رئيس التحرير
عصام كامل

بعد فتوى دار الإفتاء عن المدد بالأنبياء والصالحين.. السلفيون يشنون حربا من نوع خاص

الأضرحة
الأضرحة

حالة من الجدل أثيرت فور نشر فتوى دار الإفتاء التي لم تحرم طلب المسلم المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين، ولا فرق في ذلك بين كونهم أحياءً أو منتقلين؛ لأنه محمول على السببية لا على التأثير.

فور انتشار الفتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التقط السلفيين الفتوى ليبدأوا سيلا من الهجوم والتشنيع على دار الإفتاء وخروجها عن السياق الديني، فضلا عن محاولته كسب ود الصوفيين ومن والهم ممن عرف عنهم تاريخيا حبهم للتبرك بالأضرحة في حين ذهب بعض شيوخ السلفية إلى تحريم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة بداخلها، وطالبوا بإزالتها على الفور حتى تصح صلاة المسلم. 

كيف بدأت الأزمة؟

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: "كثير من الناس يتوسلون بالموتى الصالحين وبالقبور ويسألون الموتى في قبورهم، وتجد منهم من يُعَلِّقُ تميمة على صدره. فهل ينطبق عليهم ما ورد في قوله تعالى في سورة يوسف: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} فهل يجتمع الإيمان والشرك في قلب الرجل؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

 

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35].

 

فالوسيلة هي ما يتقرب به إلى الغير، والمراد بها في الآية: كل عمل طيب يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى، ومراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وفي الحديث: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم.

ويتضح أن للأنبياء والمرسلين شفاعةً، ويُلحقُ بهم الأولياء والصالحون، وهذا باتفاق في حال حياتهم ويوم القيامة، أما بعد مماتهم: فعلماء الأمة سلفًا وخلفًا يجيزون التوسل والاستشفاع بالأنبياء والصالحين والأولياء بعد مماتهم، ولم يخالف في ذلك إلا ابن تيمية ومن حذا حذوه.

برهامي يحرم!

وكانت للشيخ يارسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، فتوى بأن الأضرحة والموالد ليست من الإسلام في شيء، بل إن الإسلام نهى عنها، وعن أتيان القبور مساجد، مستدلين بحديث (لعن الله اليهود اتخذوا قبور اوليائهم مساجد».

وعلل برهامي فتواه، بأن السنة النبوية تنص على عدم ارتفاع القبور أكثر من شبرين عن الأرض، مبينا حديث الرسول صل الله عليه وسلم، قوله «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، وقد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

مطالبات بهدم الأضرحة

كانت من أبرز المساجد التي طالبت قيادات التيار السلفي، بهدم أضرحتها مسجد «الحسين، والسيدة نفيسة، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيد البدوي، وسيدي إبراهيم الدسوقي، والمرسي أبوالعباس، وعبد الرحيم القناوي».

وفي أعقاب ثورة 25 يناير، وظهور السلفيون على الرأي العام وتوسع رقعة انتشارهم، أقدموا على خطوة تعد الأولى من نوعها حيث عمدوا إلى هدم ضريح كان مقاما بمسجد «الأربعين» في محافظة الجيزة، بعدما دخل اتباع الداعية السلفي «محمد حسين يعقوب»، للمسجد، وأعلنوا سيطرتهم عليه، وأقدموا على هدم الضريح.

على الجانب الآخر، أوضحت دار الإفتاء أن الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم حملُها على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد؛ فالعبرة في التمسح بالأضرحة أو تقبيلها هي حيث يجد الزائر قلبه، ولا يجوز المبادرة برميه بالكفر أو الشرك.

وأضافت الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن النصوص الشرعية دلت على أَن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة جائزة شأنها في ذلك شأن سائر الصلوات، والقول بتحريمها قولٌ باطلٌ لا يلتفت إليه ولا يُعوَّل عليه.

الجريدة الرسمية