رئيس التحرير
عصام كامل

وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف يستبق زيارته إلى مصر بمقال عن الشراكة

وزير الخارجية الروسي،
وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف

وصل وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى العاصمة المصرية "القاهرة" كأولى محطاته في الجولة الأفريقية التي يقوم بها وأعلنها مسبقًا.

 

لافروف يزور مصر

ومن المقرر أن يلقى وزير الخارجية الروسي، خطابًا أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، الأحد، ولقاء أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية.

 

واستبق لافروف، وصوله إلى مصر، بكتابة مقال لصحيفة "الأهرام" القومية، تحت عنوان: روسيا وأفريقيا.. الشراكة نحو المستقبل.

 

قال فيه: عشية زياراتي إلى عدد من الدول في أفريقيا، أود إطلاع القراء المحترمين على الأفكار حول آفاق العلاقات الروسية الأفريقية في الظروف الجيوسياسية الحالية.

 

الآن تلعب الدول الأفريقية دورًا متزايد الأهمية في السياسة الدولية والاقتصاد العالمي، وتشارك بنشاط في تسوية القضايا المحورية الحديثة.. يزداد التناغم في أصواتها على الصعيد العالمي.

 

روسيا وأفريقيا

تدعو روسيا دائما إلى ترسيخ موقف أفريقيا في نظام متعدد الأقطاب يستند على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي والحضاري في العالم. انطلاقًا من هذا، نرحب بتطوير ناجح للهيئات التكاملية مثل الاتحاد الأفريقي ومجموعة شرق أفريقيا ومجموعة توسيع التنمية في أفريقيا الجنوبية والمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا والمجموع الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والهيئة الحكومية للتنمية. نعتبر إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية خطوة مهمة نحو الاستقلال الاقتصادي الأصيل للقارة وتحريرها النهائي من جميع ظواهر التمييز والقيود.

 

تعتمد العلاقات الروسية الأفريقية في جوهرها على أواصر الصداقة والتعاون. إن بلدنا، الذي لا تشوبه جرائم الاستعمار، كانت تدعم دائما وبالإخلاص مكافحة الأفريقيين بغية التحرير من الوطأة الاستعمارية وساعدت شعوب القارة في وضع الأسس للاقتصاد الوطني وترسيخ القدرة الدفاعية وتمهيد الكوادر المحترفين. اليوم، نعبر عن تضامننا مع متطلبات الأفريقيين الموجهة لإنهاء الاستعمار ونسهم في تقدم المبادرات ذات الصلة على منصة الأمم المتحدة.

 

لا تزال تنمية الشراكة المتكاملة مع دول أفريقيا تنضم إلى قائمة الأولويات المهمة في إطار السياسة الخارجية الروسية. إننا منفتحون لتعزيز التعاون في ضوء الاتفاقيات الإستراتيجية المتخذة أثناء القمة الأولى لمنتدى روسيا – أفريقيا في نهاية أكتوبر 2019 في مدينة سوتشي.

 

في الوقت نفسه، أؤكد أن بلدنا لا تفرض أي شيء ولا تعلم الآخرين. نحترم سيادة الدول الأفريقية وحقها ـ غير القابل للتصرف - في تقرير مصيرها. نتمسك بمبدأ ينص على الحلول الأفريقية للقضايا الأفريقية. يختلف هذا النهج لتنمية العلاقات الدولية قطعا عن المنطق المفروض من قبل دول ممتلكة للمستعمرات الذي يمكن وصفه ب السيد - التابع ما يكرر النظام الاستعماري البائد.

 

نعرف أن الزملاء الأفريقيين لا يوافقون على الجهود العلنية من طرف الولايات المتحدة والأتباع الأوروبيين لإملاء إرادتها وفرضها على المجتمع الدولي ونظام أحادية القطبية. نثمن موقف الأفريقيين المتوازن من الأحداث في أوكرانيا وحولها. على الرغم من ضغط خارجي غير مسبوق لم يؤيد أصدقاؤنا العقوبات المعادية لروسيا. يستحق هذا النهج المستقل احتراما كبيرا.

 

بطبيعة الحال، يطلب الوضع الجيوسياسي الحالي تعديل الآليات لتعاوننا وبالأخص في مجال ضمان عمل الوسائل اللوجستية دون أية عوائق وتشغيل نظام المدفوعات المحمية من التدخل الخارجي. تتخذ روسيا مع شركائها الخطوات لتوسيع استخدام العملات الوطنية ونظم المدفوعات. نؤكد التخفيض التدريجي لحصة الدولار واليورو في التجارة المتبادلة. وندعم بشكل مبدئي إقامة النظام المالي المستقل والفعال والمنيع لتأثير دول غير صديقة.

 

وتصبح كذلك من أولوياتنا مهمة جلب الجهات الاقتصادية الفاعلة الروسية والأفريقية الى أسواق بعضها البعض وتشجيع مشاركتها في المشاريع في مجال البنية التحتية. وننطلق من أن عقد القمة الروسية الأفريقية الثانية سيسهم في تحقيق هذه المهام والمهام الاخرى. والآن بدأنا مع الأصدقاء الأفارقة في تطوير محتوياتها الموضوعية.

 

وتحتل مسائل ضمان الأمن الغذائي اليوم مكانا بارزا في جدول الأعمال العالمي. ونفهم جيدا أهمية الواردات الروسية للمنتجات ذات الاهمية الاجتماعية بما في ذلك البضائع الغذائية للكثير من الدول. ونفهم ان هذه الواردات تلعب دورا مهما في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.

 

دعاية أوكرانيا

وأود أن أشدد على انه لا يوجد الأساس للدعاية الغربية والأوكرانية حول تصدير الجوع من قبل روسيا. وفي الواقع ان هذا التلاعب يمثل محاولة أخرى لنقل المسئولية على الطرف الأخر وقلبها رأسا على عقب. ومن المعروف جيدا انه حتى في فترة أزمة كورونا قد حصل الغرب بشكل جماعى، باستخدام آلية إصدار العمل، على السيطرة على تدفقات السلع والأغذية وساهم نتيجة لذلك في تدهور الوضع في البلدان التي تعتمد على الواردات الغذائية. وهذا ما حدث بالضبط عندما بدأ يصعب الوضع في السوق الغذائية. وقد أدت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا في الأشهر الأخيرة إلى تفاقم هذه الاتجاهات السلبية بشكل إضافي.

 

يجب على جميع أصدقائنا الأفارقة أن يفهموا ان روسيا ستواصل بضمير الوفاء بالتزاماتها في إطار العقود الدولية المبرمة في مجال واردات الغذاء والسماد والطاقة والسلع الأخرى المهمة للغاية لأفريقيا. ويقوم الجانب الروسي باتخاذ جميع التدابير الضرورية لذلك.

 

ستواصل موسكو ممارسة سياسة خارجية سليمة ولعب دور متوازن في الشؤون الدولية. هذا وستدافع روسيا عن التعاون الواسع المتساوي بين الدول على أساس ميثاق الأمم المتحدة، وقبل كل شيء على مبدأ المساواة في السيادة بين الدول. سنمشي قدمًا في تعزيز التعاون المثمر مع الشركاء الأجانب الذين يظهرون استعدادًا متزايدًا لذلك.

في هذا السياق، نؤكد أن العلاقات الروسية الأفريقية – سواء كانت سياسية أو إنسانية أو تجارية واستثمارية – لها قيمة ذاتية ولا تعتمد على التقلبات في الوضع الدولي. يسعدنا أن أصدقاءنا الأفارقة يلتزمون بالموقف المشابه. سوف لا نكون إلا أقوى معًا.

الجريدة الرسمية