غزة.. "ضريبة الجينز".. إنعاش إيرادات الحكومة وإفلاس التجار وغضب بين الفلسطينيين
"احترنا معكم، نلبس جلباب فرضتوا عليه ضريبة، صرنا نلبس بناطيل فرضتوا عليهم جباية... طيب شو نلبس؟"، "يا بنطلون يا أبو رقعة ضروري نطلعك من الخزانة ونلبسك تاني"، "بعد اليوم ممنوع تلبس بنطلون ما عليه جمرك لأنه إذا مسكتك الحكومة راح تشلحك إياه"، "إلا البنطلون.. البنطلون لا"، بهذه السخرية غرّد سكان غزة على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجًا على فرض وزارة الاقتصاد رسوم تعلية جمركية على البناطيل المستوردة.
ومنذ أشهر بدأت الجهات الحكومية في قطاع غزة فرض ضرائب إضافية على جميع الأصناف والسلع الواردة إلى القطاع عبر المعابر التجارية، وأخيرًا قررت زيادة رسوم استيراد البناطيل والجلابيات النسائية، الأمر الذي أثار غضب السكان، واعتبروه "خطوة لإفلاسهم" وطريقة جديدة "لإنعاش إيرادات الحكومة" بغض النظر عن ظروف الناس.
الضرائب الجديدة
ومن بين قائمة السلع الجديدة المشمولة بالضرائب، ستخضع كل قطعة بنطال وجلباب وعباءة يتم استيرادها إلى غزة لضريبة قدرها 10 شواكل (أي أكثر من 3 دولارات)، كما ستتم إضافة 300 دولار لكل طن نايلون، ونحو 60 دولارًا لكل طن من العصائر، إلى جانب الضرائب ورسوم إذن الاستيراد المفروض مسبقًا.
وإلى جانب ذلك، ستحصل وزارة الاقتصاد على ضريبة إضافية عن كل طن زعتر قدرها ألفا دولار، فيما ستجبي من طن المكسرات ألف دولار، والبسكويت بجميع أنواعه 230 دولارًا.
من دون نص قانوني
وفي هذا الشأن، قال مدير مركز التخطيط الاقتصادي الفلسطيني، مازن العجلة: إن "المؤسسة الرسمية باتت حكومة جباية فقط، وتعتمد على السلع المشمولة بالزيادة الضريبية في تحصيل إيراداتها، ومن الغريب جدًا، ولم يحدث في أي دولة في العالم، أنها فرضت على كل قطعة جينز جباية، ولم تفرض على كل طن، وهذا يوحي بأنها تعتمد على الجباية التي تحصلها من السلع بشكل أساسي".
ولا يحق للجهات الحكومية في النظام الفلسطيني، فرض أي ضرائب أو تعديلها إلا بقانون، إذ يعرض أي مشروع ضريبة إضافي أو تعديل مشروع قائم على المجلس التشريعي لإقراره، لكن في غزة، لم تلتزم وزارة الاقتصاد بذلك، وفرضت تعديلًا يقضي برفع رسوم استيراد معظم الأصناف والسلع الواردة.
ضرائب رئيسية
في الواقع، تعتمد حكومة غزة في إيراداتها على الضرائب بشكل أساسي، ومن أبرز الأصناف التي تعد ركيزة دخل لها، السجائر بجميع أنواعها، فتفرض ضريبة على كل علبة.
ووفقًا للبيانات يدخل غزة يوميًا نحو مليون علبة سجائر. وأيضًا المحروقات التي يبلغ إجمالي الاستهلاك الشهري منها 120 مليون لتر من المشتقات النفطية، فضلًا عن جباية استهلاك الكهرباء التي هي أساسًا مدفوعة على شكل منح خارجية، أو تقوم السلطة الفلسطينية بتسديد ثمنها.
وأوضح العجلة أن ما تحصله حكومة غزة من ضرائب يغطي موازنات الوزارات وفاتورة الرواتب، ويزيد، لذلك يجب أن تنفذ على أرض الواقع مشاريع خدماتية ضخمة، لكن ذلك لم يحدث أبدًا، وسط تكتم شديد حول الموازنة السنوية وإيرادات المؤسسة الرسمية.
فعليًا، لم تفصح حكومة في غزة عن إيراداتها ولا موازنتها السنوية ولا نفقاتها، إلا أن رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف قدر أن إيرادات المؤسسة الرسمية في أي شهر، تتراوح بين 20 و25 مليون دولار أميركي، ولا تتجاوزها، لكن مراقبين اقتصاديين يرجحون أن التحصيل أعلى من ذلك بكثير.
"ضريبة الجينز"
على أي حال، كانت "ضريبة الجينز" التي فرضتها وزارة الاقتصاد على كل بنطال أو عباية أو جلباب، أكثر ما أثار غضب واستياء سكان غزة، وتجارها والفصائل أيضًا، واعتبروا أن ما تقوم به الجهات الحكومية يثقل كاهل المواطن الذي يتحمل في النهاية هذه الزيادة، كما وصفوا هذا الإجراء بالجائر ويجب التراجع عنه، لأنه يتجاوز القانون ولا يراعي ظروف الناس الصعبة.
ووفقًا لبيانات نقابة تجار الألبسة فإن غزة تستورد سنويًا نحو مليون و100 ألف بنطال، لكن مع تردي الأوضاع الاقتصادية وضعف الطلب، انخفضت الكمية خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 800 ألف.
ويقول مدير مركز التخطيط الاقتصادي الفلسطيني مازن العجلة: "يبدو أن دراسة معمقة أجرتها وزارة الاقتصاد في غزة خلصت إلى أن قطع الملابس توفر مصدر إيرادات ممتازًا للجهات الحكومية، لكنها بهذا الأمر لا تعير اهتمامًا للمواطنين ولا لمستويات المعيشة لأن هناك ارتفاعًا في الأسعار عالميًا ولا يحتمل المواطن أي زيادة في الضرائب".