الاستقالة تطارد زعماء أوروبا.. دراجي على خطى بوريس جونسون
تشهد العواصم الأوروبية حالة من عدم الاستقرار وعدم اليقين خلفت أزمة ثقة بقياداتها السياسية بسبب التضخم وارتفاع الأسعار جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
أزمات سياسية
فبعد أزمة استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون شهدت روما اليوم تقدم رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي باستقالته للرئيس الايطالي سيرجو ماتاريلا ليكون بذلك ثاني زعيم أوروبي يسقط في القارة العجوز.
وأعلنت الرئاسة الإيطالية، أن ماتاريلا "لم يقبل استقالة دراجي، ودعاه إلى المثول أمام البرلمان، بغية تقييم للوضع" بعد مقاطعة حركة "خمس نجوم" عضو الائتلاف الحاكم جلسة تصويت على الثقة في الحكومة في مجلس الشيوخ.
وكان أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، الخميس، أنه سيقدم استقالته، وسط أزمة سياسية نجمت عن رفض حركة خمس نجوم المشاركة في تصويت على الثقة بالحكومة.
وقال دراجي خلال جلسة للحكومة: "أود أن أعلن أنني سأقدم هذا المساء استقالتي إلى الرئيس".
وأشار إلى أن الشروط اللازمة لاستمرار الائتلاف الحكومي "لم تعد قائمة" وأن "ميثاق الثقة الذي تقوم عليه الحكومة لم يعد موجودا".
وشغل ماريو دراجي منصب الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، بالإضافة إلى أنه كان رئيسًا للوزراء منذ فبراير 2021.
استقالة رئيس وزراء إيطاليا
وتستعد الأحزاب الإيطالية للقتال في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها بحلول أوائل عام 2023.
وأدى قرار حزب الخمس نجوم بمقاطعة التصويت على الثقة يوم الخميس إلى إغراق إيطاليا في حالة من عدم اليقين السياسي ويهدد بتقويض الجهود لتأمين المليارات من أموال الاتحاد الأوروبي ومعالجة الجفاف المدمر وتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
ورفع دراجي المخاطر بقوله إنه لا يريد أن يقود حكومة بدون 5 نجوم، الذي ظهر كأكبر حزب في الانتخابات السابقة في 2018 لكنه عانى منذ ذلك الحين من الانشقاقات وفقدان الدعم الشعبي.
وقد يؤدي ذلك إلى انتخابات وطنية في وقت مبكر من سبتمبر أو أكتوبر بعد أن قالت أحزاب ائتلافية أخرى إنه يجب إجراء تصويت إذا لم تعد فئة الخمس نجوم تدعم الحكومة.
وفي وقت سابق كشفت وسائل إعلام إيطالية إمكانية تقديم رئيس الحكومة ماريو دراجي الاستقالة، وذلك بعد قرار حركة 5 نجوم عدم التصويت على الثقة في مرسوم لدعم الشركات والأسر، وقالت صحيفة "البوست" الإيطالية إن توقعات الاستقالة تتزايد مع تعمق الأزمة الحكومية.
ووصف رئيس حركة خمس نجوم، جوزيبي كونتي مرسوم الحكومة لدعم القوة الشرائية للأسر بـ"إعلانات نوايا ليست كافية"، حيث لم تعد حركة خمس نجوم القوة السياسية الأكبر تمثيلا في البرلمان الإيطالي بعد انشقاق وزير الخارجية لويجي دي مايو وبرلمانيين آخرين، كما أن حكومة دراجي تتمتع بدعم واسع من أحزاب من يسار-الوسط ويمين-الوسط.
ولكن دراجي أعلن في وقت سابق أن حكومته لن تستمر إذا لم تحظ بدعم من كل قوى الأغلبية البرلمانية بمن فيها حركة خمس نجوم، وأنه لا يرغب في رئاسة حكومة جديدة بأغلبية مختلفة عن الحالية.
