الهجرة النبوية معانيها والدروس المستفادة منها
تمثل الهجرة النبوية حدثا فريدا في تاريخ البشرية يتجاوز حدود الزمان والمكان، وهي كمبدأ إيماني عظيم، فقد احتوت الهجرة النبوية على المعاني الإيمانية والإنسانية العظيمة ومظاهر الرحمة الإلهية التى تؤسس لعلاقات ومجتمعات سليمة وقد اختلفت الآراء حول بداية الهجرة هل كانت في شهر المحرم أم في شهر ربيع الأول؟
في البداية يشرح الدكتور عبد العظيم المطعني أستاذ البلاغة في مؤلفه “ بلاغة القرآن ” معنى الهجرة فيقول: إن الهجرة نوعان هجرة من مكان إلى مكان وهجرة من أحوال وأوضاع إلى أوضاع أخرى، وكانت هجرة الرسول من مكة إلى المدينة جمعت بين الهجرتين معا، والهجرة من مكان إلى مكان لها سبب معروف تكرر ذكره في قول الله تعالى في سورة النساء: " أن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم ؟ قالوا مستضعفين من الأرض ن قالوا، ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا "، ومن هنا كانت الهجرات الثلاث في صدر الدعوة حيث هاجر المسلمون الى الحبشة مرتين بتوجيه من رسول الله بعد زيادة اضطهاد المشركين وخشية تفتن المؤمنين في دينهم، ثم جاءت الهجرة الكبرى الى المدينة بتكليف من الله عز وجل وإيذانا بفجر جديد في تاريخ الدعوة فهي هنا ليست هروبا ولكن بناء على أمر الله ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
التقويم الهجري
أجاب الدكتور محمد الشحات الجندي، الرئيس السابق لمجمع البحوث الإسلامية،واستاذ الشريعة: عرف بداية التقويم الهجري بشهر المحرم إلا إن هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت في شهر ربيع الأول ولم تكن في شهر محرم، ويحتفل المسلمون في شهر المحرم ببداية التقويم الهجري الجديد، ويضمون اسم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاحتفالات بتسمية الهجرة النبوية تعظيمًا وتكريما للرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك لأنه عليه السلام هو من قام بالهجرة إلى المدينة المنورة.
خدمة الإسلام
قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الهجرة النبوية هى عمل دعوى جاء لخدمة الإسلام ونشره، وليس الانتقال من مكان إلى آخر كما يظن البعض فى عصرنا الحديث، فبها أعطى النبى محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين دليل الحياة وفقا لتعاليم الإسلام، وهناك العديد من العبر والعظات من الهجرة، أهمها أنها أثبتت أن الدعوة الإسلامية لا تعرف حدود الزمان والمكان خاصة أنها تعتبر امتدادًا لهجرات الأنبياء السابقين أمثال نوح وموسى وعيسى (عليهم السلام).
تضحيات الصحابة
وأضاف: أن الهجرة أظهرت تضحيات الصحابة الذين قدموا كل ما لديهم، ومنهم أبو بكر الصديق (رضى الله عنه) وابنته أسماء وأخوها عبد الله الذي كان يتتبع أخبار العدو، وعامر بن فهيرة الذي كان يزيل آثار أقدام النبي، صلى الله عليه وسلم، من على الرمال حتى لا يتتبعها المشركين. كما أن الهجرة أعطت درسًا بأن النبى عقد المعاهدات مع جميع أصحاب الديانات والطوائف، وهو الأمر الذى تم تطبيقه. ولذلك تم تثبيت دعائم الإسلام.
وتابع الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه يجب على المسلمين الاستفادة من دروس الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، مؤكدًا أنها بداية لتأسيس أول دولة تقوم على العدل، وأرست دعائم المواطنة والدولة المدنية.
دعم الحب والانتماء
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من دروس الهجرة، فى تدعيم قيم الحب والانتماء للوطن فى نفوس النشء، وحسن التخطيط والأخذ بالأسباب فى جميع الأعمال والمشروعات، حتى نصل إلى الهدف الذى نصبو إليه ويتحقق الأمن والرخاء والتقدم للجميع.