انفراد.. قصة جريمة تعذيب عمرها 4 سنوات فى قسم حلوان.. المتهمان قيدا المجنى عليهما وركلاهما بكعب الحذاء

تواصل وزارة الداخلية الضرب بيد من حديد على كل مخالفات لأفرادها والمنسوبين إليها احتراما لسيادة القانون وللمواطنين، إذ تصمم الداخلية بعزيمة لا تلين، بأن لا تكون أفعال هؤلاء عائقا أمام مسيرتها التطويرية التى تضع حماية الأرواح والأعراض وكرامة المواطنين ومنع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة على رأس أولويات أهدافها ودورها الوطنى، ومن أجل ترسيخ هذه القيم تحاسب من يخل بها.

ما ننشره فى هذا التقرير هو حالة فردية تصدت لها وزارة الداخلية، وجرى إحالتها إلى قطاع التفتيش، ومنه إلى النيابة العامة التى أحالتها بدورها إلى محكمة جنايات القاهرة.

بداية القصة

القصة تتلخص فى رئيس مباحث قسم شرطة حلوان الأسبق المقدم هانى أبو علم، والبلوكامين هانى عبد العزيز، والصادر ضدهما حكم منذ أيام حضوريا للأول، وغيابيا للثانى بالسجن 7 سنوات، لاتهامهما بتعذيب مواطنين داخل قسم حلوان، مما أسفر عن مصرع أحدهما وإصابة الآخر.

حملت القضية رقم 17641 لسنة 2019 وقيدت برقم 2153 لسنة 2019 كلى حلوان، واستمر التحقيق فيها وتداولتها محكمة جنايات القاهرة 4 سنوات بعد أن اتهمت النيابة العامة المتهمين بأنهما فى يوم 25 يونيو 2019 ضربا المجنى عليه وليد محمد عبد العظيم عمدا بأن كبلا يديه وقدميه خلفا وانهالا عليه ركلا بالأقدام، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم يقصدا قتله، ولكن الضرب أفضى إلى موته.

كما استعمل المتهمان كونهما موظفي عموم القسوة مع المجنى عليه الثانى سيد محمد محمد على عبد النبى بأن تعديا عليه ضربا فأحدثا ما به من إصابات.

تشير أوراق القضية إلى الساعات الأولى من صباح يوم 25 يونيو 2019، وتحديدا طرقة مباحث قسم شرطة حلوان، حيث تعدى المتهمان ركلا بمقدمة حذائيهما لجنب وظهر المجنى عليه وليد المنبطح أرضا على وجهه، بعد أن جرى تقييد يديه بقيد حديدى للخلف لعدم كفه عن الصياح والسب والاستغاثة.

ظل بمكانه على هذا الوضع لقرابة الساعات الأولى من صباح اليوم التالى 26 يونيو 2019، أي ما يدنو من 24 ساعة وحينها أصبح يتقيأ دما ويفقد الوعى وفقا لشهادة الملازم أول كريم محمد، رئيس التحقيقات وقتها بالقسم، وأمين الشرطة محمد درويش بمباحث القسم.

جرى التأكد من تلك الشهادة بمناظرة جثمان المجنى عليه وليد بمعرفة رجال المباحث، إذ تبين احتواء الجثة على إصابات حيوية حديثة من بينها ثلاث سحجات محمرة، كل منها خطية الشكل مستعرضة الوضع تقع بظاهر الرسغ الأيمن بطول 0.5 سم، وهى إصابات ذات طبيعة احتكاكية حيوية حديثة.

وأشار شكلها وموضعها إلى كونها من أثر تقييد، وبإجراء التشريح تبين إصابة المجنى عليه بسحجات دموية غزيرة أسفل يمين البطن والظهر مع وجود ثقب بجانب أحد جزئى الأمعاء الدقيقة بقطر حوال 0.8 سم والتهاب بريتونى حاد شديد بأجزاء الأمعاء والمساريقا وأرجعت الوفاة للإصابة الرضية بيمين البطن والظهر، وما أحدثته من ثقب بالأمعاء الدقيقة، نتج عنه حدوث التهاب بريتونى حاد شديد بتجويف البطن وصدمة أدت للوفاة.

