زي النهاردة.. الصالح أيوب يتولى حكم مصر.. ويواجه زحف المغول
في مثل هذا اليوم من عام 1238 تولَّى الصالح أيوب حكم مصر بعد وفاة السلطان الكامل محمد بن العادل، ليصبح سابع سلاطين بني أيوب في مصر، وأول مَن أنشأ المماليك البحرية.
عن ميلاده ونشأته
كان الصالح أيوب ابنًا للسلطان الأيوبي الملك الكامل محمد، وهو شقيق السلطان العادل أبو بكر بن الكامل وحفيد السلطان الملك العادل أخو السلطان صلاح الدين الأيوبي.
كان والده الملك الكامل قد استقل بحكم بمصرعام 1218م ـ 615هـ بعد وفاة والده الملك العادل الذي قسَّم مملكته بين أولاده قبل وفاته وأعطى مصر للملك الكامل.
والملك الكامل هو مَن أكمل بناء قلعة الجبل التي بدأ في تشييدها عمُّه صلاح الدين الأيوبي، وكان أول مَن سكنها من ملوك مصر، وفيها وُلد الصالح أيوب في سنة 1205م.
الحملة الصليبية الخامسة
في سنة 1218م/615هـ، عندما كان الصالح أيوب طفلًا في الثانية عشرة من عمره، تعرضت مصر لحملة صليبية يقودها «جان دي بريين» ملك بيت المقدس، وكان ذلك تطورًا خطيرًا في الحروب الصليبية؛ إذ إن مصر منذ ذلك الحين أصبحت هدفًا للصليبيين الذين أدركوا إمكانياتها البشرية والاقتصادية وكونها حصن الإسلام ومصدر الإمدادات القوية الوفيرة من الرجال والسلاح.
حاول الصلبيون الاستيلاء عليها لاستعادة بيت المقدس وامتلاك الشام ولهذا تجمعت جيوش ممالك أوروبا في عكا ومنها أبحرت إلى مصر ونزلت بالبر الغربي من دمياط، وخرج الملك الكامل، والد الصالح أيوب، بالجيش إلى دمياط لمواجهة الصليبيين، إلا أن القوات الصليبية نجحت في الاستيلاء على برج دمياط، ولما سمع السلطان العادل ـ جَد الصالح أيوب بما حدث وكان وقتها مقيمًا ببرج الصفر في الشام، دق بيده على صدره أسفًا وحزنًا ومرض ومات بعد بضعة أيام.
موت العادل
بموت العادل خلص ملك مصر للملك الكامل محمد، ووقع عليه عبء الدفاع عن مصر لكن بعد حصار دام نحو ستة عشر شهرًا سقطت دمياط في أيدي الصليبيين فقتلوا سكانها وحوَّلوا جامعها إلى كنيسة، وحاول الصليبيون التقدم داخل الأراضي المصرية لكن حاصرهم المسلمون من كل الجهات حتى لحقت بهم الهزيمة فطلبوا الأمان مقابل رحيلهم عن دمياط.
سلمت دمياط للمسلمين في 8 سبتمبر 1221م، ودخلها الملك الكامل على رأس أخوته وقواده وأجناده وعقدت هدنة مداها ثمانية أعوام بين المسلمين والصليبيين، لكن بعد وقت قليل دخل الكامل في صراعات مع الملوك الأيوبيين في الشام.
في سنة 1235 توجه السلطان الكامل ومعه أخوه الملك الأشرف موسى صاحب دمشق إلى الشرق، وهزما الروم واستولى على حران والسويداء والرها وقطينا، ثم عاد الكامل إلى مصر وبدلًا من تسليم الأشرف حكم مصر سلَّم جميع بلاد الشرق لابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب؛ مما أغضب شقيقه بشدة وقرَّر التآمر عليه.
اتفق الأشرف مع ملوك حماة وحلب وغيرها على الانتقام من السلطان الكامل، إلا أن الأشرف مات بعد ذلك بقليل، ثم لحق به أخيه الكامل واستلم الصالح تركة أبيه في الحكم، وبينما تلك الأحداث جارية شن المغول أول هجوم لهم على بغداد سنة 1237م/635هـ ولكنهم فشلوا في الاستيلاء عليها.
رغم تزايد خطر المغول قويت شوكة الصالح أيوب، وأصبح عصره من أهم عصور المنطقة العربية؛ حيث شهد التصدي لتوغل المغول في الأراضي الإسلامية من الشرق، ومواجهة الهجمات الصليبية من الغرب، لكن كثرة الصراعات الداخلية الخطيرة بين ملوك بني أيوب انتهت بوفاة الصالح أيوب ومعها بزوغ نجم المماليك وتكوين دولتهم التي لعبت أدوارًا حاسمة في تاريخ الشرق الأدنى.