بشـــــائـر النــصــــر
تهل علينا نسائم النصر في ذكري حرب رمضان المجيدة، ففي حرب رمضان خاض جنودنا البواسل حرب الكرامة والعزة، وفي ذكراها يخوض الشعب المصري المعركة الأخيرة للإرهاب على أرض مصر.
في حرب رمضان ما زال فعل الإنسان المصري فيها يدرس في أعرق الأكاديميات العسكرية في العالم باعتباره خاض معركة غير مسبوقة في التاريخ البشري من حيث الخداع الإستراتيجي، وعبور حاجز مائي هدد العدو بإحالته إلى جحيم مستعر من خلال أنابيب النابلم المنزرعة في قاعه، وله ظهير ترابي ــ خط بارليف ـ.
قال الخبراء العسكريون إنه يحتاج إلى قنبلة نووية لإحداث فتحة فيه يمكن النفاذ من خلالها إلى الضفة الشرقية للقناة، حيث تربض قوات العدو لاصطياد من يتسنى له العبور، كان الجنود في مثل هذا اليوم مشربين بالوطنية الخالصة، ومؤمنين حتي النخاع بعدالة القضية التي يحاربون من أجلها، ولديهم من القناعة ما يدفع بأحدهم إلى بذل الروح من أجل تحقيق الهدف راضيًا، مؤمنًا بأن موته في سبيل هذا الهدف هو الاستشهاد الذي يرتفع بأصحابه إلى الفردوس الأعلي من الجنان دون مزايدة أو تعالي على الشعب، وأعلي الأوسمة لقب الشهيد.
كل فرد في القوات المسلحة التي ناءت بأعباء الهزيمة كان يحمل بداخله هذه المعاني مدفوعًا بها شوقًا إلى الجنة وريحها الذي هبت نسائمه على تلك الوجوه الوضيئة، في حين كان هناك فصيل ممن لا يعرفون معنًا للوطن تزغرد قلوبهم طربًا لما لحق بهم من هزيمة، وربما انطوت قلوبهم على دعاء مكتوم بتكرارها.
وفي ذكري هذا اليوم يخوض الإنسان المصري معركة غير مسبوقة تمثل أكبر مؤامرة تعرض لها الشعب المصري في تاريخه مع إرهابيين وقتلة، امتطوا صهوة ثورته، وأرادوا أن ينزلقوا بالبلاد دواخل أنفاق وسراديب مظلمة ما لها من قرار، وعندما أسقطتهم إرادة الشعب، سعوا إلى خوض معركتهم الأخيرة، تدربوا على حرب العصابات وحرب الشوارع حيث تستخدم أسلحة الكذب والتمويه والتقية، والدعاية السوداء، والاغتيالات الأدبية والاجتماعية،والتشويه، وسلاح التكفير لإرهاب المجتمع وهزيمته نفسيًا ومعنويًا، بخلاف الأسلحة الأخري المادية من أسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف وأسلحة نارية وصواريخ وسيارات دفع رباعي وقناصة.
في حرب رمضان كان عدونا واحد هو العدو الإسرائيلي، معروف ومحدد وواضح، ومن هنا كان رفع السلاح في اتجاه واحد ويصوب نحو الهدف، وفي ذكري حرب رمضان جاء من يرفع السلاح في وجهك وهو يزعم أنه يحتفي بهذه الذكري رغم عدم انتمائه لها أو مشاركته فيها، ويوم فكر أن يحتفل بها وهو يمثل أعلي سلطة في البلاد جمع حوله الأهل والعشيرة دون غيرهم، ولم ينس أن يدعو إلى الحفل قتلة من اتخذ قرارها، وخاض أتونها.
اليوم في ذكري حرب رمضان المجيدة يخوض الشعب المصري غمار حرب شاملة ضد كل اعتلال في فهم الدين أدي إلى التطرف والإنحراف الفكري والإرهاب. حرب ضد مدعي حمل لواء الدين وهم يتاجرون به. حرب ضد سلب الإرادة وقهر النفوس باسم الدين، حرب ضد فرض الوصاية الدينية على النفوس والقلوب والنيات، حرب ضد مصر الوسطية التي صدرت إلى العالم علماء الدين، وأول من صدرت لهم من نزل الوحي على محمد بين ظهرانيهم، وإني لأجد بشائر النصر تلوح في الأفق غير بعيد.