الجنسية وإيفاد المعلمين.. روسيا تبدأ الاحتلال الناعم لأوكرانيا.. تصحيح النظرة التاريخية وعودة المواطنين لحضن الأم السوفييتية
اتخذت روسيا ثالث القرارات الحاسمة حيال الأزمة الأوكرانية والقاضي بإرسال معلمين من روسيا إلى كييف لتصحيح المفاهيم وتنقيح التاريخ؛ في خطوة تعد ثالث تصرف فاعل من وجهة النظر الروسية بعد إقرار الروبل كعملة رسمية وكذا منح الجنسية الروسية للمواطنين الأوكرانيين.
حقبة الهيمنة السوفييتية
ويعيد ذلك القرار الروسي الأخير للأذهان حقبة الهيمنة السوفييتية على الأراضي الأوكرانية ومن خلفها أوروبا الشرقية في ظل حرب استقطاب الحلفاء ما بين الشرق والغرب.
وبدأت القصة بمطالبات من الحكومة الروسية للمعلمين بالذهاب إلى الأماكن التى تسيطر عليها موسكو داخل الأراضي الأوكرانية لتصحيح النظرة التاريخية لموسكو هناك، ووعدت المعلمين برواتب طائلة في حالة الذهاب إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها في أوكرانيا.
ووفقا لتقرير أعدته صحيفة "واشنطن بوست"، كان العرض بالنسبة لبعض المعلمين في تشوفاشيا، وهي منطقة تقع على بعد حوالي 650 كيلومترا شرق موسكو، مغريًا.
وقدرت الصحيفة الأمريكية، متوسط الراتب الشهري في المنطقة حوالي 550 دولارًا، لكن الراتب المحتمل الذي أعلن عنه مدير مدرسة في اجتماع لمعلمي تشوفاشيا كان أكثر من 2900 دولار شهريًا مقابل العمل بأوكرانيا.
وتبذل موسكو جهودًا مكثفة لإحلال الثقافة والمواطنة الروسية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بدءا من المناهج الدراسية وما يتعلمه الأطفال في المدارس.
وكان وزير التعليم الروسي سيرجي كرافتسوف قد أعلن في اجتماع 28 يونيو لحزب روسيا الموحدة الذي يتزعمه الرئيس فلاديمير بوتين، إن التعليم الأوكراني "يجب تصحيحه".
لكن جهود الكرملين امتدت إلى ما هو أبعد من المدارس، حيث قامت بحظر شبكة الهاتف المحمول الأوكرانية ووسائل الإعلام في المناطق التي تسيطر عليها.
وقامت روسيا بإزالة لافتات المدن الأوكرانية واستبدالها بأخرى روسية.
جمهورية داغستان
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن ما يقرب من 250 مدرسًا، بينهم 57 من جمهورية داغستان في جنوب روسيا، سجلوا أسماءهم للذهاب إلى أوكرانيا، وسيوزعون على المناطق التي تدعمها موسكو في لوهانسك ودونيتسك وزاباروجيا.
وأعلنت الوزارة عن زيادة هائلة في الأجور بمقدار 8000 روبل في اليوم، أي حوالي 137 دولارًا، بالإضافة إلى رواتب المعلمين الحالية.
وبررت وزارة التعليم الروسية إرسال المدرسين بتقديم "معايير روسية عالية الجودة حتى تعمل المدارس بشكل صحيح".
ونقلت وسائل الإعلام الروسية المستقلة "عقدة القوقاز" عن متحدث باسم وزارة داغستان قوله إن الأمر بتجنيد المعلمين جاء مساء يوم 6 يوليو، ولم يمهلها سوى يومين للحصول على إجابات.
وأكد وزير التعليم كرافتسوف، أحد أبرز المؤيدين لمشروع بوتين، عزم موسكو على تعليم الأطفال الأوكرانيين النسخة الروسية من تاريخ الدول.
وقال للصحفيين الروس في زيارة للمناطق الخاضعة لهيمنة روسيا: "المهمة الرئيسية هي إخبار طلاب المدارس بالحقيقة الكاملة، الحقيقة بشأن شعبينا الشقيقين، وعن الإنجازات والانتصارات المشتركة."
الحصول على الجنسية الروسية
ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرسوما رسيما يتم بموجبه تطبيق إجراءات لحصول سكان جمهورتي دونيتسك ولوغانسك، ومنطقتي زابوروجيا وخيرسون في أوكرانيا على الجنسية الروسية.
وينص المرسوم "جميع سكان جمهورتي دونيتسك ولوجانسك، ومنطقتي زابوروجيا وخيرسون في أوكرانيا، لديهم الحق في التقدم بطلب للحصول على جنسية الاتحاد الروسي بطريقة مبسطة وفقا للجزء الثامن من المادة الـ14 من القانون الاتحادي الصادر في الـ31 من مايو 2002".
وجاء في المرسوم أيضا "يجب أن يتم النظر في طلبات قبول جنسية الاتحاد الروسي للمتقدمين واعتماد قرارات بشأنها في غضون فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب وتقديم المستندات".
وبموجب مرسوم بوتين، فتحت موسكو الباب أمام الأوكرانيين في جميع أنحاء البلاد للتسجيل للحصول على جوازات سفر روسية.
كما أعلنت سلطات زابوروجيا الانفصالية أنها تريد أن تكون جزءا من روسيا.
وقال عضو المجلس الرئيسي للإدارة العسكرية المدنية لمنطقة زابوروجيا الموالي لروسيا، فلاديمير روجوف "لا يوجد لمنطقة زابوروجيا سوى مستقبل واحد، يجب أن تصبح جزءا من روسيا، ويجب أن تصبح منطقة كاملة الأهلية للاتحاد الروسي.، ولا نحتاج إلى أي مناطق رمادية ولا نحتاج إلى جمهورية زابوروجيا الشعبية، نريد أن نكون جزءا من روسيا، كما كنا دائما منذ مئات السنين".
كما قال مسؤولون روس، إن منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا، التي توفر جسرا بريا إلى شبه جزيرة القرم، ستصبح على الأرجح جزءا من روسيا.
وكانت فرضت روسيا كلمتها على أرض في أوكرانيا على الرغم من استمرار العملية العسكرية في كييف بعد إعلان اعتماد الروبل الروسي كعملة رسمية في منطقة خيرسون الأوكرانية في انسلاخ واضح للمنطقة عن الدولة الأم وضمها إلى روسيا.
اعتماد الروبل الروسي في خيرسون الاوكرانية
واعتمدت منطقة خيرسون الأوكرانية «الروبل الروسي» كعملة رسمية في البلاد بجانب الهريفنيا الأوكرانية (العملة الوطنية في أوكرانيا) بحسب سلطات المدينة الخاضعة لموسكو.
وكانت خيرسون أول مدينة كبرى تسقط في أيدي القوات الروسية، وذلك بعد إطلاق موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا، في 24 فبراير الماضي.
ومع توجه موسكو تجاه نظام التعليم في اوكرانيا تكشف روسيا استراتيجيتها لخلق جيل جديد من الاوكرانيين الاصدقاء بحسب وجهة النظر الروسية في تصرف يعيد للاذهان الحقبة السوفيتية والتي كانت فيها اوروبا الشرقية جزء لا يتجزء من روسيا الاتحادية.