رئيس التحرير
عصام كامل

عمر بن الخطاب في بيت المقدس


ترامت أنباء الصلح الذي وقعه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- مع أهل إيلياء إلى سائر مدن فلسطين، وأرادت كل مدينة أن تعقد مثل هذا الصلح مع الفاروق..


وبعد أن استقرت الأمور قسّم عمر فلسطين إلى قسمين، وعين علقمة بن حكيم حاكما على الرملة وما معها، كما عين علقمة بن منذر حاكما على إيلياء وما معها.

وأراد عمر أن يذهب إلى بيت المقدس، واصطحب معه عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة -رضي الله عنهما- وركب بعيره وعليه ثوبه، وكان به أربع عشرة رقعة، فأشار عليه أصحابه بأن يلبس ثيابا بيضاء، وأن يركب جوادا بدلا من بعيره الهزيل.. فوافق عمر، ووضع على كتفيه منديلا أو شالًا قدمه له أبو عبيدة بن الجراح- رضي الله عنه.. ولكن الفاروق استشعر الخيلاء.. فنزل عن جواده، وخلع الملابس البيضاء، وعاد إلى ثيابه الرقعاء، وركب بعيره المتعب من الرحلة الطويلة الشاقة من المدينة المنورة وحتى فلسطين، وسار حتى وصل إلى بيت المقدس، بهذا المنظر الذي لم تألفه العين- التي تعودت أن ترى الملوك في أبهى زينة ولا تسير إلا في مواكب فخمة.

استقبل البطريرك "صوفنيوس" وكبار رجاله عمر بن الخطاب.. فتلطف إليهم الفاروق، وأدناهم منه، وحدثهم بحديث التواضع والسماحة والود والرحمة، وليس حديث المنتصر المتكبر المتجبر؛ مما أدخل محبته في قلوبهم..

وعندما دخل عمر بيت المقدس طلب من أصحابه وقادة الجيش وأمرائه أن يذهب كل منهم إلى شأنه، على أن يلقوه في صباح اليوم التالى.. فلما خلا إلى نفسه صلى ركعتي شكر لله على ما أنعم به عليه.

وفي اليوم التالي جاءه البطريرك وسار معه ليطلعه على بيت المقدس، ومواطن الحج فيه، وآثاره، ومنها كنيسة القيامة.. وبينما عمر في الكنيسة إذ حانت صلاة الظهر، فطلب منه البطريرك أن يصلي في الكنيسة، ولكن عمر رفض وطلب أن يمدوا له بساطا خارج الكنيسة للصلاة في مكان قريب من الصخرة المقدسة..

وعلل عمر رفضه للصلاة في كنيسة القيامة بأنه لو فعل ذلك لسار المسلمون على نهجه، وسيتخذون الكنائس مساجد، وربما يطردون أهلها منها.. وبالتالي فإنهم سيخالفون العهد الذي أمّنهم فيه الفاروق على كنائسهم وصلبانهم وعقيدتهم.

وللحديث بقية إن شاء الله..
الجريدة الرسمية