أدلة الإدانة

شملت أدلة إدانة المتهمين هرولتهما إلى طمس علامات الجريمة، وذلك من خلال انتزاع كاميرات المراقبة بوحدة المباحث التى سجلت الواقعة، وهو ما شهد به أمين الشرطة محمد درويش وعامل النظافة أحمد محمد، والمجنى عليه الثانى سيد محمد محمد على عبد النبى، والذين أقروا بوجود كاميرات فى طرقة المباحث وجرى رفعها بعد وفاة المجنى عليه الأول.

كما تأكدت تلك الشهادة من خلال أمين الشرطة محمد جلال عبد الرحمن إبراهيم الديب بمباحث قسم حلوان، ورقيب الشرطة حمادة صلاح محمد الطوخى بمباحث قسم حلوان، وأقرا بأن الواقعة جرى تصويرها بكاميرات وحدة المباحث، إلا أنه بعد وفاة المجنى عليه أمر المتهم الأول فى حضور المتهم الثانى برفع الكاميرات، واستدعى النقاش عصام لوضع مسامير تثبيت الكاميرات بعد انتزاعها وأخفاها المجند محمود منصور، ثم انصرف النقاش بعد ملاحظته حالة من القلق وأصوات مرتفعة بالصياح لوفاة أحد.

وبانتقال النيابة العامة لمعاينة قسم الشرطة تبين وجود آثار حديثة لطلاء الحوائط وانتزاع الكاميرات، مما يثبت محاولة المتهمين طمس أدلة القضية، كما جاء فى تقرير الطب الشرعى للمجنى عليه الأول وليد، وخاصة بتشريح الرأس والوجه والعنق والصدر والظهر والبطن والحوض والأطراف، وأثبت أن هناك انسكابا دمويا أبعاده 3× 3 سم يمين فروة الرأس.

كما تبين وجود انسكاب دموى بخلفية فروة الرأس أبعاده 5×5 سم واحتقان بالأوعية الدموية للمخ وجوهره وتجاويفه وانسكابات دموية مقابل الكدمات الموصوفة بأعلى يسار الظهر وبأعلى منتصف خلفية الكتف الأيمن وانسكابات دموية غزيرة بأسفل يمنى البطن وتمتد للجانب الأيمن وأسفل يمين الظهر، وهذه الانسكابات ممتدة بجميع العضلات السطحية والعميقة للبطن والظهر مع وجود التهاب بريتونى شديد بتجويف البطن والأمعاء الدقيقة تعلوها نقاط بيضاء مصفرة مع وجود ثقب فى الأمعاء الدقيقة وسوائل مدممة تملأ التجويف البطنى تقدر بنحو 630 ملي.

اتضح أيضًا وجود انسكابات دموية مقابل الكدمات الموصوفة بأعلى العضد الأيمن ومنتصف وأسفل العضد الأيمن ومنتصف العضد الأيسر وأعلى العضد الأيسر وخلفية المرفق الأيسر وأعلى وحشة الفخذ الأيمن والأيسر وأمامية الركبة والساق اليسرى.

وجاء فى شهادة محمد جلال عبد الرحمن 34 سنة، أمين شرطة بمديرية أمن كفر الشيخ حاليا، وسابقا بمباحث قسم شرطة حلوان، أنه منذ تاريخ تعيينه فى عام 2007 كلفه النقيب محمود سعداوى محمد بمباحث القسم بمهمة الطواف والمرور بشرق حلوان نظرا لانتشار وقائع السرقات بالإكراه.

انطلق الأمين فى حدود الساعة 11 ليلا يوم 24 يونيو 2019 بطريق تولى رئاسته وبصحبته كل من أمين الشرطة وائل عثمان وعريف الشرطة يوسف عبد الظهير، ورقيب الشرطة حمادة صلاح مستقلين حافلة نقل ركاب ميكروباص يقودها شخص يدعى صدام على وكان يتابعهم هاتفيا نفس الضابط الذى كان يمر فى ذات الوقت بمنطقة عرب حلوان لانشغال باقى الضباط بوحدة المباحث ببطولة كأس الأمم الأفريقية.

وفى غضون الساعة الثانية من صباح يوم 25 يونيو 2019 بمنطقة مساكن أطلس فى ناحية المثلث بدائرة القسم شاهدوا المجنى عليهما يقفان بجوار سيارة ملاكى، فاستعلم منهما عن سبب تواجدهما واشتم انبعاث رائحة كحول من فم المجنى عليه الأول فعاتبه، إلا أن الأخير ثار وانهال بعبارات قذف، فاستطاع مع زملائه حمل المجنى عليهما على ركوب السيارة المرافقة لهم، فى حين ظل المجنى عليه الأول مستمرا فى ثورته ونعتهم بألفاظ نابية.

