلى القبر بعدما تعرضت لحادث أثار الرعب في نفسي، فوجدت أنه من الأفضل هو عدم النزول والاكتفاء بالحفر فقط إلى جانب أنني أقوم بتوصيل الخضر أو الدقيق على عربة صغيرة في أوقات الفراغ".
وعن أمنية تريد تحقيقها قالت قوت القلوب: "بحلم باليوم الذي أقابل فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي ونفسي هذا الحلم يتحقق".