فوائد المواظبة على أذكار الصباح
حرص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على قراءة أذكار الصّباح والمساء كلّما طلع عليه الصباح وأمسى عليه المساء، فمن اهتدى بهديه واقتدى بسنّته فقد حفظه الله بحفظه، وأعلى من شأنه، وأتمّ عليه نعمه، ووفقه لما يُحبه ويرضاه.
ورغّب الله -سبحانه وتعالى- عباده بالإكثار من ذكره في جميع أحوالهم، وأخبرهم بما يترتّب على ذلك من الفضل العظيم، وهو ذكر الله لمن يذكره، فجعل جزاء ذكره بأن يذكر من ذكره، فقال -تعالى-: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ* فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)، وإنّ ذكر الله لعبده أعلى شأنًا وأفضل مكانةً، فالله يذكر عباده في ملأٍ خيرٍ منه.
تحقيق الطمأنينة تخشع قلوب المؤمنين عند سماع ذكر الله، وتطمئن قلوبهم لما يسمعون من كلام الله، قال -تعالى-: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ).
التحصين من كل شر إنّ من أعظم ما يحمي الإنسان ويقيه ويحفظه من أن يمسه الشيطان بسوءٍ أو شرٍ؛ كثرة ذكر الله، والاستغفار، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وغيرها من الأذكار، قال -تعالى-: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
ومن أعظم الأذكار التي تُساعد على ذلك كثرة قراءة القرآن، فالشيطان يهاب ويهرب ممن يُكثر من قراءة القرآن، ذلك أنّ القرآن يأتي على الشيطان مثل الشهب فيهرب منه، كما لا يمكن للشّيطان أن يدخل بيتًا ويمكث فيه حين تلاوة سورة البقرة فيه لثلاثة أيام.
قوة القلب والروح
يؤدي الحرص على أداء الأذكار في الصباح والمساء إلى تشكيل هالةٍ من القوة حول المسلم، فيؤمن أنّ الأمر كلّه بيد الله وحده، وليس لأحدٍ من الخلق من الأمر شيءٌ، فيؤمن بالله ويتوكّل عليه، ويأخذ بالأسباب، ويستعين بالله وحده، دون الالتفات إلى غيره من الأسباب الضعيفة التي لا تُقدم نفعًا ولا تدفع ضُرًا.
وقد وصف ابن القيّم الذكر فقال: "هو قوت القلب والروح، إذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوّته"، ويُعدّ الذكر روح العبادات وأصلها، وأساس التشريع، وغاية التكليف، وعبودية القلب، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا).
منزلة الذاكرين الله كثيرًا
إذا حرص المسلم على ذكر الله في كل أحواله من القيام، والقعود، والاضطجاع، وفي الصباح والمساء، ودُبر الصلوات المفروضة، وكلّما غدا أو راح، وفي كلّ حالٍ ووقتٍ وحينٍ، فقد دخل في زمرة عباد الله الذاكرين الله كثيرًا.
وذلك تحقيقًا لقول الله -تعالى-: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، وقال مجاهد -رحمه الله-: "لا يكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات إلّا إذا ذكر الله قائمًا، وقاعدًا، ومضطجعًا".