قيدوا يديه وتواصل هاتفيا مع النقيب محمود سعداوى وأحاطه بالواقعة فأبلغه بنقلهما للوحدة وسلمهما للأمين سيد صالح بطرقة المباحث وانصرفوا لاستكمال مرورهم، إلا أنه بعد عشر دقائق هاتفه النقيب محمود سعداوى وأمره بالعودة للقسم لإرشاده عن مكان سيارة المجنى عليهما فاستجابوا لهذا وما إن عاد لوحدة المباحث ومعه رقيب الشرطة حمادة صلاح دون كل من أمين الشرطة وائل عثمان وعريف الشرطة يوسف عبد النظير ظلا بالسيارة أمام القسم حتى أبصر المجنى عليهما كل منهما مكلبش اليدين ويرقد على وجهه أرضا ويضربهما المتهمان بأقدامهما فى أنحاء متفرقة من جسميهما.

بينما أقر مساعد الشرطة كحلاوى محمد بأنه أثناء تواجده بغرفة التحفظ الإدارى قام المجنى عليهما بالتشاجر معه، فخرج المتهم الأول من مكتبته وبرفقته المتهم الثانى وقيدهما كحلاوى محمد وأرقدهما على وجههما وتعدى المتهم الأول على المجنى عليه الأول بالضرب كثيرا بكعب وسن حذائه فى ضلوعه وجنبيه وبطنه، ثم وقف بقدميه ودهس ظهره وفى ذات الوقت كان المتهم الثانى يصفع كالمتهم الأول وباستفساره عن السبب أرجع فعل المتهمين لتأديب المجنى عليه الأول لرده عليهما.

وبسؤال المتهم الأول هانى أبو علم بمعرفة النيابة العامة، أنكر ما نسب إليه من اتهامات، وأوضح بأنه حرر محضرا بالواقعة بعدما أخبره كل من أمينى الشرطة محمد جلال عبد الرحمن ووائل عثمان محمد شعبان وعريف الشرطة يوسف عبد النظير، بأنه حال مرورهم بمنطقة المثلث بدائرة قسم شرطة حلوان أبصروا المجنى عليهما يتواريان عن الأنظار فاتجهوا نحوهما واشتموا رائحة مشروبات كحولية تنبعث من فم كل منهما.

وأضاف: بمناقشتهما تحدثا بطريقة غير متزنة وبتفتيش السيارة رقم "ف ب ر 673" ماركة شيفورليه لانوس تخص المجنى عليه الأول عثروا على ثلاث زجاجات لمشروب كحولى، وأثناء محاولة اصطحابهما لديوان القسم اعترض المجنى عليهما، ونشبت مشادة تطورت إلى اعتداء كل منهما على أفراد الشرطة مما دفعهم لاستخدام قدر من القوة لإحكام السيطرة عليهما.

وأشار إلى أن أفراد الشرطة أبلغوه بأنهم حال اقتيادهم للمجنى عليهما، قرر لهم الأول بأنه زميل لهم، لكنهم علموا أنه يعمل بهيئة النقل العام فدفع أمين الشرطة محمد جلال بيده المجنى عليه الأول فى وجهه، وأثناء تفتيش رقيب الشرطة حمادة صلاح للسيارة بادر المجنى عليه الأول بالشد معه وحدثت مشادة ثانية وتطورت لمشاجرة وتشابك بالأيدى بين الأمين محمد جلال والرقيب حمادة صلاح والمجنى عليه الأول وتدخل المجنى عليه الثانى مع فردى الشرطة وليد يوسف ووائل عثمان لكنهم سيطروا عليه.

إلا أن حمادة صلاح والمجنى عليه الأول تضاربا وسقطا أرضا فوق بعضهما لدقائق حتى أمسك بثياب أمين الشرطة محمد جلال ومزقها وأصابه، لكن تمكن محمد جلال وحمادة صلاح من إجبار المجنى عليه الأول على استقلال السيارة، وظل يسب ويجرى أعمال شغب حتى كلبشه الأمناء من يديه للخلف ووصلوا بهما للقسم فى غضون الساعة الثالثة من صباح يوم 25 يونيو 2019 وأرجع قيام أفراد الشرطة للمرور دون ضباط لوجود عجز فى الضباط، لكن كان يتابعهم النقيب محمود سعداوى، على حد قوله فى شهادته على الجريمة.

نقلًا عن العدد الورقي…