رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تُغير مصر منظومة العلاقات الدولية (1)


حدث كل شيء في مصر أمام العالم، ولكنه لم يُر من هذا العالم!!
بهذه العبارة المُختصرة، أُحب أن أُلخص الفعل السياسي المصري، الذي حدث على مدى العامين ونصف العام الأخيرين، إلا أنه لم يكُن إطلاقاً قادماً من فراغ، ولكن من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في صون أمن بلادهم ومواطنيهم، ولم أر ما يقوله الكثيرون، من أن المجلس الأعلى للقوات المُسلحة قد أخطأ كثيراً في إدارة المرحلة الانتقالية الأولى، بل على العكس تماماً أرى أنه أنجز إنجازاً رائعاً في كشف الكثيرين وإظهارهم بحق للمصريين، كما كشف المؤامرة الكُبرى التي تعرضت لها مصر على مدى السنوات الكثيرة التي مضت، وعلى أقل تقدير منذ أن وضعت الحرب الباردة أوزارها.


لقد أعلن الرئيس السوفيتي الأخير ميخائيل جورباتشوف، عن تغيرات كبيرة وعميقة في الاتحاد السوفيتي منذ العام 1986، مهدت لسقوط القوة العُظمى، ولقد بدأت الولايات المتحدة مع بوادر نهاية السوفيت وقبل السقوط الفعلي بنحو ثلاث سنوات في تأسيس نظام عالمي جديد يُمكِنُها من إدارة العالم كقوة وحيدة، لذا بدأ الكثير من المُفكرين في أواخر عقد الثمانينات يكتبون مُعبرين عن بناء جُزيئات هذا النظام، بإعادة تعريف مختلف أجزائه.

كان من ضمن ما كُتب وقتها عدد من الأبحاث والمقالات، عن إعادة تعريف الأمن على مستوى العالم، بحيث يتضمن أغلب أمور الحياة، ولا يصير الأمن التقليدي المبني على السلاح وفقط، وبناء عليه ولتأمين بناء نظام عالمي جديد بأُطر مصلحية تبدو عالمية، بينما هي للسيطرة قامت الولايات المتحدة في عقد التسعينيات، ومن خلال مُنظمة الأمم المتحدة بعقد عدة مؤتمرات لبناء هذا النظام العالمي الجديد.

وكان أن عُقد مؤتمر "قمة الطفل"، في نيويورك بالولايات المتحدة في سبتمبر 1990، ومؤتمر "قمة الأرض" للبيئة في ريو دي جانيرو بالبرازيل في يونيو 1992، ومؤتمر "قمة حقوق الإنسان" في فيينا بالنمسا في يونيو 1993، ومؤتمر "السكان والتنمية" في القاهرة بمصر في سبتمبر 1994، ومؤتمر "قمة التنمية الاجتماعية" في كوبنهاجن بالدنمارك في مارس 1995، ومؤتمر "وضع المرأة" في بكين بالصين في سبتمبر 1995، ومؤتمر "قمة المستوطنات البشرية" في اسطنبول بتركيا في يونيو 1996، ومؤتمر "قمة الغذاء" في روما بإيطاليا في نوفمبر 1996، وما إلى تلك من مؤتمرات لتنظيم وجه الحياة على كوكب الأرض.

إلا أن من أهم التطورات التي حدثت بقُرب سقوط الاتحاد السوفيتي، هو أن الولايات المتحدة استبدلت "الخطر الشيوعي" بمواجهة "الخطر الإسلامي" وفقاً لوصفها، أو الخطر "الأحمر" بالخطر "الأخضر"، وهنا يجب أن نتوقف لأن المسألة تتعلق بما يمكن أن يوصف بحرب للسيطرة أكثر من حرب على الدين في حد ذاته، إلا في تطور هذه الفترة وصعود اليمين المتطرف فيما بعد. لقد كانت مسألة الحرب على الإسلام، وصناعة الإرهاب أو بالأصح إعادة تصنيعه، لشيطنة الإسلام في أذهان المواطن الغربي والعالم، ومن ثم استهداف المنطقة التي بها الكثير من الثروات الطبيعية في قلب العالم، وهي منطقة الشرق الأوسط!!

كان أفضل مكان يُمكن استهدافه في تلك الفترة هو العراق، لأن الرئيس الراحل صدام حُسين كان شديد التعبير عن قوة بلاده، وكان يُعلن رغبته في استهداف إسرائيل، ومن هنا تم اصطياد العراق بسحبه إلى احتلال للكويت في 2 أغسطس 1990، وتم الإبقاء عليه بداخل الكويت بتعمد إهانته من الرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الأب، لتتم في النهاية محاربته بقواعد أمريكية في الخليج، وتبدأ سلسلة استهداف الشرق الأوسط العربي،
وللحديث بقية،
تحيا مصر
الجريدة الرسمية