زعيم الحزب الديمقراطي الإيطالي
واقترح زعيم الحزب الديمقراطي الإيطالي، إنريكو ليتا، على دراجى، إعلان برنامج لحكومته توافق عليه القوى البرلمانية الداعمة له لقيادة البلاد خلال ما تبقى من فترة توليه المنصب المتبقية، وذلك على خلفية بوادر أزمة حكومية جديدة تلوح في الأفق، حسبما قالت صحيفة "المساجيرو" الإيطالية.
وقال ليتا اليوم الخميس: "الشيء الطبيعي أن يأتي رئيس الوزراء إلى البرلمان ويوضح مسارًا محتملًا للأشهر التسعة التي أمامنا، وتعلن الأحزاب السياسية (ضمن الائتلاف الحاكم) رأيها إن كان هذا المسار مقنعًا أم لا".
وأضاف ليتا، الذي يعتبر حزبه على رأس القوى السياسية الأكثر حماسًا ودعمًا لحكومة دراجي، ما سيقوله رئيس الوزراء في البرلمان الأسبوع المقبل سيكون حاسمًا بشأن إكمال الدورة التشريعية أو ذهاب الإيطاليين إلى صناديق الاقتراع للتصويت في انتخابات سياسية مبكرة.
وحركة خمس نجوم هي حركة سياسية معارضة حديثة الولادة أُسست في عام 2009 على يد كل من الممثل الكوميدي "بيبي جريللو" والمستشار في استراتيجيات الويب "جيانروبرتو كاساليجيو" ؛ وتم انتخاب "لويجي دي مايو" البالغ من العمر 31 عاما زعيما للحركة.
وتصف الحركة نفسها بـ "الشابة والشعبوية" والبديلة للأحزاب التقليدية، صعد نجمها بسرعة فائقة حيث فازت في يونيو 2016 في انتخابات بلدية روما.
وسرعان ما تصدرت الصحف المحلية والعالمية عندما سيطرت على المشهد السياسي الإيطالي في نتائج الانتخابات التشريعية لعام 2018.
وكسرت الحركة ثنائية اليسار الاشتراكي الديمقراطي واليمين الليبرالي اللتان استحوذتا على المشهد السياسي الإيطالي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
حركة خمس نجوم
وبرزت الحركة في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي تأثرت بها معظم الدول الأوروبية، فكانت الظروف ملائمة للالتفاف الجماهيري حولها، ولا تحبذ هذه الحركة إطلاق اسم حزب سياسي عليها لأنها ترى نفسها " نظيفة" ولا تتساوى مع الأحزاب التقليدية في السلطة التي تلاحقها شبهات الفساد واستغلال السلطة؛ فهي تفضل أن يبقى اسمها حركة شعبوية مناهضة للفساد والعنف.
وليس لدى الحركة أيديولوجية معينة، بل خليط من الأيديولوجيات التي تستمد أفكارها من التيار الشعبوي واليميني والبيئي، ولا يرغب أعضاؤها في تصنيفهم في خانة اليسار أو اليمين، كما ترفض التدخلات العسكرية الأوروبية والأمريكية في الشرق الأوسط وخاصة سوريا والعراق.
وتسعى الحركة إلى تغيير ما يسمى بـ "اتفاقية دوبلن" التي تنص على وجوب تقديم المهاجرين لطلبات لجوئهم في أول دولة يصلون إليها في الاتحاد الأوروبي؛ وخفض المساعدات للدول التي ترفض قبول المهاجرين، والبحث عن بدائل لعملة اليورو والتحالف مع دول أوروبا الجنوبية، ومعارضة سياسات التقشف، وحماية منتجات "صنع في إيطاليا".
كما تسعى إلى التمثيل النقابي الحر، ومشاركة العمال في صنع القرار، وتقصير يوم العمل، وتحفيز العمل بدوام جزئي.